أقلام وأراء

عمر حلمي الغول يكتب – دلالات هبة القدس 2021

عمر حلمي الغول – 11/5/2021

منذ بداية شهر رمضان المبارك الحالي والقدس العاصمة الابدية للدولة الفلسطينية تشهد محاولات متكررة من عصابات اليمين الفاشي وجيش الموت الإسرائيلي ومعهم القضاء الصهيوني لاستباحة المدينة المقدسة، وتكريس الضم عبرعمليات التطهير العرقي في احياء الشيخ جراح وسلوان وواد الجوز وحلوة والبستان، وفرض التقسيم الزماني والمكاني في المسجد الأقصى اولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين، وتهويد الحوض المقدس كله تعميدا للرواية الصهيونية المزورة لحقائق التاريخ ولمقررات الأمم المتحدة ذات الصلة بالصراع، وانقضاضا على قرارات محكمة العدل الدولية ومجلس حقوق الانسان، التي اكدت انه لا وجود لما يسمى حائط المبكى، والحائط، هو حائط البراق، والذي اكدت عليه لجنة دولية في ثلاثينيات القرن الماضي، وللاسف يتم ذلك بتواطؤ دولي عموما واميركي خصوصا. المهم ان هذه الانتهاكات الصهيونية المتعمدة والممنهجة استهدفت فرض سياسة الأمر الواقع، وإملاء الرؤية الاستعمارية الصهيونية في داخل وفي محيط المسجد الأقصى، وساحة باب العامود ومن خلال عمليات التزوير للوثائق بهدف السيطرة على المنازل الفلسطينية وطرد سكانها بذرائع مختلفة، او عبر طرح مساومات تطهير عرقي مفضوحة كما جرى ويجري في حي الشيخ جراح حتى الآن، الأمر الذي دعا ابناء الشعب العربي الفلسطيني للدفاع عن حقهم في الحياة، وعن اماكن عبادتهم والحوض المقدس بكنائسه ومساجده وخاصة المسجد الأقصى المبارك، وكنيسة القيامة، وتم خوض مواجهات مع قوات حرس الحدود والشرطة الإسرائيلية ومجموعات “لاهافا” أو “لهيا” الفاشية بزعامة بن غفير الكهاني، الذين رفعوا شعارات عنصرية وفاشية ضد ابناء الشعب الفلسطيني، ونادوا بـ”موتهم” وطردهم من وطنهم الأم، ونهب حقوقهم التاريخية. لكن محاولاتهم باءت بالفشل والهزيمة، وتم دحرهم أكثر من مرة بما في ذلك ما جرى امس الإثنين الموافق 28 رمضان الحالي، رغم فداحة وضخامة الإصابات بين المرابطين وابناء الشعب عموما التي قاربت نحو الـ400 إصابة في قدس الاقداس الفلسطينية، وسيدة المدن، وايقونتها التاريخية والثقافية والحضارية والدينية، وعاصمة دولة فلسطين الابدية.

هبة القدس العظيمة في ايار / مايو الحالي 2021 حملت دلالات وأبعادا سياسية وقانونية وكفاحية عدة، اهمها: اولا أكدت للقاصي والداني في العالم كله، ان القدس لأبنائها الفلسطينيين العرب، وهي عاصمة دولتهم الأبدية، وان المساس بها وبهويتها وتاريخها ومستقبلها يهدد بعواقب غير محمودة، ولا يمكن إلا ان تكون للشعب الفلسطيني؛ ثانيا القدس نقطة الارتكاز الأولى وبالتوازي مع قضيتي الأرض واللاجئين في عملية التسوية السياسية، ولن تكون يوما ما عاصمة لإسرائيل الاستعمارية؛ ثالثا حائط البراق، هو حائط البراق، وليس حائط المبكى، ولن يكون يوما حائطا للمبكى وفقا للتاريخ والحقائق والقرارات الدولية، فليبحثوا لهم عن حائط آخر في اي مكان من العالم؛ رابعا اعادت الاعتبار للقضية الفلسطينية، وسلطت الضوء على الصراع الفلسطيني الإسرائيلي مجددا، وأرغمت الأقطاب الدولية والمؤسسات الأممية على التوقف امام تداعيات الصراع المنفتح على المجهول نتاج تغول وعنصرية ووحشية جيش الموت الإسرائيلي وقطعان المستعمرين من الفاشيين الصهاينة، وبالتالي فرضت القدس عليهم وضع القضية الفلسطينية على طاولة البحث الجدي في السعي للحل السياسي، وأكدت لهم ان القضية الفلسطينية لا تحتاج لمهدئات ومسكنات ترقيعية، كما توحي إدارة بايدن من خلال بيانات وزارة خارجيتها، وانما إلى دعوة مجلس الامن للانعقاد فورا لبحث المسألة، ووقف جرائم الحرب الإسرائيلية، وعقد مؤتمر دولي ملزم يتحمل المسؤولية لتسوية الصراع وفقا لخيار حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران 1967، وضمان عودة اللاجئين الفلسطينيين العرب إلى ديارهم التي طردوا منها عامي النكبة والنكسة، والمساواة الكاملة لأبناء الشعب في الجليل والمثلث والنقب والمدن المختلطة؛ خامسا أعادت اللحمة لابناء الشعب الفلسطيني في كل تجمعاته واماكن تواجده، وأزالت حالة التراخي والكسل، وأيقظت بعض القوى المتماهية مع خيار الأسرلة داخل الـ48، ونبهتها من الغرق في مستنقع التساوق مع القوى الفاشية الصهيونية الدينية؛ سادسا أعادت الوهج لصورة المقاومة الشعبية بأجلى صورها، وعظيم بطولاتها، وفضحت بعض القوى الغوغائية، التي اطلق نفر من قياداتها تصريحات لم يكونوا على مستوى تنفيذها، لأن اجندتهم وخيارهم يتناقض مع العنتريات الكاذبة؛ سابعا كشفت عن مقولة تاريخية علمية، أن “الشعب الفلسطيني يسبق قياداته في المبادرة للفعل السياسي”، وهو رأس المال الأهم في النضال الوطني التحرري، وهو ما يستوجب من كافة الفصائل والنخب التماثل مع ارادة الشعب وخياره البطولي؛ ثامنا عرت اسرائيل المارقة مجددا، وكشفت عن عمق ازمتها السياسية والتاريخية، وأكدت لقياداتها المختلفة من اقصى اليمين إلى اقصى اليسار، ان وجودهم وبقاءهم مرهون بمنح الشعب العربي الفلسطيني الحد الأدنى من حقوقه السياسية والقانونية في ارض وطنه، ومنحه الاستقلال الكامل في دولته الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية … إلخ

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى