أقلام وأراء

عمر حلمي الغول يكتب القدس تصوت بالدم

عمر حلمي الغول – 24/4/2021

معركة الدفاع عن العاصمة الأبدية، القدس لم تتوقف منذ الاحتلال الصهيوني لها في الخامس من حزيران 1967 وحتى اليوم، ولكنها خلال الـ56 عاما الماضية كانت تأخذ خطا بيانيا حلزونيا بين الصعود والهبوط، وبين التقدم والتراجع ارتباطا بتطور الأحداث فيها وحولها ومن اجلها، ومن اجل قضية الحرية وتقرير المصير والاستقلال والعودة. لأن ما يجري في زهرة المدائن مرتبط ارتباطا عميقا بكل مكونات القضية الوطنية، وهي تمثل بؤرة الصراع وعنوانه، لأنها كانت ومازالت منذ وطأتها اقدام الغزاة الصهاينة الحديثة في اوساط ستينيات القرن الماضي، وهي عنوان الضم والتهويد والمصادرة، والتي توجت بصفقة القرن الترامبية بالاعتراف بها عاصمة لدولة المشروع الصهيوني، وتم نقل السفارة الأميركية لها في ايار/ مايو 2018، ثم جاءت المصادقة على قانون “القومية الأساس للدولة اليهودية” في تموز/ يوليو 2018 ليكرس ما ادعاه الصهاينة بـ”حق تقرير المصير في فلسطين من البحر إلى النهر باليهود الصهاينة” ودون اي حق لأبناء الشعب العربي الفلسطيني في ارض وطنهم الأم. ومازالت معركة الدفاع عن الحقوق الوطنية، وانجاز السلام الممكن والمقبول على حدود الرابع من حزيران عام 1967 مفتوحة على مصاريعها.

واستمرارا للمعركة المفتوحة على مذبح الحرية والاستقلال وطرد الغزاة الصهاينة من القدس وكل ذرة تراب من دولة فلسطين، تعود للاشتعال من جديد معركة الدفاع عن القدس المستهدفة، والتي أخذت بعد انتخابات الكنيست الـ24 في آذار/ مارس الماضي توجها اكثر احتداما مع صعود الفاشية الرسمية ممثلة بحزب “الصهيونية الدينية” بزعامة سموتيريتش، وحزب الكاهانية “قوة إسرائيل” بزعامة بن غفير، وزعيم منظمة “لهبا” أو “لاهافا” إلى قبة البرلمان الصهيوني، وإعلانهم الاتفاق والتخطيط مع نتنياهو، زعيم الليكود وكل نخب وكتل اليمين المتطرف بفرض الضم على الأرض في القدس العاصمة الفلسطينية العربية، والتي تصاعدت خطوة خطوة مع دخول شهر رمضان المبارك هذا العام، ووصلت امس ليلة الخميس الجمعة الموافق 22/4/2021 لحظة الانفجار، حيث هدف الصهاينة الفاشيون للسيطرة على المسجد الأقصى وابوابه للحؤول دون وصول ابناء الشعب الفلسطيني لأولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين لأداء فروض العبادة وخاصة الصلاة، وتم الإعلان عن مظاهرة للفاشيين الصهاينة بدعم وحماية من أجهزة وقوات الأمن الاسرائيلية المختلفة، وهتفوا بشعاراتهم العنصرية “الموت للعرب” و”سنحرق قراكم” و”الدم اليهودي ليس رخيصا”، وهذه الشعارات برسم أعضاء الكونغرس الأميركي، الذين سيفرضون منهاجا تعليميا جديدا على الفلسطينيين، ليراجعوا سياساتهم الغبية والمتواطئة مع الصهاينة.

وكان هدف الفاشيون الأول الوصول لباب العامود والسيطرة عليه، لاستكمال الهجوم على كل بوابات المسجد الأقصى. ولكنهم لم يتمكنوا، وتم سحق هجومهم وإعادتهم اذلالا إلى جحورهم مع الشرطة واجهزة الأمن الصهيونية الجبانة، وحاولوا إعادة الكرة مجدا غير انهم فشلوا، ما اضطر الشرطة وحرس الحدود بتفريقهم، وإعادتهم من حيث جاءوا، لأنهم هزموا امام إرادة ابناء القدس الأبية.وكانت المعركة البطولية امتدت لحي الشيخ جراح، احد اهم بؤر المواجهة مع الدولة الصهيونية برمتها، الذي تجري فيه عمليات الهدم والضم والمصادرة للعقارات على رؤس الأشهاد. نتج عن المعركة إصابة 102 من ابناء الشعب، مقابل اصابة 22 شرطيا وجنديا صهيونيا.

وكان لوصول نجدات من ابناء مدينة ام الفحم لحماية المسجد الأقصى لأداء صلاة الفجر، وعقب المظاهرات والمواجهات المحتدمة أثر هام في تعزيز المعنويات في اوساط ابناء الشعب من المقدسيين، وتمكنوا من كسر حاجز باب حطة، ومنعوا استفراد قوات الصهاينة وقطعان مستعمريهم بالمقدسيين الأبطال.

نعم صوت الفلسطينيون المقدسيون بالدم لفلسطين والقدس العاصمة الأبدية، اثناء مواجهتهم بصدورهم العارية، وإرادتهم الفولاذية آلة البطش الصهيونية، وادواتها الفاشية، وأعلنوا النفير العام دفاعا عن كرامتهم، وكرامة شعبهم وامتهم العربية، وكرامة كل انصار ومحبي السلام والتعايش والتسامح، ورفض الموت والجريمة والإرهاب الصهيوني المنظم.

لم تنته المواجهة عند ما حصل الليلة قبل الماضية، وستتواصل الهبة الشعبية، لأن اجهزة الأمن الاسرائيلية قامت باعتقال العديد من ابناء الشعب، كما وقامت بالاتصال الشخصي على العديد من نشطاء الدفاع عن القدس من ابنائها لتحذيرهم من التواجد الليلة الجمعة السبت في ساحة باب العامود ومحيط ابواب المسجد الأقصى، غير انهم لم يذعنوا، ورفضوا استقبال التهديدات الإرهابية من ممثلي تلك الأجهزة القمعية. الأمر الذي يفرض على كل القوى والنخب وقطاعات الشعب توسيع دائرة المعركة في الجبهات المختلفة، وتقديم العون والدعم لأبناء جلدتهم لهزيمة مخطط دولة الاستعمار الصهيونية في القدس العاصمة وفي عموم الأرض الفلسطينية المحتلة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى