أقلام وأراء

عمر حلمي الغول يكتب – انا وفتح والمنهجية

عمر حلمي الغول

امس السبت الموافق 6 / 3/2021 التقيت عددا من الاصدقاء الفتحاويين في مكتب احد القيادات الوطنية. ورغم اني دعوت الاخوة لاسباب تتعلق بعمل مشترك، إلا ان اللقاء لم يخلُ من التعرض للانتخابات الفلسطينية القادمة، والارباكات التي تواجهها كل القوى السياسية على اكثر من مستوى وصعيد، وخاصة في حركة فتح، وعرج احد الاخوة على موضوع علاقتي بالحركة، وبعد الاطراء على استقلاليتي، والجرأة في طرح المواقف السياسية، الإ انه سجل عتبا عنوانه، انني اجامل الحركة والقيادات الفتحاوية، ولا اتعرض للمنهجية الخاطئة في سلوكيات وسياسات الهيئات القيادية.

ومع الاحترام لوجهة نظر الصديق المعني، اود ان اوضح موقفي مجددا، مع ان القيادي الوطني طالبني بعدم الرد، لإني لن ارضي المكونات الفتحاوية المختلفة. إلآ اني رأيت ضرورة تناول الموضوع حرصا على إجلاء الالتباس عند صاحب وجهة النظر، لإنه ليس الوحيد، الذي سجل هذا الرأي، وهناك العديد من الشخصيات في القوى الوطنية يرى اني منحازا لفتح، واجاملها بشكل ملفت للنظر على حساب الموضوعية، مما يسقط عني صفة الاستقلالية التي افترضها وادعيها.

واعتقد جازما، اني منحازا للمشروع الوطني، الذي تقوده حركة فتح. لإنه مشروعي، ومشروع كل وطني غيور على الهوية والشخصية والاهداف والثوابت الوطنية، ولعدم وجود قوة وطنية قادرة على حمل راية الوطنية حتى الآن. رغم اني اعلم علم اليقين نواقص وعيوب ومثالب حركة التحرير الوطني الفلسطيني “فتح” أكثر من غيري، أو اسوة بمن عايشوا التجربة، ومن موقعي وخلفيتي الوطنية، لإني عاصرت التجربة والثورة الوطنية المعاصرة منذ بداياتها، كما عملت في مؤسسات السلطة من بداياتها حتى الآن، ومطل على الايجابيات والسلبيات، وسلطت الضوء عليها مرات عدة، ووقفت امام تجربة حركة فتح، واعلنت بشكل واضح لا يحتمل الالتباس، او الغموض، او التأتأة وبعيدا عن المواربة عن مواقفي، وحتى عبرت عن ذلك في العديد من مقابلاتي التلفزيونية، ولم اخفِ مواقفي لا داخل الغرف المغلقة، ولا في العلن، وأمام القيادات الفتحاوية من رأس الهرم حتى المستويات المختلفة في الحركة.

لكن تحكمني قاعدة هامة في العلاقة مع اي مكون تنظيمي في الساحة وخاصة حركة فتح، عنوانها الاساس، التعامل مع هذا الفصيل او ذاك ككل، وليس بالقطاعي. لإن محاكاة ونقد التجارب تفرض الموضوعية، والابتعاد عن منطق النظرة الاحادية القاصرة، وأخذ جانب بعينه بعيدا عن الجوانب الاخرى، وتغليب النقد الايجابي لبلوغ الهدف الوطني العام، ومحاولة الترشيد والإغناء، وصونا للمصلحة العامة. حتى ان بعض الاخوة يعتبرني قاسيا احيانا، او اني احاول القيام بدور الاستاذ، وهذا من وجهة نظري يحتاج للدقة.

ومن يعود لسلسلة مقالاتي على الاقل منذ الإنقلاب الحمساوي اواسط عام 2007 حتى الان، يستطيع ان يقف على موقفي الموضوعي من وجهة نظري. فضلا عن ذلك لا ادعي اني معصوما من الخطأ، فانا بشر، كما الناس جميعا اصيب واخطىء. وبالتالي لا اعتقد اني جاملت يوما قائدا، ولا مسؤلا حكوميا، ولا فصيلا، ولا شخصية مستقلة على حساب المشروع الوطني، والمصلحة العليا للشعب الفلسطيني. وإن كنت احيانا اغض النظر عن بعض النواقص والارباكات السياسية والتنظيمية والادارية والكفاحية لإعتبارات المصلحة العامة، ولإفتراضي ان الابتعاد عن تناولها يصب في المصلحة الوطنية. لكني اطرح موقفي على جهات الاختصاص حيثما امكن ذلك، وبقدر ما يتاح لي هذا الامر. ومن لم التقيه مباشرة، كنت ارسل له موقفي مكتوبا دون مواربة، او كمن يضع الرأس في التراب كالنعامة.

اما بالنسبة لمنهجية حركة فتح، فهي تاريخيا تعتمد المنهجية البراغماتية. رغم وجود مدارس وتيارات في الحركة متعددة، ولها منهجيات غالبا متضاربة. لكن التيار المركزي فيها، وهو الممسك بمقاليد الأمور لا يحيد عن السياسة البراغماتية، بيد ان هذة البراغماتية لا تقفز عن الثوابت الوطنية، وتلتزم ببرنامج الاجماع الوطني، وأي موقف يعتقده البعض الفتحاوي او الوطني خروجا، هو موقف غير دقيق. لإن محاكاة تيار فتح المركزي للمصالح الوطنية العليا تختلف عن بعض فتح والقوى الوطنية. لإن مالدى القيادة من معلومات يجعلها اكثر قدرة على التعامل مع المتغيرات المحلية والإسرائيلية والعربية والدولية. وبالضرورة قد تصيب القيادة احيانا، وقد تخطىء احيانا اخرى.

بالمحصلة النهائية على الكل الفتحاوي ان يدرك بقدر ما تكون حركة فتح قوية وتخرج من ازماتها، بقدر ما تنهض الحركة الوطنية كلها، وبالتالي من الضروري الالتفاف حول الحركة وقياداتها لحماية دورها ومكانتها المركزية في الساحة، والابتعاد عن النزعات الشخصانية، وتغليب مصالح الحركة، التي هي بالضرورة مصالح الشعب العليا الوطنية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى