أقلام وأراء

عمر حلمي الغول يكتب – الكورونا لم تنقذ ترامب

عمر حلمي الغول – 6/10/2020

معركة الفوز بمقعد الرئاسة الأميركية محتدمة بين المرشحين الديمقراطي والجمهوري، رغم إصابة الرئيس ترامب (المرشح الجمهوري) بوباء “كوفيد 19” ودخوله المستشفى، العامل الذي إفترض بعض المراقبين، ان يحاول ساكن البيت الأبيض الإستفادة منه، لإعتقادهم إمكانية استثمار الجانب العاطفي في دعم الجمهور، او لإمكانية إستعماله كمدخل لتأجيل الإنتخابات، والإستفادة من الوقت بهدف تغيير مزاج الشارع الأميركي، غير ان لعبة الكورونا حتى الآن وقبل 27 يوما من التوجه لصناديق الإقتراع في ال3 من نوفمبر القادم (2020) لم تحدث تغييرا إيجابيا، بل العكس صحيح. وهذا ما عكسه آخر إستطلاع جرى في الثاني والثالث من شهر اكتوبر الحالي، أي قبل 3 ايام، حيث كانت النتائج لصالح المرشح الديمقراطي، جو بايدن بأكبر فارق في السباق الرئاسي خلال شهر، وحصل فيه على نسبة تأييد 51% مقابل 41% للمرشح المصاب بالكورونا، والذي لم يحسن التعامل مع الوباء، ومازال يتعامل بخفة وعدم مسؤولية تجاه نفسه، وتجاه المجتمع الأميركي، رغم إصابته بالفيروس، فخرج اول امس من المستشفى العسكري، والتر ريد دون الإلتزام بتعليمات الأطباء ليقوم بحملة إنتخابية وإستعراضية في آن، ليس هذا فحسب، انما وبخ بايدن لإستخدامه الكمامة. الأمر الذي إنعكس سلبا على رصيده في الشارع. طبعا هناك 4% لم يحسموا خيارهم، و4% اعلنوا انهم سيصوتوا لصالح مرشح ثالث.

رغم ان النواة الصلبة المؤيدة الرئيس ترامب، مازالت تؤيده، وتقف بقوة خلفه. كما أظهره الإستطلاع الذي جرى على مستوى الولايات المتحدة، إلآ ان التأييد لترامب خارج النواة الصلبة المؤيدة له ضعيفا ويشهد تراجعا. ومن تابع تصريحات الرئيس المرشح لولاية ثانية، لاحظ انه تجاهل الخطر والآثار الناجمة عن جائحة الكورونا، وكان صرح بأن الوباء سيختفي من تلقاء نفسه، مع ان هناك ما يزيد على سبعة ملايين اصيبوا بالكورونا، وتوفى اكثر من 210 الاف مواطن اميركي، ونتج عنه تعطيل الحياة الإقتصادية والإجتماعية والتعليمية، وترك بصمات سلبية على الشعب الأميركي. بعكس المرشح الديمقراطي الذي تعامل بجدية مع الجائحة وتداعياتها، مما عزز نسبيا من رصيده في الشارع الأميركي.

بيد ان إستطلاع الرأي الأخير، لا يعني انه حسم النتائج، وبات فوز بايدن امرا مفروغا منه. المسألة ليست كذلك، لإن هناك 27 يوما يستطيع فيها المرشح الجمهوري من تجاوز العثرات والصعوبات، التي واجهته في الفترة الماضية، وفي اعقاب المناظرة التي حصلت قبل ايام بينهما، وكان اداؤه سيئا، ووسع الفوارق لصالح خصمه الديمقراطي. بيد انه يستطيع من تقليص الفجوة بينهما.اضف إلى ان الإنتصار يحتاج لتفوق المرشح الديمقراطي في عدد كاف من الولايات الأساسية للفوز بأصوات المجمع الإنتخابي. وهذا العامل، هو الذي هزم المرشحة الديمقراطية السابقة عام 2016، هيلاري كلينتون امام ترامب. كما ان الرئيس ترامب لم يفقد شعبيته في الولايات غير المحسومة، حيث تشير التقديرات وجود تقارب في نسب التأييد بين المرشحين.

فضلا عن عوامل أخرى تؤثر في مجرى العملية الديمقراطية، منها الإقتصاد، والإعلام، والدين، والمناظرات، والعلاقات الدولية، واستطلاعات الرأي، بغض النظر عن دقتها من عدمه، غير انها تساهم في توجيه الجمهور، والسلوك اليومي والشخصي للمتنافسين وكيفية إداراتهما معاركهما الإنتخابية، ومدى جاهزيتهما، وفطنتهما في المناظرات الإنتخابية الباقية، يضاف لها إحتدام عمليات التحريض المتبادلة بين مؤيدي المرشحين، وما يمكن ان ينجم عنها من فوضى داخل العديد من الولايات، ان لم يكن في كل الولايات. لا سيما وان حملات التحريض أخذت في الأونة الأخيرة منحى خطيرا يهدد بإندلاع حرب اهلية. وعليه من الصعب الإفتراض بإمكانية إجراء الإنتخابات الرئاسية. وهناك عامل موضوعي خارج عن إرادة الجمهور الأميركي عموما، وهو إمكانية رحيل احد المرشحين، خاصة وان ترامب مصاب بوباء “كوفيد 19” وحالته غير مستقرة، ولا يبدو حتى كتابة المقال وجود تحسن في صحته. ايضا المرشح الجمهوري ليس بوضح صحي مثالي، ويمكن حدوث مكروه له بشكل طبيعي، او بسيناريو آخر. وبالتالي الحديث عن إجراء الإنتخابات في موعدها يحتمل الكثير من الإجتهاد، لإن إمكانية حدوث تطورات دراماتيكية تحول دون إجرائها أمر واردا جدا. وقادم الأيام وحده كفيل بحسم الإجابة على الإفتراضات المختلفة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى