أقلام وأراء

عمر حلمي الغول يكتب – الدكتاتور يطارد المظاهرات

عمر حلمي الغول – 3/10/2020

في الحرب المفتوحة بين الإسرائيليين الصهاينة والحاكم الفاسد نتنياهو نجح مع حلفائه الجدد في حزب “مناعة إسرائيل”، أو كما يحبون تسمية انفسهم تحالف “ازرق ابيض” في تمرير تعديل قانون “صلاحيات كورونا” في الكنيست يوم الأربعاء الموافق 30 ايلول/ ديسمبر الماضي (2020) الذي يقيد حرية التظاهر، ويمنع القانون المتظاهرين بالابتعاد عن اماكن سكناهم أكثر من كيلو متر واحد، وبعدد لا يزيد عن عشرين متظاهرا؟! والهدف من التعديل ليس الجانب الصحي، ولا علاقة له بكورونا، لان بؤر تفشي المرض معروفة للجميع، واقصد تجمعات الحريديم والمتدينين عموما، الذين هددوا بلسان وزير الداخلية، اريه درعي بالانسحاب من الحكومة في حال فرضت عليهم اية قيود، وبالتالي خلفيات التعديل، التي دعمها بيني غانتس، وغابي أشكنازي من “حصانة إسرائيل” لم تكن المسألة الصحية، وانما حماية المتهم الفاسد، والملاحق بثلاث قضايا فساد: الرشوة والاحتيال وخيانة الأمانة من المحاكمة، وتطويل امد الحكومة العرجاء، الواقفة على قشة، قد تهوي مع اول هبة ريح بسيطة. انما المستهدف هو المتظاهرون الإسرائيليون، الذين واصلوا التظاهر اسبوعيا على مدار خمسة عشر اسبوعا خلت بالآلاف للمطالبة بإقالة المتهم بقضايا خيانة الامانة ساكن شارع بلفور.

وكان عدد من الوزراء والمسؤولين المشاركين في اجتماعات الحكومة أكدوا: أن نتنياهو سعى لفرض الإغلاق الشامل والمشدد الحالي بهدف تقييد قدرة المحتجين من الوصول إلى المظاهرات، وخاصة تلك التي تجري قبالة مقر إقامته الرسمي في شارع بلفور. كما ان غالبية المسؤولين في وزارتي الصحة والمالية رفضوا سياسة الإغلاق العام، ونصحوا بإغلاق المناطق الموبوءة، وخاصة مناطق الحريديم، الذين يؤدون صلوات جماعية، إلآ ان رئيس الحكومة الفاسد، رفض الاستجابة لهم، ومنح تسهيلات إضافية لهم بدعم من مدير عام وزارة الصحة، حيزي ليفي، وابقى الييشيفوت (المعاهد الدينية اليهودية) مفتوحة امام طلابها من دون تطبيق بروتوكولات وزارة الصحة. وهو ما يشير إلى ان التعديل انتقائي، وذات خلفية شخصية تخدم شخصا بعينه، اسمه بنيامين نتنياهو، الرجل المسكون بالنرجسية المفرطة، حتى امسى دكتاتورا من طراز الحكام العرب والعالم الثالث. وهو ليس مستبعدا ان يكون كذلك، لانه يحمل نزعاته العنصرية الاستعمارية والفاشية على حد سواء. لا يعنيه من حقوق الإنسان سوى الجمل الفارغة، كما حليفه وصديقه الأميركي، دونالد ترامب، والنقطة المحورية في حياتهما، تتركز في بقائهما على سدة الحكم.

كما ذكرت في اكثر من مرة، ان زعيم الليكود الحاكم، فضلا عن انه دكتاتور صغير، ايضا هو حاوي ناجح، تمكن من الفوز في تضليل الشارع الصهيوني المتناقض معه، عندما قدم نفسه بصورة “المنقذ” لإسرائيل من ازماتها، وهو يعي في قرارة نفسه، كما يعي ذلك كل مراقب يملك حدا ادنى من المعرفة انه رجل فاسد، ولص صغير. لان الإنقاذ كان لشخصه، وهو ما نجح فيه عندما شكل الحكومة بذريعة تفشي جائحة كورونا قبل خمسة اشهر، والآن ينجح في مطاردة المتظاهرين الإسرائيليين. ويحول دونهم، ودون حقوق الإنسان، التي يدعي انه “حريص” بالدفاع عنها، و”يتغنى” أسوة بكل الاستعماريين الصهاينة، ان إسرائيل “واحة الديمقراطية” في الشرق الأوسط. بيد ان الحقيقة والشواهد الماثلة الآن في الساحة الإسرائيلية تشير إلى عدم وجود حد ادنى من الديمقراطية، لانها كدولة استعمارية، ومغتصبة لارض شعب آخر، وتمارس العنصرية والفاشية، وتضطهد الشعب العربي الفلسطيني، وتحرمه من الحد الأدنى من حقوقه السياسية، وحقوق الإنسان الأولية، فهي إذاً دولة لا تمت للديمقراطية بصلة، لا بل انها دولة معادية لها، وهي دولة فاشية.

نتنياهو وغانتس والكنيست شركاء في مطاردة المتظاهرين الصهاينة المطالبين بإقالة رئيس الحكومة، لانه متهم بقضايا الفساد والرشوة والاحتيال وخيانة الأمانة، ولانه ليس امينا على مصالحهم، وهدد ويهدد مستقبلهم المعيشي والحياتي والسياسي عموما.

نجح رئيس الوزراء الإسرائيلي في تكريس نفسه كحاكم بأمره، ورسخ جذور الدكتاتورية في القضاء، وفي اغتصاب الحكم عبر التهريج ولعبة الثلاث ورقات، وبانتهاك حقوق الإنسان، وبمواصلة سياسة الاستعمار، واستخدام ابشع اشكال البطش والحصار الظالم على ابناء الشعب الفلسطيني، ورفض خيار السلام الممكن والمقبول المرتكز على حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران/ يونيو 1967، ومع ذلك نهاية الحاوي ستكون على يد الشارع الإسرائيلي نفسه، وفي المستقبل المنظور. مع انه مازال الأكثر شعبية في ظل غياب شخصية كارزماتية إسرائيلية منافسة. لكن كل شيء قابل للتغير في المشهد الإسرائيلي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى