أقلام وأراء

عمر حلمي الغول يكتب – حرب اسرائيل على الإعلام

عمر حلمي الغول – 20/5/2021

الحرب الإسرائيلية الهمجية على قطاع غزة طالت كل معالم الحياة الإنسانية الماء والكهرباء والهواء والشجر والحجر والإنسان، البنى التحتية بمختلف معالمها  ومكوناتها: المؤسسات الصحية والتعليمية واماكن العبادة والأراضي الزراعية وورش الحدادة والمصانع والبنوك والشوارع، وطالت الشقق والأبراج السكنية، والتي تقيم فيها المؤسسات الإعلامية المحلية والعربية والدولية. لإنها تريد قتل كل معلم من معالم الحياة الآدمية في محافظات الجنوب، وعملت وتعمل على تحويل القطاع إلى لوحة سوداء، ودفن الأحياء من بني الإنسان، وإعادة إنتاج المحرقة الهتلرية في قطاع غزة.

ولهذا تتكامل اركان جريمة الحرب الصهيونية من خلال الإستهداف المباشر لكل مجالات المدنية في القطاع وعلى مساحة ال362 كيلو متر مربع من رفح جنوبا حتى بيت حانون شمالا، بهدف خنق وابادة وإفناء كل مظهر من مظاهر الحياة الإنسانية  بذرائع واهية وفاقدة الأهلية، ولا تمت للحقيقة بصلة. ولهذا كان لابد من تدمير منهجي للمؤسسات والمنابر الإعلامية، أولا لتحطيم كاميراتها ومعداتها لشطب وإغلاق الصورة؛ ثانيا وقف اصوات الإعلاميين من مختلف المنابر حتى الإذاعات المحلية ومحدودة التغطية؛ ثالثا قطع الصلة بينها وبين العالم الخارجي، وإبقاء الشاشة سوداء مظلمة ومشوشة. لا سيما وان جيش الموت واجهزة الأمن الإسرائيلية سعت لاسقاط وكسر ابراج النت للشبكات المختلفة وتقطيع خطوط الفايبر الأرضية، التي طالت مناطق واسعة وعن سابق تصميم وإصرار؛ رابعا قامت باستهداف مكاتبها وتدميرها بشكل كامل منذ تم قصف برج الجوهرة يوم الاربعاء الموافق 12 ايار / مايو الحالي، ثم اعقبت ذلك يوم الخميس الموافق 13/5 بتدمير برج الشروق.

وعمقت عمليتها الوحشية بتدمير برجي الجلاء ومشتهى (القاهرة) يوم السبت الموافق 15/5 لتعيق اي حضور ومتابعة للقائمين على تغطية جريمة الحرب الإسرائيلية، ونقلها للعالم؛ خامسا استهداف الصحفيين والإعلاميين في مواقع عملهم، وفي بيوتهم، وإستهداف حياتهم، كما فعلت قبل يومين عندما قتلت الصحفي يوسف ابو حسين وغيره من الإعلاميين، وعمليات الإنتقام والتنكيل ضد الإعلاميين ومنابرهم لا تنحصر في قطاع غزة فحسب، انما في كل اراضي دولة فلسطين، وحتى عرضوا حياة العديد من مراسلي الفضائيات الدولية كالأسوشيدت برس في فلسطين وداخل اسرائيل نفسها، مما دعا الرئيس الأميركي ووزير خارجيته والعديد من زعماء العالم ومراسلون بلا حدود والإتحادات والنقابات الدولية الصحفية بتحميل حكومة اللص والفاسد نتنياهو المسؤولية عن الجريمة المرتكبة بحق الإعلاميين ووسائل الإعلام.

لم يكن استهداف وسائل الإعلام عن جهل وعنجهية وغطرسة إسرائيلية فقط، انما لإدراك القيادة الإسرائيلية السياسية والأمنية لإهمية سلاح الإعلام، الذي لا يقل اهمية عن السلاح القتالي، لا بل انه اهم، وأكثر فائدة ومردودا على كفاح الشعب العربي الفلسطيني الأعزل. وهو سلاح ماض ومؤثر جدا، ويستطيع ايصال صورة الظلم والقهر والقتل الجبان للأبرياء من الأطفال والنساء والشيوخ والشباب للعالم، ويظهر بشاعة ووحشية عمليات التدمير المنهجية ووفق بنك أهداف القتلة من قادة المؤسسة الأمنية والعسكرية الصهيونية.

نعم سلاح الإعلام يشكل رافعة مهمة من  روافع الكفاح الوطني، وشاهد حي على جريمة الحرب الإسرائيلية، ويقدم كل يوم من الأيام الإحدى عشر الماضية الوثائق الدامغة عن عملية التطهير العرقي عبر التصفية الجسدية لإبناء الشعب في محافظات الجنوب. كما وتقوم  بإبراز المأساة التراجيدية للشعب العربي الفلسطيني، الذي يذبح على مرآى ومسمع من العالم اجمع، وما زال هذا العالم يراوح في ذات المكان، رغم انه يرى ويشاهد ويسمع ودون مساحيق او رتوش حجم المعاناة، ويعاين حجم همجية القصف الإسرائيلي المسعور والمنفلت من عقاله، إلآ انه لم يحرك ساكنا، حتى الإدارة الأميركية، التي اهتزت عندما تم تدمير مكاتب وكالة الأنباء الأميركية، الأسوشيدت برس، وادان الجريمة الصهيونية، بيد انه مازال يمنح حكومة نتنياهو الضوء الأخضر لمواصلة حرب الإبادة للشعب الفلسطيني في قطاع غزة، ولم تسمح ادارة بايدن بمجرد إصدار بيان من مجلس الأمن الدولي يدعو لوقف المجزرة الوحشية، رغم عقد اربع جلسات للمجلس.

حرب إسرائيل المارقة والخارجة على القانون على وسائل ومنابر الإعلام، تهدف للتغطية على جرائم حربها، والحؤول دون رؤيتها وتوثيقها من قبل العالم، ولتتغول اكثر فأكثر في الدم الفلسطيني. ولكن عمليات قصف الأبراج التي تحتضن مكاتب المؤسسات الإعلامية المحلية والعربية والدولية، التي يزيد عددها عن 40 منبرا عرت هذة الدولة، وكشفت إفلاسها وعارها وجنونها وهمجيتها، وأكدت للعالم مصداقية الرواية الفلسطينية، وعززت امام الدنيا كلها ضرورة إنصاف وتحقيق آمال الشعب الفلسطيني في الحرية والإستقلال والعودة والمساواة وتقرير المصير. كل التحية للإعلاميين الأبطال، الذين يقاتلون بعدسات كاميراتهم على كل الجبهات، رغم الموت الذي يطاردهم من عصابات الدولة الفاشية، دولة التطهير العرقي الصهيونية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى