أقلام وأراء

عمر حلمي الغول يكتب كاتب أميركي غبي ….!!

بقلم عمر حلمي الغول 18-8-2021م

نشر الكاتب الأميركي، مايكل هاستينغز بوست على احد المواقع الاجتماعية يقول فيه:” هؤلاء الأفغان لا يشاهدون التلفاز، ولا يعرفون شيئا عن أفلام “رامبو” و”جيمس بوند”، ولهذا فهم لا يخافوننا، انهم لا يرون فينا سوى دخلاء محتلين، ويجب ان يخرجونا مهما كلفهم الأمر، لهذا فكل اسلحتنا وحروبنا النفسية ضدهم لا تجدي نفعا.” مما قرأنا نلحظ، ان هذا الكاتب حاول تلخيص الصراع بين الشعوب وجلاديها بطريقة سطحية وساذجة، ولا تمت للحقيقة بصلة. وكأن الشعوب الواقعة تحت نير الإستعمار تحسب حسابا لإفلام “الكابوي” و”راعي البقر” و”رامبو” وكل الفبركات والالاعيب السينمائية الأميركية، التي صنعت من نموذج السوبرمان شخصية “فريدة” في القوة، و”القدرة” و”الذكاء” وعلى صنع “المستحيل”، الذي لا يقوى عليه أي إنسان آخر سوى الأميركي.

اضف إلى حرف دفاع الشعوب عن هويتها وموروثها الحضاري وثرواتها، وكأنه مرهون برؤيتها التلفاز من عدمه. وهو انعكاس لثقافة مبتذلة ومشوهة، ولا تمت للحقيقة بصلة. فالجماعات والاقوام والشعوب منذ بدء الخليقة لم يكن لديها لا العلم، ولا التلفاز، ولا أي من مظاهر العصر الحديث، ولكنها بالفطرة الإنسانية وتوقها للحرية، ودفاعها عن حياض القبيلة والعشيرة في البدايات الأولى، ومن ثم عبر تنامي وتطور هوياتها الدينية والجيوبوليتكية  دافعت عن ذاتها، وعن كينونتها ومصيرها ضد كل غاز أو محتل بغض النظر عن اسمه وهويته وقوته وجبروته. ولم تذعن الشعوب يوما لقوة استعمارية مهما علا شأنها.

وعليه فإن اعتقاد المثقف الأميركي الغبي، يعكس ثقافتة الهلامية المتعفنة والتافهة، التي لا تمت للواقع بصلة. لإن الشعوب لا تخشى اعداءها، ولا تهابهم، ولا تعدم وسيلة للدفاع عن ذاتها ومصيرها ومستقبل اجيالها. ومن يعتقد ان التلفاز او السينما ستخيف الشعوب المظلومة والمضطهدة، يكون ناقص عقل وفكر وثقافة ومعرفة، ويجهل تاريخ كفاح الشعوب منذ ولدت ونشأت البشرية حتى آخر يوم في تاريخ المعمورة والمجتمعات الإنسانية.

نعم السينما والتلفاز ووسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي تلعب دورا في نشر الوعي بين بني البشر، وتؤصل لوعي الناس. ولكن تلك الوسائل والأسلحة لا تستأصل الوعي القومي للجماهير، ولا تلغي بديهيات واولويات حقها الإنساني في حياة حرة ومستقلة وفق خصائصها وشروطها وسماتها التاريخية والثقافية، وبالتالي تستطيع بعفويتها وحكمتها وتجربتها الفرز بين الغث والسمين، وبين الثقافة الصفراء والثقافة الملتزمة، بين المنطق واللامنطق. ولا ولم تحتاج شعوب العالم لمدارس وجامعات ومعاهد لتعرف الحق من الباطل، ولتفرز بين العلاقات الإيجابية والسلبية، بين المستعمرين وغير المستعمرين، بين الحياة الكريمة والحياة البائسة، حياة الذل والمهانة الإستعمارية .

والأفغان شعب عظيم إسوة بشعوب الأرض، بغض النظر عن لوثة إمارة طالبان، التي جاءت مجددا عبر اتفاق واضح وصريح بين قيادة الحركة والولايات المتحدة. إذا الشعب الأفغاني لن يرفع الراية لا لطالبان ولا لإمارتها الإنكشارية، ولا لإي قوة إستعمارية بثوبها وشكلها القديم او الحديث، وسيدافعون عن استقلال وسيادة بلدهم، وحرية أبناء الشعب من النساء والرجال، ولن يسمحوا لإميركا نهب خيراتهم أكثر مما نهبت خلال العقدين الماضيين.

وبالقراءة العقلية المنطقية فإن الشعب الأفغاني وقواه الوطنية والمدنية الديمقراطية سيتمكن في المستقبل غير البعيد من إيجاد الوسائل والاليات والاطر للخروج من نفق اللعبة الأميركية الطالبانية، وبناء دولته المستقلة وذات السيادة الكاملة. إن التاريخ لا ولن يتوقف عند اللحظة الراهنة، ولا عند حدود السيناريو الأميركي الطالباني، وسيتحرك مع حركة وتطور سيرورة الأحداث واحلام وطموحات الشعب الأفغاني.

وكلمة أخيرة للكاتب هاستينغز لا تهرف بما لا تعرف. وتذكر جيدا ان “رامبو” و”راعي البقر” و”السوبرمان” لم يعد يخيف احدا، ومرحلة الهندي الأحمر، واستلاب الشعوب حريتها وكرامتها بات من الماضي، وامبراطويتكم تسير بخطى حثيثة نحو الأفول، لإن الخط البياني آخذ في الإنحدار.

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى