أقلام وأراء

عمر حلمي الغول يكتب –  العمال البريطاني يصوت لفلسطين

عمر حلمي الغول – 30/9/2021

معركة الحرية والاستقلال من ربقة الاستعمار الإسرائيلي تحتاج إلى تكاتف كل عوامل الانتصار الذاتية والموضوعية، بحكم العلاقات الجدلية الرابطة بين العاملين، ولكل عامل أهميته ودوره في رصف طريق التخلص من قيود الاستعمار وتحقيق النصر الكامل بإزالة كل اوثانه ومخلفاته الاستعمارية.

خطوة بريطانية صغيرة خطاها مؤتمر حزب العمال البريطاني يوم الاثنين الماضي الموافق 27 سبتمبر الحالي، عندما صوت على مشروع مقترح مقدم من قسم شباب الحزب، تضمن الاعتراف بالدولة الفلسطينية فورا مع تولي الحزب الحكم، ورحب بتحقيق الجنائية الدولية في جرائم الحرب الإسرائيلية على الشعب الفلسطيني، وادان النكبة المستمرة منذ 73 عاما، وهجوم إسرائيل العسكري على المسجد الأقصى والتهجير والطرد المتعمد لإبناء الشعب من حي الشيخ جراح، وطالب بفرض عقوبات على دولة التطهير العرقي كونها دولة فصل عنصري ومعادية للسلام. كما وطالب الحزب بوقف الاستيطان الاستعماري في أراضي دولة فلسطين المحتلة، وادان ضم الأراضي وعمليات التهويد والمصادرة للأراضي الفلسطينية، حسب موقع ميدل ايست. 

ورغم ان التصويت على القرار تم تمريره بسهوله، ودون تعقيدات. رغم ان حلفاء إسرائيل حاولوا تأجيل التصويت، او الغاءه، لكن الحزب انتصر لفلسطين بالتصويت على مشروع القرار. ومع ان القرار غير ملزم لقيادة الحزب، بيد انه شكل خطوة في الاتجاه الصحيح، وعمق ما صوت عليه سابقا مجلس العموم البريطاني، وأيضا كان التصويت انصافا ودعما لخيار وسياسات زعيم الحزب السابق جيرمي كوربين، الذي دفع ثمنا غاليا نتاج مواقفه الداعمة لفلسطين، حيث تم التحريض عليه من القوى المتواطئة مع دولة التطهير العرقي الاسرائيلية داخل الحزب. فضلا عن حملة التشهير، التي تعرض لها من المنظمات الصهيونية ومن والاها في بريطانيا، باعتباره “معاديا للسامية”، وهو براء من ذلك بكل المعايير السياسية والأخلاقية والقيمية. ولكن في دوامة اللعبة السياسية في دول الغرب الرأسمالي، لا تقاس الأمور وفق معايير الصح والخطأ، ولا مقاييس العدالة واللاعدالة، انما وفق منظومة قانون الغاب والمصالح النفعية والبراغماتية المريضة والمتناقضة مع ابسط معايير المنطق والمشروعية السياسية والقانونية والأخلاقية.

وقد يتساءل البعض، لماذا هذه الطنطة الفلسطينية لقرار حزب العمال، مع انه قرارا غير ملزم لقيادة الحزب، وبالتالي من وجهة نظر السائل، فإن القرار لا يسمن ولا يغني من جوع! والحقيقة ان السؤال والقراءة المسبقة للجواب بطريقة سطحية تكشف عن عدم إدراك لأهمية القرار، رغم انه ليس ملزما، وهذا صحيح. لكنه شكل خطوة متقدمة للأمام، وكشف عن حجم التطور الحقيقي داخل حزب العمال في قراءة لوحة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، ودور بريطانيا التاريخي في النكبة الفلسطينية 1948، وقبلها في اصدار وعد بلفور المشؤوم في الثاني من نوفمبر1917، الذي أصل لها. أضف إلى ان القرار والتصويت عليه وبهذا الوضوح السياسي والقانوني يحمل في طياته ارهاصات لتطور مواقف الحزب، ويساهم في خلق حالة من الجدل مع الأوساط الأخرى داخل منظمات الحزب وفي مؤتمراته، وبالتالي داخل المجتمع البريطاني ككل، لإن الحزب لا يعيش في جزيرة منفصلة.

والاهم ان القرار أكد على ضرورة اعتراف الحزب في حال تسلم مقاليد الحكم بالدولة الفلسطينية فورا، وهو ما يعتبر المدخل الإيجابي لإلزام الحكومة العمالية البريطانية القادم بالاعتراف بفلسطين الدولة، مع استتباع ذلك بالاعتذار عن اصدار الوعد المشؤوم، والعمل مع الحكومات الأوروبية والأميركية لفرض العقوبات على دولة المشروع الصهيوني. وبالتالي ونحن نبحث عن دعم القضية الوطنية في أوساط الدول والشعوب المختلفة، لا يجوز الاستهتار، او التقليل من قيمة أي منجز داعم ومؤيد للقضية الفلسطينية، لأن كل دعم يمثل إضافة إيجابية، ولبنة صغيرة في بناء ورضف طريق الحرية والاستقلال.

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى