أقلام وأراء

عمر حلمي الغول يكتب – كوشنير يقلب الحقائق

عمر حلمي الغول  – 18/8/2020

استمرارا لمواصلة قراءة مواقف وتداعيات التطبيع الخياني مع إسرائيل الاستعمارية، رأيت من الواجب الرد على ما صرح به مستشار الرئيس الأميركي، وصهره، جارد كوشنير لقناة (سي بي اس) الأميركية امس الأثنين الموافق 17/8/2020، حيث هاجم القيادة الفلسطينية، كونها دافعت عن قرارها وثوابتها الوطنية المعروفة للقاصي والداني في كل المعمورة، والمنسجمة مع قرارات الشرعية الدولية والقانون الدولي، ووصفها بـ”السيئة والإرهابية.” وقال المبتدئ في علم التاريخ والسياسة إن “الشعب الفلسطيني رهينة لقيادة سيئة، وقيادة إرهابية في غزة.” ولا أعرف إن كان هذا المستشار يعلم أو لا يعلم، ان قيادة الشعب العربي الفلسطيني الشرعية، هي قيادة منظمة التحرير الفلسطينية برئاسة الرئيس محمود عباس، وليست موجودة في غزة، وإن كانت وما زالت غزة جزءًا اصيلا من الشعب وجغرافية الدولة الفلسطينية. لأن قيادة حركة حماس، ليست حتى الآن جزءًا من القيادة الشرعية، وهو ادرى او يفترض أن يكون أخبروه بالكيفية التي جاءت بها للمشهد الفلسطيني، والتصعيد الجاري بمحاذاة الغلاف الحدودي، هو تصعيد مفتعل ومحسوب، وتضليلي. ام انه أراد من خلال الزج بإسم حركة حماس، التلويح غير المباشر لقيادة منظمة التحرير، بأن البديل جاهز، وهو موجود في غزة.

مع ذلك، فإن القيادة الشرعية تعمل جاهدة من اجل ردم الهوة داخل الصف الفلسطيني، وترميم الجسور، وإعادة الاعتبار للوحدة الوطنية مع حركتي حماس والجهاد، لتعزيز وحدة الصف الفلسطيني، والتأكيد على ان الشعب الفلسطيني موحدا خلف قيادته الشرعية برئاسة الرئيس ابو مازن، إلا اذا واصلت حركة حماس خيارها الانقلابي، ووضعت الذرائع الواهية في طريق الوحدة، ودست العصي في دواليب عربة المصالحة.

ويواصل صهر ترامب الساذج التغني بما تحقق من اختراق في الجبهة العربية الرسمية بالإعلان الثلاثي الأميركي الإسرائيلي الإماراتي يوم الخميس الماضي (13 آب/ أغسطس)، لاعتقاده انه حقق لسيد البيت الأبيض “إنجازا” غير مسبوق عشية الانتخابات الرئاسية، حيث وصف في مقابلته التطبيع الإماراتي المجاني والخياني بـ”الإنجاز التاريخي”، واضاف أن ما جرى يعتبر أول اتفاقية سلام توقع منذ 26 عاما في الشرق الأوسط. وتجاهل الصهيوني كوشنير، ان العلاقات التطبيعية المجانية بين الإمارات ودولة الاستعمار الإسرائيلية سابقة على ولاية حماه، والتنسيق قائم بين الدولتين على اكثر من مستوى وصعيد، وكانت تتم عملية إنضاجها على نار هادئة أسوة بدول خليجية أخرى أقامت علاقات تجارية وأمنية وفتحت مكاتب رسمية لدولة إسرائيل الخارجة على القانون منذ مؤتمر مدريد عام 1991 وبعد التوقيع على اتفاقية اوسلو 1993 واتفاقية وادي عربة 1994. وبالتالي ما يدعيه انجازا، لا يتعدى لحظة الإعلان الرسمية بين قيادة دولة الإمارات ودولة الاستعمار الإسرائيلية.

إذاً الحديث عن جهد الثلاثة اعوام ونصف العام، التي يدعي زوج إيفانكا، انه بذلها لبلوغ ما تم الإعلان عنه في الثالث عشر من اغسطس 2020 ليس سوى كذبة كبيرة. فالنظام الإماراتي وخاصة مع تربع ولي العهد، محمد بن زايد على رأس الحكم، بعدما اعتقل أخاه الحاكم الفعلي، خليفة بن زايد بادعاء المرض، كان مستعدا منذ زمن لهذه الخطوة. ولكنه كان ينتظر اللحظة المناسبة، فجاءت عملية تفجير مرفأ بيروت الإجرامية ليدخل من خلال غبارها ودخانها متاهة الخيانة الرسمية.

وعليه فإن التطبيع الإماراتي الإسرائيلي المجاني، والخطير، هو خطوة مهددة للسلام، عرض ويعرض النظام الرسمي العربي بشاكلته الراهنة للدفن حيا، وموته المعلن، وهي لحظة فارقة في التاريخ العربي الحديث، ستكون حسبما اعتقد، نهاية مرحلة من تاريخ العرب المعاصر، واندثار المنظومة العربية الرسمية، التي ولدت ونشأت بعد الحرب العالمية الثانية 1945، وبالضرورة ستأذن لانبثاق مرحلة جديدة تعيد الاعتبار للأمة العربية. وبالتالي كل الحكام العرب المنخرطون في متاهة التطبيع المجاني من فوق او تحت الطاولة ستتم محاكمتهم امواتا او احياءً أمام محاكم شعوبهم الأبية والأصيلة. وستعيد الشعوب العربية ونخبها الوطنية والقومية الديمقراطية الاعتبار للأمة العربية ومشروعها القومي النهضوي، وستحرر فلسطين من عار الصهيونية التاريخي، وستبني السلام العادل والمشروع بما يستجيب لمصالح وحقوق شعوب الأمة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى