أقلام وأراء

عمر حلمي الغول يكتب – باباي ترامب

عمر حلمي الغول – 19/10/2020

قبل اسبوعين من يوم الإنتخابات الرئاسية الأميركية استطيع ووفق عدد من المؤشرات السياسية والإقتصادية والإجتماعية والمسلكيات اللا أخلاقية، وإستطلاعات الرأي باستشراف النتائج، والإعلان منذ الآن، بأن المرشح الديمقراطي، جو بايدن سيكون الرئيس الأميركي ال46، وسيحظى الديمقراطيون بالأغلبية في مجلس الشيوخ، وهذا الإستنتاج ليس إسقاطا ارادويا، ولا تخمينا، أو تبصيرا، ولا رؤية في المنام. انما مرهون بسير العملية الديمقراطية بشكل طبيعي، ودون حدوث تطورات دراماتيكية خارجة عن السيناريو الواقعي. لكن في حال تفاقم أزمة الإنتخابات مع اشتداد حدة الإستقطاب، وبروز ظواهر عدوانية بين انصار المرشحين والحزبين، فإن قراءة النتائج تكون في عالم الغيب، ولا يمكن الجزم بما ستكون عليه، ولا ما ستكون عليه الولايات المتحدة.

إذاً قراءة نتائج الإنتخابات الأميركية مرتبطة بكيفية سير العملية الإنتخابية. لإن هناك بون شاسع بين سيرورة وصيرورة الإنتخابات بشكل ديمقراطي، ووفق معايير الدستور، وبين إرتكاب المجموعات العنصرية البيضاء، انصار ترامب جرائم قتل أو خطف، او فرض البلطجة على الناخبين الأميركيين في الولايات المختلفة.

وإستنادا لقراءة الواقع الأميركي، فإن نتائج الإنتخابات بالضرورة ستكون لصالح بايدن لعدد من العوامل، منها: اولا إرتفاع منسوب عجز الموازنة الأميركية بنسبة 218%، لتسجل بذلك رقما قياسيا بلغ 3.1 تريليون دولار في السنة المالية، التي إنتهت في 30 ايلول / سبتمبر الماضي (2020)، وذلك بسبب الإنفاق الهائل لمواجهة جائحة الكورونا. ويمثل هذا الرقم أكثر من ضعف الرقم القياسي السابق للعجز، الذي وصل إلى 1.4 تريليون دولار عام 2019. وفق ما نشرته وكالة “فرانس برس” نقلا عن المصادر الأميركية يوم الجمعة الموافق 16/10/2020. ثانيا ووفق ذات المصدر واليوم والتاريخ، فإن إجمالي الدين الحكومي المعلن إرتفع إلى 26.9 تريليون دولار، بما يزيد عن حجم الناتج القومي الأميركي. ويعود ذلك لزيادة الإنفاق، وتراجع عائدات الضرائب بسبب إغلاق المؤسسات والمصانع والعديد من الولايات بسبب جائحة “كوفيد 19”. ثالثا إرتفاع عدد العاطلين عن العمل خلال الأسبوع الماضي فقط، اي في مطلع الثلث الثاني من الشهر الحالي تشرين اول/ اكتوبر 2020 نحو 898 الف شخص. وهو اعلى معدل منذ آب / اغسطس الماضي. كما بلغ عدد المتلقين لتعويضات البطالة عشرة ملايين شخص، بيد ان مجموع الحاصلين على المساعدات 25 مليونا بسبب خسارتهم وظائفهم، او تراجع دخلهم. وحسب بعض المصادر الأميركية، فإن إجمالي عدد العاطلين عن العمل بلغ خمسين مليونا. رابعا تضرر الصناعات التحويلية وغيرها في البلاد، وسجلت نتائج مرتفعة في التباطؤ الإنتاجي في اكثر من ولاية، ومنها نيويورك وفيلادلفيا. خامسا إرتفاع عدد المصابين بفايروس كورونا، حيث تجاوز عتبة ال8 مليون إنسان، وتجاوزت الوفيات ال217 الفا، ونقل موقع “الجزيرة نت” عن 3 اشخاص مقربين من مردوخ، إمبراطور الإعلام المقرب من ترامب، وأحد اكبر مؤيديه، قوله” إنه مشمئز من تعامل ترامب مع جائحة الكورونا، (واصفا اياه)، بأنه عدو نفسه، ولا يستمع للنصيحة”. وهو ما يشير إلى فشل إدارة ترامب من مواجهة الوباء، ولهذا اثر بالغ على مزاج الناخب الأميركي، وبات احد اهم معاييره. سادسا آخر إستطلاعات الرأي أمس الأحد الموافق 18/10/2020 تشير إلى تقدم بايدن عن ترامب بتسع نقاط. وهذا الفارق لم يكن موجودا بين ترامب ومنافسته كلينتون عام 2016، حيث كان الفارق محصورا ب3 نقاط، اضف إلى حدوث تغير واضح في ميول الناخبين في العديد من الولايات المؤثرة في المجمع الإنتخابي. سابعا إقرار شخصيات مركزية في الحزب الجمهوري مثل السناتور غراهام ليندسي، بأن الديمقراطيين لديهم فرصة جيدة للفوز في الإنتخابات. جاء ذلك الإقرار في جلسة للجنة القضائية بمجلس الشيوخ يوم الخميس الموافق 15 /10 الحالي. ثامنا الخطر لا يتهدد المرشح الجمهوري، انما يطال الأغلبية الجمهورية في مجلس الشيوخ، لإن الإنتخابات تشمل ايضا إنتخاب 35 مقعدا من مقاعد مجلس الشيوخ، وفق إستطلاعات الرأي، حتى ان غراهام ليندسي يواجه صعوبة في الحفاظ على مقعده في كارولينا الجنوبية، اضف إلى حدوث تراجع في مكانة الجمهورين في خمس ولايات، مما يعني بشكل واضح إلى إمكانية خسارة الأغلبية التي يتمتعون بها حاليا، وهي 53 مقعدا من ال100 مقعد أجمالي عدد مقاعد المجلس. تاسعا الطريقة السوقية التي يتعامل بها الرئيس ترامب مع منافسه، والتي عكست هبوطا أخلاقيا وقيميا غير مسبوق، فوصف يوم السبت الماضي (17/10/2020) المرشح الديمقراطي وعائلته باقذع النعوت، فقال “عائلة بايدن مؤسسة إجرامية، ويتم التستر عليها من قبل وسائل الإعلام وشركات ومواقع التواصل الإجتماعي”. وتابع بغباء مدقع، وفجور لا يمت لسمو موقع الرئاسة بصلة، فقال ب”خفة دم” مفتعلة، ومرفوضة من الشارع الأميركي باستثناء العصابات العنصرية الموالية له، انه “إذا فاز بايدن في الإنتخابات، فإنه يفكر بمغادرة البلاد.” وكأن الأميركيون سيكونون آسفين على رحيله.

في كل الأحوال من خلال القراءة الموضوعية للواقع الأميركي عشية يوم الإنتخابات، فإن تقديري الشخصي تشير إلى هزيمة الرئيس ترامب والحزب الجمهوري، ولذا يمكن القول من الآن باباي ترامب، ووداعا ايها الأميركي البشع، إلآ اذا حدث سيناريو لا يعلمه إلآ الله. وان غد الإنتخابات لقريب جدا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى