أقلام وأراء

عمر حلمي الغول يكتب – رماد نيران الأقصى يشتعل

عمر حلمي الغول – 20/7/2021

 مازالت تداعيات هبة القدس الرمضانية قائمة، لم تنطفىء نيرانها، ورمادها بات يتقد، وحكومة بينت لبيد تصب الزيت على جمرها، والتي عكسها تصريح رئيس الوزراء اليميني المتطرف، الذي دعا لإستمرار إقتحامات الصهاينة للمسجد الأقصى، معمقا خيارات الفاشيين غليك وبن غفير وسموتيريتش ومن لف لفهم من الصهاينة بعد إقتحام 1370 مستوطن إستعماري لباحات المسجد الأقصى اول امس السبت.

وبديهي القول، ان تصريحات بينت وشاكيد او انصارهم من اليمين الديني الحريدي ليست مفاجئة، قد تكون المفاجئة لو لم يصرح بذلك، لإنه واضرابه من المتطرفين مجبولين على العقيدة اليدينة الصهيونية المتطرفة، وبالتالي نطق بما يعكس رؤيته وخياره. المشكلة ليست في تصريحه انما في كيفية التعاطى معه، لاننا نميل للطرق التبسيطية اكثر من اللازم، عندما نعتبر مواقف تلك النخب والشخصيات والقوى عادية على اسماعنا، ولا تضيف جديدا لمعرفتنا بهم وبخيارهم. لذا بقدر ما لا نستغرب، او عدم تفاجأنا بطروحاتهم، بقدر ما يفترض ان نعمل على وأد هذة التصريحات، ونعمل على وضع حد لها من خلال التصدي الحازم والقوي لإقتحاماتهم، حتى يلقنوا درسا جديدا في المواجهة الشعبية، والتحدي الوطني. لإن مناشدة الدول والأقطاب والامم المتحدة والنظام العربي الرسمي، والدعوة للالتزام بالستاتكو المتفق عليه، لا يوقف جرائمهم وانتهاكاتهم، ولن يوقفهم عن السعي لفرض التقسيم الزماني والمكاني داخل الحرم القدسي الشريف، ولا عن تدميره لاحقا، وبناء ما يسمى الهيكل الثالث إذا قدر لدولة مشروعهم الصهيوني البقاء خلال العقد القادم من الزمن.

ما تقدم يفرض على القيادة الشرعية الفلسطينية وفصائل المنظمة جميعها وعلى رأسها حركة فتح، وابناء الشعب في الجليل والمثلث والنقب والمدن المختلطة وكل من لديه الإستعداد للدفاع عن المسجد الأقصى والحوض المقدس عموما، تنظيم المواجهة، ووضع خطة وطنية شاملة، وتحديد اليات عمل، وقبل ذلك تشكيل لجنة قيادية تضم في صفوفها كل المنظمات والفصائل والنخب والجهات ذات الصلة بالمواجهة مع حكومة الثنائي بينت لبيد وقطعان المستعمرين، ليبقى المسجد الأقصى دائما عامرا ومحميا بسواعد ابنائه من المقدسيين وعموم الفلسطينيين، وتحدي حواجز حرس الحدود والشرطة والجيش أداة الحكومة الإستعمارية و شريكة تلك العصابات الصهيونية.

نعم هدفهم ( حكومة وقطعان مستعمرين) حرف طبيعة وجوهر الصراع من صراع سياسي إلى صراع ديني. هذا خيارهم، وتتساوق معهم المسيحية المتصهينة وخاصة الأفنجليكان ومن لف لفهم، وحتى اكون أكثر موضوعية، للاسف ان زعماء الولايات المتحدة من الحزبين وبعض القادة الأوروبيين مسكونين بالهاجس الديني الصليبي، ولم يغادروا هذا المربع. ولهذا السبب قرروا انشاء وتأسيس اسرائيل المارقة لتحقيق أهدافهم الإستراتيجية الدنيوية، والمتمثلة بتقسيم الأمة العربية، ونهب خيراتها، وابقائها تابعة وخاضعة لمخططاتهم الإستعمارية، والحؤول دون إستنهاض المشروع القومي العربي، بالإضافة للخيار الديني، وتسييد المنطق الصليبي على كل الوطن العربي. وبالتالي الدعوة لحرب ياجوج وماجوج، التي دعا لها ريغان وجورج بوش الأب والإبن وحدث ولا حرج عن ترامب، ولا يخرج عنهم رئيس الإدارة الحالية، انما هي الوجه الآخر من سياسات تلك القيادات والإدارات. وما الدعوة لخيار الدولتين إلآ لذر الرماد في العيون، ولا تعني التخلي عن جوهر المشروع الصهيو اميركي.

مع ذلك لا يوجد في المعادلات السياسية مستحيل. ويخطىء من يقزم نفسه وادواته المعرفية والكفاحية وفق سيناريوهات، ومعايير القوى المقررة في السياسة الدولية وخاصة قوى الغرب الرأسمالي. لا ثابت في موازين القوى، ولا ثابت في السياسة إلا الأهداف الإستراتيجية، والتي يفترض تدويرها ومرحلتها بما يستجيب والمصالح الوطنية دون التخلي عن بلوغها. وعليه تفرض الضرورة العمل على مختلف الجبهات السياسية والديبلوماسية والكفاح الشعبي والوحدة الوطنية عبر إغلاق صفحة الإنقلاب بكل الوسائل لتغيير معادلات الواقع بما يخدم الرؤية الإستراتيجية الوطتنية. لا سيما وان دولة الإستعمار الإسرائيلية تعيش ازمة بنيوية عميقة، تهدد مجمل المشروع الكولونيالي الصهيوني. كما ان الولايات المتحدة تعيش ازمة تاريخية تهدد مستقبل الإمبراطورية الأميركية برمته، واوروبا تعاني من كم لا بأس به من الأزمات.

إذا لا يجوز ان ننكفىء على ذاتنا، بل الضرورة والواجب يملي التحرك والنشاط، وإطلاق يد المقاومة الشعبية في كل زاوية وشارع ومدينة وقرية وخاصة في القدس العاصمة، هكذا يمكن تعميق ازماتهم، وتحقيق انجازات وطنية واسعة شرط ان نطهر الذات من ادران الفساد والبيروقراطية وتعميق الديمقراطية وتوسيع دائرة الشراكة السياسية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى