أقلام وأراء

عمر حلمي الغول يكتب – رسالة الموت الإسرائيلية في جنين ..!

عمر حلمي الغول – 17/8/2021 

  تشهد محافظة جنين في الشهور الأخيرة هجوما إسرائيليا منظما وفق خطة متدحرجة لتأجيج السخط والغليان وفقدان الأمل بأية آفاق إيجابية في أوساط الحالة الشعبية، ومن مظاهر ذلك سلسلة الإستهدافات لابناء الشعب الفلسطيني من المدنيين العزل، ومنتسبي الأجهزة الأمنية عن سابق تصميم وإصرار، والتي كانت آخرها فجر امس الإثنين الموافق 16 آب / أغسطس الحالي بمداهمة مدينة ومخيم جنين ، وإغتالت أربعة شبان دون سبب يذكر. ولكن لهدف معد مسبقا، كان اعلن عنه قبل أيام قليلة رئيس الأركان، كوخافي، وقائد المنطقة العسكرية الصهيوني، حيث اكدا، ان هناك ضرورة لعملية عسكرية واسعة في المحافظة، وربطا ذلك، ب”فقدان السيطرة على الأمن هناك”، وبالتالي تقوم بعملية التمهيد لجريمتها.

وهذا ما يقوم به جيش الموت وأجهزة الأمن الإسرائيلية بشكل دوري من خلال اقتحام منظم لمدينة ومخيم وقرى جنين، وتقوم باعتقال الشباب بشكل اعتباطي، بالإضافة لإفتعال إحتكاكات مدروسة لخلق الذرائع لإطلاق الرصاص الحي على أبناء الشعب بهدف القتل العمد، وصب الزيت على نيران حالة السخط والاحتقان في الأوساط الفلسطينية، ليس في جنين وبيتا والقدس، انما في كل قرية ومدينة ومخيم، وذلك لتحقيق أكثر من هدف، منها: أولا ديمومة حالة الفوضى والإرباك في أراضي السلطة الوطنية؛ ثانيا مواصلة عمليات القتل العمد لابناء الشعب من الجنسين على أساس عرقي؛ ثالثا إضعاف مكانة وهيبة السلطة ومؤسساتها المدنية والأمنية؛ رابعا في السياق مواصلة عمليات التهويد والمصادرة للأراضي الفلسطينية لتعميق حالة التوتر والعنف، والتمهيد لإجتياح مخيم ومدينة جنين في المستقبل المنظور، ووفق خطتهم، وساعة صفرهم المحددة؛ خامسا الرد بشكل منهجي على كل الدعوات الأميركية والآوروبية لتعزيز مكانة السلطة، وكأنها تقول لهم “طز في دعواتكم” أو “إنقعوها وإشربوا ميتها”؛ سادسا إدارة ظهر واضحة لعملية السلام، ورفضها رفضا مطلقا. الخ

إذا إغتيال الشهداء الأربعة في جنين الصمود والبطولة فجر امس، لم يكن بالصدفة، او نتيجة تحرش من قبل أبناء المحافظة، وانما وفق سياسة إسرائيلية منهجية ترتكز على خطة موجودة في ادراج قادة المؤسسة الأمنية، وهو ما يؤكد ان حكومة بينت / لبيد لا تقل عدوانية ووحشية عن حكومات إسرائيل المتعاقبة، لا بل انها أكثر إجراما وفجورا وعنصرية وفاشية. كما ان ما تقوم به مؤسسات القتل والابادة الفردية والجماعية الصهيونية يعود لعدم وجود سياسة ورؤية دولية لضبط الدولة المارقة والخارجة على القانون، وتركها على “حل شعرها” تستبيح المصالح والحقوق والثوابت الوطنية دون وازع سياسي او أخلاقي او قيمي. وبالتالي التراخي الأميركي الأوروبي تجاه الحكومة الإسرائيلية القائمة لعب ويلعب دورا هاما في هذا المضمار، لا سيما وان بينت وشاكيد ولبيد وساعر ومن لفهم يعتبرون ذلك ضوءا اخضرا لمواصلة سياسة القتل والجريمة المنظمة ضد أبناء الشعب العربي الفلسطيني.

وللأسف أيضا ما يتلمسه المراقب السياسي من تراجع واضح في دور اميركا وأوروبا في الاهتمام والمتابعة في ملف الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، رغم كل المواقف “الإيجابية” المعلنة، التي لا رصيد فعلي لها على الأرض، لا بل العكس صحيج، حيث تقوم الإدارة الأميركية عبر مبعوثيها بلي ذراع القيادة الفلسطينية، ومطالبتها بالتخلي عن دورها الوطني التحرري، وفرض الشروط عليها في ملفات عدة من ابرزها ملف الأسرى والاعلام ومناهج التربية والتعليم، وربط عودة مساعداتها للسلطة بدفع الثمن السياسي، وكذلك بتقديم تنازلات مجانية لحكومة الفاشي بينت، الذي يرفض من حيث المبدأ مجرد اللقاء مع أي شخصية وطنية فلسطينية، ليس هذا فحسب، انما بترك الملف الفلسطيني برمته في العب الإسرائيلي، حتى باتت حكومة بينت هي السيف والحكم، ويفترض فيها تقديم “التسهيلات”، و”تعزيز مكانة السلطة في المناطق A وB وC”، وكل هذا هراء كاذب، لا يمكن ان يكون أساسا لبناء عوامل الثقة. وبالتالي إن كانت كل من إدارة بايدن والاتحاد الأوروبي تحريك فعلي لعملية السلام، عليهم وقف فوري لجرائم وانتهاكات دولة المشروع الصهيوني ضد أبناء الشعب، ووقف المصادرة والتهويد، ووقف عمليات التطهير العرقي في القدس واحيائها، ورفع الحصار الظالم عن قطاع غزة، ووقف اعلان العطاءات الإستعمارية في عموم الضفة الفلسطينية، والإلتزام الواضح بخيار السلام على أساس حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران 1967، وضمان عودة اللاجئين على أساس القرار الدولي 194، والانخراط الفوري بعقد المؤتمر الدولي الملزم لفرض الانسحاب الإسرائيلي الكامل جيش وقطعان مستعمرين من ارض الدولة الفلسطينية المحتلة عام 1967، وإلغاء قانون “القومية الأساس للدولة اليهودية”، وضمان المساواة الكاملة لابناء الشعب في مناطق ال48. غير ذلك يبقى حديثا منقوصا، ولا يمت للواقع بصلة. ويقوض عملية السلام بكل مركباتها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى