أقلام وأراء

عمر حلمي الغول يكتب – تداعيات التحرش بالحزب ..!

عمر حلمي الغول 7-8-2021م

خلال الأيام القليلة الماضية شهدت جبهة الشمال تحرش إسرائيلي واضح في حزب الله، مما إضطر الحزب صباح امس الجمعة الموافق 6 آب/ أغسطس 2021 بالرد مطلقا عشرين صاروخا في مناطق مفتوحة في الجليل الاعلى، وهو ما تضمنه بيان الحزب الرسمي بالإعتراف بتحمله مسؤولية الإطلاق للصواريخ، وتأكيده، انه شاء من ذلك ارسال رسالة ردا على رسائل جيش الموت الإسرائيلي باطلاقه العديد من القذائف المدفعية على ارض مفتوحة.

لكن هل سيكتفي الطرفان بالرسائل التحذيرية، ام تحمل تلك البرقيات مؤشرات لما هو ابعد من ذلك؟ وهل سقف وحدود الرسائل تقتصر على حزب الله، ام انها موجهة لإيران وحلفاء الحزب في سوريا والعراق واليمن؟ وإلى ما تهدف تلك الرسائل؟ هل تريد إسرائيل كي أصابع الحزب ومرجعياته في طهران وقم؟

من المؤكد الرسائل تتجاوز حدود لبنان ويمتد صداها حتى بلاد فارس وكل الدول والقوى السائرة في الفلك الإيراني. واعتقد جازما، ان الرسائل لن تتوقف عند حدود حرق الأصابع، او كي الوعي عن بعد، انما ستأخذ ابعادا وآفاقا أوسع، بتعبير آخر قد يقتصر في اللحظة الراهنة التحرش بالحزب وذراعه العسكري دون توسيع نطاق الضربة إلآ إذا قام الحزب بتطوير وتوسيع نطاق رسائله، بيد ان التقدير لبعض المراقبين، ان العين ومؤشر البوصلة الإسرائيلية يتجه نحو طهران وحكام الملالي واتباعهم في النظام العربي. وبالتالي الضربة الرئيسية قد تكون على ايران ومفاعلها النووي. لا سيما وان بيني غانتس، وزير الحرب الصهيوني اعلن في اكثر من تصريح خلال الأيام القليلة الماضية، ان إيران على بعد أسابيع من صناعة القنبلة النووية. فضلا عن تأكيد كل من إسرائيل المارقة والولايات المتحدة وبريطانيا على تحميل حكام طهران المسؤولية عن قصف السفينة الإسرائيلية قبل أيام قليلة، ودعوة الحكومتان الأميركية والبريطانية بضرورة التنسيق الثلاثي لتوجيه ضربة لإيران، ويلي ذلك توجيه ضربة قاصمة للحزب، وفكفكة مؤسسته العسكرية، وتحجيمه عسكريا وسياسيا.

ولهذا التحرش الإسرائيلي بحزب الله لا يتوقف عند حدود ما ذكر انفا، بسبب الخشية من سطوة ونفوذ حزب الله في الساحة اللبنانية، وتحكمه بشكل كبير مع حلفائه في المنطقة الشرقية من بيروت في المشهد اللبناني، وإمتلاكهما ليس الثلث المعطل فقط، انما حق النقض “الفيتو” على كل ما له صله بالنظام السياسي اللبناني القائم. وهو ما يتعارض مع مصالح اميركا وحلفائها في الغرب الرأسمالي بكل قواه، وأيضا خشية النافذون من اهل النظام العربي الرسمي من دور إيران وادواتها في لبنان والعراق وسوريا واليمن. وهو ما أملى على القوى الرأسمالية وحلفائها في الوطن العربي التعاون سويا على إعادة هيكلة النظام الرسمي العربي بما يستجيب ومصالحه، ويعمق عمليات التطبيع العربية الرسمية المفتوحة ودون اية قيود مع دولة الإستعمار الإسرائيلية.

هنا يبرز سؤال، هل هذا التوتر المتصاعد، والذي يتجه نحو فتح ابواب الحرب على اكثر من جبهة يعني إنفكاك التحالف الإيراني الأميركي الإسرائيلي والغربي عموما، ام هو شكل من اشكال إعادة التشكيل والتهذيب للدور الإيراني في الإقليم؟ لا سيما وان دور حكم الملالي منذ تولوا الحكم، كان العمل على تبديد الجبهة الشرقية العربية بقيادة العراق، وتمزيق الساحة الإسلامية عبر تعظيم ما يسمى التناقض الشيعي السني، وتعميق التناقضات العربية الإيرانية، وفتح أبواب الوطن العربي نحو التطبيع مع دولة الإستعمار الإسرائيلية. لذا يعتقد أصحاب القرار في الغرب الرأسمالي ان ايران الفارسية حققت الهدف المراد، وادت وظيفتها بامتياز، ولكنها تجاوزت حدودها وسقف المسموح لها في الإقليم، ونسيت نفسها والدور المطلوب منها، وهو ان تكون بيدق بيد إسرائيل، لا نقيض لها في النفوذ على زعامة الإقليم، وبالتالي لا بد من تقليم أظافرها بما يتوائم مع مصالح الغرب وربيبته إسرائيل المارقة والخارجة على القانون.

اذا التصعيد المتواتر على جبهة الشمال يعتبر الشرارة، التي ستحرق السهل الإيراني واللبناني وكل من له صلة مع حكام الملالي، وقد تكون التداعيات اعمق واوسع من حدود توجيه ضربة عسكرية موجعة لإيران الفارسية إذا إرتأى الغرب وإسرائيل ذلك.

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى