أقلام وأراء

عمر حلمي الغول يكتب – طبول حرب الإنتخابات تَقرع

عمر حلمي الغول – 29/11/2020

منذ تشكلت الحكومة الإسرائيلية الحالية في نيسان / ابريل الماضي (2020) وملف الإنتخابات الرابعة خلال سنتين لم يغب عن المشهد الإسرائيلي، رغم كل التضميدات بقيت رياح الإنتخابات تطوح حكومة الرأس ونصف، لإنها قامت على اللاثقة بين مكوناتها، وعلى الحسابات الشخصية الضيقة والصغيرة، وليس لإن الكورونا سَّرع في وجودها. ومن تابع تطور مسار حكومة نتنياهو الخامسة، لاحظ ان موضوع الموازنة لعام أو لعامين، وغيرها من عناوين المحاصصة بين رئيس الوزراء، المتهم بثلاث قضايا فساد ورشوة وإحتيال ووزير الحرب وحزبيهما (الليكود وازرق ابيض) تطفو على السطح بين الحين والآخر، حتى ان تيار هام في حزب “مناعة إسرائيل” هدد بالإنشقاق إن لم يتم تفكيك الحكومة حسب تقرير للكاتب شالوم يروشالمي نشر في موقع “زمن إسرائيل” يوم الخميس الموافق 12 من نوفمبر الحالي جاء فيه : أن “مسؤولين بحزب ازرق ابيض .. هددوا بالإستقالة إذا استسلم زعيمهم، بيني غانتس لرئيس الوزراء، نتنياهو” واضاف الكاتب ” إذا لم يمرر نتنياهو ميزانية 2021 “فهو يرتكب جريمة إقتصادية وإجتماعية ضد الإسرائيليين. وهذا البيان لا رجوع فيه، وإذا إستسلم هذة المرة ايضا، فسوف ينشقون عن الحزب، ويشكلون فصيلا جديدا.” وتابع كاتبا “قادة ازرق ابيض يعتقدون أن الحكومة بحاجة للتفكيك، عقب تصريحات غانتس، التي اعلن فيها، انه انضم للحكومة كشريك لصالح ألإسرائيليين، وليس شريكا في الجريمة ألإقتصادية والإجتماعية ضدهم. لا سيما وان الخزينة الحكومية ميزانيتها جاهزة لعام 2021، وباتت الساعة الرملية تنفذ، ولم يعد الكثير لنفعله لمنع الكارثة الإقتصادية والإجتماعية.” ونقل عنهم أن هذة الحكومة هي “الأسوأ في تاريخ إسرائيل، وكل يوم إضافي من بقائنا فيها كارثة.”

هذا وكشفت قناة “كان” الإسرائيلية الثلاثاء الموافق 24 نوفمبر الحالي، ان اعضاء حزب “مناعة إسرائيل” يفكرون في إصدار قانون لحل الكنيست هذا الإسبوع (يوم الأربعاء القادم)، ليقودوا هم الخطوة، وليس حزب “هناك مستقبل” بقيادة يائير لبيد، الذي لوح بتقديم مشروع قانون بحل الكنيست في ذات اليوم. وفي ذات السياق اوضح الجنرال غانتس في محادثة مع اعضاء حزبه، انه ” لا يرى كيف تتغير مسألة اداء الحكومة، لذلك نحن في طريقنا إلى الإنتخابات.” وبنتيجة ذلك، فإن اعضاء الحزبين في ازرق ابيض والليكود وصلوا إلى قناعة، بأن زواج المتعة بينهما وصل إلى طريق مسدود، وأن “القصة انتهت بالفعل، ولا توجد وسيلة لمنع الإنتخابات.”  وهذا ما اكده وزير العلوم، يتسهار شاي مخول لبن “إن الحزب سينظر في التصويت مع “هناك مستقبل” على إقتراح الفض” واضاف “سنتعاون مع كل من لديه قاسم مشترك معنا”.

وبالإضافة لملف الموازنة، فإن خطوة وزير الحرب بتشكيل لجنة حكومية للتحقيق في قضية الغواصات الألمانية الأسبوع الماضي، شكلت تعميقا للتناقضات بين الحزبين والقيادتين، خاصة وان غانتس أعتبرها في محادثة مغلقة “ليست سوى الضربة الأولى” مضيفا أننا “لن نتردد في استخدام كل إمكانياتنا في الكنيست ايضا” بيد انه ابقى الباب مواربا للبقاء في الحكومة.

ومع ذلك لا يجوز الرهان على غانتس في خياره، لإنه يناور، ويسعى للمحافظة على الحكومة، وعيونه مازالت ترنو إلى تولي رئاستها، التي لن يسمح بها بيبي نهائيا، ولن يمنحه هذا الشرف، لإن القلوب مليانة، وثعلب شارع بلفور ليس مستعدا للوفاء بأي إلتزام قطعه على نفسه للجنرال الغر. ولهذا قالت قناة “كان” إن “غانتس لم يقرر نهائيا بشأن حل الكنيست،” لكن ما بين الرغبة بالمراوحة داخل الحكومة والذهاب للإنتخابات، على ما يبدو ان كفة الإنتخابات باتت ارجح. وحسب “كان” فإن بعض المقربين من  زعيم الصدفة،قالوا انه بعد تبادل التصريحات مع نتنياهو، حول تشكيل لجنة تقصي الحقائق في قضية الغواصات، فإن “القصة انتهت”.

من جانبه نتنياهو، قال خلال اجتماع كتلة الليكود في الكنيست يوم الإثنين الموافق 23 نوفمبر الحالي، انه يأمل بان يتراجع غانتس، وان يعمل إلى جانبه.” وأضاف أن هذا “ليس وقت المناورات، وانما العمل بتعاون حقيقي، ولا يزال هذا طموحي” بيد انه ختم “لكن عليّ ان اقول إنه يتبدد يوميا.” ولم يكتف بذلك، بل ان زعيم الليكود هاجم شريكه في الحكومة بسبب اللجنة، وإتهمه بالإستغلال السياسي للمؤسسة الأمنية، وقال اعتقد ” انه من العار ان يستخدم غانتس الجيش الإسرائيلي كأداة للمناكفة السياسية” وتابع “لم يستخدم اي وزير دفاع مثل هذا الإستخدام السياسي للجيش”. وتناسى الحاوي نتنياهو، انه لا يوجد رئيس حكومة إسرائيلية فاسد واصل التمسك بالحكم لمجرد بروز شبهات بالفساد. ورغم انه هاجم الجنرال، غير انه، بدا مستجديا اياه، ومطالبا وزيره “بالتعقل والتخلص من هذة الفوضى، والعودة إلى العمل لمصلحة مواطني إسرائيل في محاربة الكورونا.” الذريعة الكاذبة، التي تلطى خلفها كلاهما لتشكيل الحكومة سابقا. ولإن نتنياهو يريد الذهاب للإنتخابات في الوقت الذي يناسبه، لا وفق اجندة خصومه.

رغم كل الشكوك بجدية غانتس، إلآ ان الأمور على ما يبدو تتجه نحو حل الكنيست، والذهاب لإنتخابات رابعة في شهر آذار/ مارس 2021. لإن التناقضات داخل حزبه تتصاعد، وهناك تيار بمن فيهم وزير الخارجية، غابي اشكنازي يرفض مواصلة العمل في الحكومة، لإنهم يعتبرونها وزارة ضارة، وجلبت عليهم اللعنة، وأفقدتهم  قطاع واسع من انصارهم، ولعدم تمكنهم من تحقيق انجاز ما. كما ان الساحر بيبي همش ادوارهم، وابعدهم عن العديد من الملفات ومنها علاقات التطبيع مع بعض دول الخليج والسودان، على إعتبار انهم ليسوا اهلا للثقة. لذا باتت طبول حرب الإنتخابات تقرع بقوة، وأخذت التصريحات المتبادلة ترتفع وتيرتها يوما بعد الآخر.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى