أقلام وأراء

عمر حلمي الغول يكتب –  ساعر يقلب المعادلات

عمر حلمي الغول – 13/12/2020

يوم الثلاثاء الماضي، أعلن جدعون ساعر انشقاقه عن حزب الليكود. وأعلن القيادي الليكودي المتطرف نيته تشكيل حزب جديد لخوض الانتخابات البرلمانية القادمة، وأكد أنه سينافس نتنياهو على رئاسة الحكومة. وبدا واضحا أن خطوة عضو الكنيست، لم تأتِ بشكل اعتباطي، ولا ردة فعل سريعة، إنما هي فكرة خامرت عقله كثيرا قبل الإقدام عليها، وتنافس فيما مضى على زعامة الليكود، بيد أن الحظ لم يحالفه في كانون الأول/ ديسمبر (2019)، حيث حصل على 30% من أصوات الليكوديين، في حين حصل زعيم الحزب على 70%. ورغم عمليات التحريض الواسعة، التي شنها رئيس الحكومة الفاسد وأنصاره لعزله كمقدمة لإخراجه من الحزب، إلا أن ساعر أكد تمسكه بموقعه، ورفض مغادرة الليكود آنذاك.

لكن مع قراءة رجل المزاج البارد على حد وصف محللة الشؤون الحزبية في صحيفة “يديعوت احرنوت” سيما كدمون، التطورات المتحركة في المشهد الإسرائيلي، وخلوصه لاستنتاج، أنه آن الآوان لتوجيه لطمة قوية لدحرجة نتنياهو نحو بوابة السجن، وإنزاله عن كرسي الحكم، مع تصويت 61 نائبا على حل الكنيست بالقراءة التمهيدية الأسبوع الماضي، ووقوف حزب غانتس مع هذا الخيار، وأيضا مع اقتراب غروب شمس الرئيس ترامب عن البيت الأبيض، وفوز منافسه الديمقراطي، بايدن، إن لم تحدث تطورات مفاجئة، وقبل هذا وذاك مع قراءته للخارطة الحزبية الداخلية للحزب نفسه، وبروز تصدعات في مكونات العديد من القوى، وصعود نجم زعيم “يمينا” بينت، الذي لا يرى بشخصه الجدارة لقيادة تكتل اليمين في حال خسر نتنياهو، لذا أقدم جدعون ساعر على خطوته المتأخرة، التي اعتبرها عدد من المراقبين الإسرائيليين “شجاعة”. لا سيما وأن المنظومة الحزبية والسياسية الإسرائيلية والصهيونية عموما تعاني من أزمة قيادة.

وتأكيدا على أن خطوة الليكودي السابق لم تكن وحيدة، ومعزولة عن تنسيق مسبق مع عدد من أقرانه في الحزب وغيره من القوى اليمينية المتطرفة، أعلن كل من تسفيكا هاوزر ويوعاز هندل من كتلة “ديريخ يسرائيل” عن انضمامهما لساعر، ولخياره، وأعلنا أن إسرائيل بحاجة لتغيير قيادة نتنياهو، الذي لم يعد حسب وجهة نظرهم جميعا مؤهلا لقيادة الحكومة والدولة. ولم تعد تفيده بشيء بضاعة التطبيع الفاسدة مع بعض الدول العربية مسلوبة الإرادة. كما قد ينضم إلى المنشق الليكودي الجديد، رئيس الأركان، غادي ايزنكوت، فضلا عن عدد من رموز الليكود، الذين يرفضون تغول زعيمهم الفاسد، ولم يعودوا قادرين على البقاء تحت قيادته، ويرفضون تمسكه بالحكم، رغم توجيه تهم الفساد والاحتيال وخيانة الأمانة والرشوة رسميا له.

ما أهمية هذا المستجد النوعي نسبيا في المشهد الإسرائيلي عموما، والليكودي خصوصا؟ هل يكسر التابو النتنياهوي، ويحطم صورته الهشة، أم قد تكون ضربة هامشية؟ هل تدفع عربة الانتخابات للأمام أم تؤجلها؟ وهل تعمق من انشقاق الليكود، وتكون بمثابة الشعرة التي تقصم ظهر البعير؟ مما لا شك فيه، أن خطوة ساعر المتأخرة من وجهة نظري عاما على أقل تقدير، يمكن اعتبارها خطوة بالاتجاه الصحيح إسرائيليا للتخلص من الحاكم الفاسد، وتفتح الأفق أمام مزيد من الانشقاق داخل الليكود، وقد تكون شبيهة بانشقاق شارون عن الليكود، وتشكيله حزب “كاديما” عام 2005، الذي اندثر وتلاشى نتيجة إفلاس قادته بعد رحيل الملك الإسرائيلي السابق، لأن عقد المسبحة الليكودية يبدو أنه انفرط. وبالنسبة لموضوع الانتخابات، ورغم إقرار اللجنة الوزارية قبل ثلاثة أيام عن التوجه للانتخابات بعد المصادقة التمهيدية عليها، وبعد تحديد يوم الـ16 من اذار/مارس 2021 القادم موعدا لها، بيد أن إمكانية تراجع حزب “أزرق أبيض” عن دعم الانتخابات في ضوء التطور الجديد، إمكانية قائمة، لأن استطلاعات الرأي أعطت للمنافس الجديد ما بين 16 و17 مقعدا في حال جرت انتخابات جديدة، وبذات الوقت تراجعت مكانة حزب وحصة غانتس إلى 7 أو 6 مقاعد. غير أن الليكود، الذي يرفض إجراء الانتخابات الآن، مازال محافظا على تقدمه في حصوله على 25 أو 26 مقعدا. لكن ذلك لا يؤهله في ضوء توزع المقاعد على الكتل القديمة والجديدة على حصاد ما يريد من المقاعد لقيادة الدولة، مع أن أحد الاستطلاعات أشار إلى إمكانية حصول اليمين على 61 مقعدا. لكن هذه النتيجة لا تصب في صالح قيادة ساكن شارع بلفور. وبالتالي إمكانية وصول نتنياهو وغانتس إلى مساومة تحفظ ماء وجهيهما، هي إمكانية منطقية، إن لم يُّصر “كاحول لافان” على موقفه، ويمضي إلى الانتخابات في حال لم يتراجع زعيم الليكود عن تعنته، ورفضه إقرار الموازنة، وعدم وفائه بالتناوب على رئاسة الحكومة. غدا الاثنين تتضح الصورة بشكل جلي، وتزيل كل الغموض والتشوش في المشهد الإسرائيلي.

oalghoul@gmail.com

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى