أقلام وأراء

عمر حلمي الغول يكتب –  الرفض المطلق لقانون التسوية

عمر حلمي الغول – 11/9/2021

لا اضيف جديدا لمعلومات أي انسان فلسطيني او عربي او اممي متابع للمسألة الفلسطينية، حينما أؤكد ان معادلة الصراع الفلسطينية الإسرائيلية تاريخيا ترتكز على مسألتين أساسيتين الأولى تطهير عرقي للشعب العربي الفلسطيني؛ الثانية السيطرة على الأرض، وهاتان النقطتان عكسهما شعار الحركة الصهيونية الكاذب والمزور لحقائق الجغرافيا والتاريخ والدين والقوانين الوضعية، وهو الشعار القائل “ارض بلا شعب، لشعب بلا ارض”، والذي وجد صداه وحضوره وتطبيقه على مدار ما يزيد على القرن في الارض الفلسطينية. وبالتالي ما يسمى قانون تسوية حقوق عقارية وتسجيل الأراضي في مدينة القدس”، الذي أعلنت عنه أليت شاكيد، وزيرة العدل آنذاك في 19 اذار / مارس 2018، واستهدف في البداية عددا من احواض المدينة المقدسة، منها 1- حوض (30786) أراضي صور باهر، موقع جرن البيضاء، والشعاب، وربطة الواقعة شرقي صور باهر، 2- أراضي قرية بيت حنينا بالحوض (30605) حوض رقم (5) المعروف باسم الخرايب جنوب المنطقة الصناعية “عطروت”، 3- أراضي قرية بيت حنينيا الحوض رقم (30606) المعروف باسم عداسا، 4- أراضي الشيخ جراح الحوض (30521) عند جامع الشيخ جراح والأراضي المقام عليها كلا من جمعية الشبان المسيحية ومدرسة دار الطفل وفندق الاميركان كولوني والمركز الثقافي الإسلامي، 5- الحوض (30 585) من أراضي حزما “شرق مستعمرة بسجات زئيف” الحوض رقم (6) المعروف باسم الشقاقي، وتعود ملكيته الى عدة عائلات اكثرها أبو خليل وعسكر، وتقع خلف الجدار، والهدف هنا إقامة مشروع لربط مستعمرة “ادم” مع مستعمرة “النبي يعقوب” عن طريق إقامة جسر بينهما.

وحسب تشخيص الائتلاف الأهلي لحقوق الفلسطينيين في القدس، فإن الأهداف الصهيونية تتمثل في: أولا السيطرة على الأرض وتهجير المقدسيين؛ ثانيا توسيع وتعميق عملية الاستيطان الاستعماري في القدس العاصمة الأبدية؛ ثالثا تضييق المساحة المتاحة لإبناء الشعب العربي الفلسطيني للبناء كمدخل لعملية التطهير العرقي؛ رابعا مضاعفة القيود المفروضة على المقدسيين في عمليات الترخيص للبناء، ورفع كلفة التكاليف الباهظة أصلا للحصول عليها من قبل بلدية الاستعمار الإسرائيلية للحؤول دون تمكن المواطنين للبناء في أراضيهم واملاكهم؛ خامسا للانقضاض على البيوت المقدسية غير المرخصة، والتي يقدر عددها ما يزيد عن العشرين الفا وهدمها لاحقا؛ سادسا اختيار الاحواض لم يكن عفويا او محض الصدفة، انما لان بها ثغرات تخدم سياسة التطهير العرقي، وتساعدها على مصادرة أراض كبيرة من خلال قانونها العنصري “أملاك الغائبين”، ونتيجة عدم تسوية الأراضي قبل احتلال عام 1967 من قبل السلطات الأردنية المختصة.

هذه وغيرها من الأهداف والوسائل والانتهاكات داخل المدينة المقدسة تهدف لبعدين أساسيين، هما الأول تقليص عدد السكان المقدسيين الفلسطينيين إلى الحد الأقصى في عاصمتهم وارضهم، والثاني تهيئة الشروط الديمغرافية الاستعمارية للضم الفعلي لزهرة المدائن. ولنلاحظ التزامن بين اصدار قانون “التسوية” وبين إقرار وتخصيص حكومة الاستعمار الإسرائيلية مبلغ (560,000,000) خمسماية وستون مليونا من الدولارات الأميركية  من الموازنة لتعزيز السيطرة والسيادة الإسرائيلية على القدس العاصمة خلال الخمس سنوات القادمة، وتم تخصيص مبلغ (14,000,000) أربعة عشر مليون دولار أميركي لتنفيذ قانون “التسوية العقارية” في 13 أيار / مايو 2018. فضلا عن مئات الملايين التي توظفها الجمعيات والمؤسسات الصهيونية للسيطرة على عاصمة الثقافة الأبدية المحتلة.

والاهم والذي يستوقف المتابع للمنهجية الاستعمارية الإسرائيلية، ان حكومات دولة التطهير العرقي الإسرائيلية بعد احتلالها للقدس في 5 حزيران / يونيو 1967، ومع انها قامت بإعلان الضم للمدينة مباشر، وهدمت بالجرافات حي المغاربة، واحدثت تغييرات كبيرة في عاصمة فلسطين، بيد انها خلال العقود الخمسة السابقة من استعمارها لم تسن قانون “التسوية”، وتركت امر البناء مفتوحا لاستغلال الثغرات انفة الذكر، والثغرات الجديدة الممثلة بعدم الترخيص لتحقيق الهدف الأساس وهو ضم العاصمة الفلسطينية.

وملاحقة للتطور، ولبحث كيفية المواجهة، الذي تأخر كثيرا من قبل جهات الاختصاص، تم عقد سلسلة من الاجتماعات ضم الهيئات الرسمية الفلسطينية من دائرة القدس في المنظمة، إلى وزارة القدس، إلى وزارة الخارجية وتجمع الأهالي المقدسيين، وخلصوا الى مجموعة من القرارات ذات الصلة، والتي لا اريد إعادة نشرها، ولكن سأتوقف امام نقطة، والتي جاءت ردا على السؤال الأساس “هل يتم التعامل مع قرار تسوية الأملاك أم يجب ان تتم مقاطعته لخطورة المشروع … ” كان الجواب حمالا للأوجه، وجاء ملتبسا وغامضا، ويقول: ” هو عدم التعامل مع المشروع، ولكن في حالة أخطر الافراد التوجه للتسجيل، يتم تقديم الاستشارات القانونية والفنية.” الامر الذي أوقع المواطن المقدسي في الحيرة والارباك. ثم ماذا تعني الاستشارة، ولماذا يتم القبول من حيث المبدأ بقانون التسوية، ونحن والعالم كله بما في ذلك الولايات المتحدة الأميركية نؤكد ونعلن ليلا نهارا، ان القدس الشرقية، هي جزء لا يتجزأ من أراضي دولة فلسطين المحتلة في الخامس من حزيران / يونيو1967، وكل الإجراءات الإسرائيلية تتناقض وقرارات الشرعية الدولية، وبالتالي لا يجوز للحظة التعامل مع الرؤية الإسرائيلية، التي تسيطر على 87 % من أراضي القدس العاصمة الأبدية لفلسطين، وعليه تملي الضرورة على الجهات المعنية والمختصة إعادة النظر في الجزء الأخير من النص، وتحمل المسؤولية الكاملة للدفاع عن حقوق الشعب ومصالحه الخاصة والعامة، وملاحقة الدولة الخارجة على القانون امام المنابر الأممية ومحكمة العدل الدولية، ومحكمة الجنايات الدولية لفضحها وتعريتها، وكشف حقيقتها اكثر فاكثر امام الرأي العام العالمي، والعمل على توسيع وتأطير المقاومة الشعبية في القدس وكل المحافظات والمدن والقرى والمخيمات الفلسطينية في ارجاء الوطن المحتل للرد على جرائم وانتهاكات الدولة الإسرائيلية الاستعمارية. ولا شيء غير ذلك.

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى