أقلام وأراء

عمر حلمي الغول يكتب – اهمية إقتراح ريفلين

عمر حلمي الغول – 23/11/2020

ساعتبر ما اعلنه الرئيس الإسرائيلي، رؤوفين ريفلين يوم الخميس الماضي (19/11/2020) مفاجأة. لا سيما وانه من اقطاب اليمين الليكودي، ومن غلاة المشروع الصهيوني، وما طرحه من خيارات سياسية يتناقض مع رؤية اليمين الصهيوني المتطرف تاريخيا، ويعتبر كفرا وشذوذا بالنسبة لدهاقنة اليمين، وخروجا عن النص والمرجعيات التكفيرية الصهيونية. ماذا إقترح؟ واهمية ما اثاره؟ القى الرئيس الإسرائيلي كلمة بعد استلامه وسام الشرف الرئاسي، في معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، صاحب التكريم والوسام، جاء فيها:” يمكننا التحدث عن دولتين لشعبين” أو “دولة واحدة لكلا الشعبين” او “إتحادا فيدراليا أو كونفيدراليا” لكن علينا اولا بناء الثقة بين الجانبين، وتابع يقول، ذكرت ذلك امام كل رئيس أميركي التقيته، وأكدت على ضرورة ايجاد وسيلة لبناء الثقة. هذا ما نقله موقع (I24) الإسرائيلي. وكأن لسان حال الرئيس الإسرائيلي، ان إقتراحه ليس جديدا، وأنه معترف ومقر بالشعب الفلسطيني صاحب الأرض، وايضا إثارته الموضوع كان يحمل إيعازا للرؤساء الأميركيين كي يساندوه في فرض ما إقترحه.

واعتقد ان الخيارات الريفلينية مقبولة مبدئيا على القيادة الفلسطينية، وإن كان خيار الدولتين للشعبين على حدود الرابع من حزيران 1967، هو الأنسب، وهو الركيزة الأساس للخيارين الأخيرين، اي “الدولة الواحدة” و”الفيدرالية أو الكونفيدرالية”. لإن المهم جدا اولا وعاشرا تكريس الإعتراف الواضح والصريح بالشعب العربي الفلسطيني، وهويته الوطنية، وبتاريخه وموروثه الحضاري، وثانيا بعد إقامة دولته المستقلة وذات السيادة وعاصمتها القدس الشرقية على حدود الرابع من حزيران/ يونيو 1967، وضمان حق عودة اللاجئين الفلسطينيين على اساس القرار الدولي 194، ومنح المساواة الكاملة لابناء الشعب في الجليل والمثلث والنقب ومدن الساحل المختلطة، وإسقاط “قانون القومية الأساس للدولة اليهودية”، وإلغاء كل مظاهر العنصرية الصهيونية ضد ابناء الشعب العربي الفلسطيني، عندئذ يمكن الحديث عن الخيارات الأخرى. خاصة وان الرئيس ريفلين لم يشر من قريب او بعيد للحدود الفاصلة بين الدولتين الفلسطينية والإسرائيلية، وايضا حتى اللحظة لا يوجد في الدستور الإسرائيلي نصا واحدا واضحا حول حدود الدولة الإستعمارية الإسرائيلية. كما انه لم يشر لطبيعة الدولة الواحدة ومحدداتها القانونية والدستورية بين الشعبين، وحتى الكونفيدرالية لم يوضح كيفيتها ولا معالمها؟

لكني اعتقد، ان التطور الذي حمله خطاب احد اقطاب اليمين الصهيوني، ممثلا بشخص الرئيس ريفلين تجاه المسألة الفلسطينية، وإستخدام مفهوم الشعب بدلالاته السياسية والقانونية، يعتبر نقلة إيجابية على اكثر من مستوى وصعيد، الأول استخدام مفهوم الشعب، ثانيا الإستعداد لإقامة دولتين لشعبين، او دولة واحدة بالبعدين الفيدرالي والكونفيرالي. بيد ان إقتراح الرئيس الإسرائيلي يشوبه الغموض في اكثر من نقطة، اولا كما اشرت انفا، لم يشر لحدود الدولتين بالضبط؛ ثانيا بالإضافة للأسئلة السابقة المتعلقة بالدولة والكونفيدرالية،  ما هي معايير الثقة المطلوبة من الفلسطينيين؟ ألم تدلل التجربة السابقة خلال ال27عاما الماضية على ان القيادة الفلسطينية كانت الملتزمة الوحيدة باتفاقيات اوسلو الموقعة عام 1993؟ ومن الذي ضرب عرض الحائط بالإتفاقيات المبرمة بين الطرفين القيادة الفلسطينية ام الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة بمن في ذلك حكومة اسحاق رابين صاحب مقولة “لا تواريخ مقدسة” … إلخ؛ ثالثا هل يملك الرئيس الإسرائيلي القدرة والإمكانية لفرض اي حل من الإقتراحات، التي طرحها؟ ام انه ينتظر دورا أميركيا لفرضها على القيادات الصهيونية؟ وهل لطرح الرئيس إقتراحاته علاقة بسقوط الرئيس ترامب في الإنتخابات الرئاسية الأميركية؟ وهل استشرف سقوطا لغريمه الفاسد نتنياهو قريبا، فرأي طرح الموضوع رفضا منه لصفقة القرن، التي ولدت ميتة، فضلا عن صمود القيادة والشعب الفلسطيني في دفنها من يوم إعلانها

يبدو ان مسألة الثقة تنحصر في الجانب الإسرائيلي دون سواه، وهذا لا يعني ان القيادة الفلسطينية سترفض ذلك، بل اني اعتقد انها سترحب بهذا الأمر، وستطرح ما لديها من مثالب ونواقص وخروج إسرائيلي على الإتفاقات المبرمة. ولمزيد من تعزيز عوامل الثقة، اقترح ان تتبنى الأمم المتحدة عموما واللجنة الرباعية الدولية خصوصا والأقطاب الدولية ذات الصلة مبادرة الرئيس عباس بالدعوة لمؤتمر دولي لبحث الموضوعات المختلفة، وترسيم اتفاقية سلام ممكنة ومقبولة إستنادا لقرارات الشرعية الدولية، ولضمان تعزيز الثقة بين الجانبين، لا سيما وان إدارة ترامب المعطلة والمتغولة على عملية السلام والحقوق الوطنية الفلسطينية ستغادر المسرح السياسي بما لها وعليها من مصائب.

ملاحظة ملفتة جدا، غالبا كل قادة إسرائيل الصهاينة مع تقدم الزمن بهم، يصلون إلى النتيجة الواقعية، ومفادها، ان لا مستقبل للدولة الصهيونية دون التعايش مع الشعب العربي الفلسطيني، صاحب الأرض والتاريخ. وكل ما يجري من عمليات تطبيع عربية متهافتة وتافهة، لا تسمن ولا تغني من جوع. ومع ذلك على القيادة الفلسطينية إغتنام الفرصة والإندفاع نحو هجوم سلام جديد، وفتح خطوط حوار مع الرئيس الإسرائيلي ريفلين وتوسيع دائرة الحوار مع قوى إسرائيلية لديها الجاهزية والإستعداد لبناء ركائز السلام الممكن والمقبول.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى