أقلام وأراء

عمر حلمي الغول يكتب –  الحرب على خِرب وقرى الخليل

عمر حلمي الغول – 6/10/2021

محافظة الخليل عموما وخِرب وتجمعات وقرى ومدن المحافظة تشهد حربا ضروسا على كل معالم وتاريخ وتراثها الحضاري والإنساني اسوة بالعاصمة الفلسطينية الأبدية، القدس، ولا تتوقف الحملة الاستيطانية الاستعمارية بمختلف أذرعها وادواتها على الحرم الابراهيمي الشريف وشارع الشهداء، ولا على محيط مستعمرة كريات أربع ولا غوش عتصيون انما تطال كل سنتيميتر من محافظة خليل الرحمن. والمتتبع للهجمة الوحشية على المحافظة الأكبر في الوطن، والمركز التجاري والصناعي والاقتصادي المتميز يلحظ، ان الاخطبوط الصهيوني يستخدم كل ذرائعه واضاليله وادواته الاجرامية لنهش جسدها، وتطويقها بالمستعمرات، والسيطرة على أراضيها، ومحاصرتها بسلسلة من الاطواق من الشمال والجنوب والغرب والشرق وفي الوسط.

وإذا ما اخذنا جنوب الخليل وخاصة شرق مدينة يطا نموذجا لتسليط الضوء على ما يجري من عمليات مصادرة وتهويد وتهجير ومطاردة للمواطنين الفلسطينيين، ووفق ما تضمنه تقرير المكتب الوطني للدفاع عن الأرض ومقاومة الاستيطان، التابع لمنظمة التحرير الصادر في الثاني من تشرين اول / أكتوبر الحالي، نجد ان سلطات الاستعمار الإسرائيلية تنفذ مخططا تصعيديا في حملتها الاجرامية على المواطنين وممتلكاتهم لترهيبهم، ودفعهم للهجرة الطوعية تحت ضغط ارهابهم العنصري بهدف مصادرة  38500 دونم، وطرد ما يزيد على الثلاثة الاف مواطن يعيشون في تلك المنطقة، والتي تضم التجمعات والخِرب والقرى التالية: جِنبة، التبان، والفَخيت، والمجاز، وحلاوة، وصْفَى الفوقا، وصْفَى التحتا، ومَغايرالعَبيد، والرّكيز، والمفَقرة، وصارورة، وخَلة الضبع، وشِعب البطم، وقواويص، وبئر العِد، وطوبا، وسَدة الثعلة، وسوسا والتواني

وهذه الخرب والتجمعات والقرى فضلا عن انها تعاني بالأساس من النقص الحاد في الخدمات من اساسيات الحياة وخاصة من نقص السكن والخدمات الصحية والتربوية والطرق، وتعاني من حرارة الصيف وبرد الشتاء، مع ذلك تقوم سلطات الاستعمار وقطعان المستعمرين بالتعاون مع قوات جيش الموت الإسرائيلي بمطاردتهم ليل نهار ومن بيت لبيت وتحت تهديدهم بالبلطات والسكاكين ومطارق الحديد، فضلا عن الأسلحة النارية. وتقوم بشكل دوري على هدم حظائرهم وخيامهم وبركساتهم وبيوتهم المتواضعة بذريعة انها شيدت دون تراخيص، كما وتستخدم تلك العصابات الصهيونية ذريعة عنوانها منطقة التدريب العسكري للجيش الإسرائيلي، وخاصة في مهاجمتها لقرية “المفقرة” والقرى ال12 المجاورة لها، والتي يعود وجودها لثلاثينيات القرن الماضي، وهي سابقة على وجود دولة الاستعمار الإسرائيلي، التي قامت على انقاض نكبة الشعب الفلسطيني عام 1948.

ومنذ العام 1999، وهو عام انتهاء المرحلة الانتقالية من اتفاق المبادئ (أوسلو) صادرت الأراضي هناك، وحولتها لمنطقة تدريب تحت الرقم 918. والسؤال هنا، لماذا وعلى أي أساس تحولوا أراضي المواطنين الفلسطينية لمنطقة تدريب؟ واي قانون وضعي او ديني يشرع لكم هذا الحق؟ وأين هو العالم عموما والولايات المتحدة واداراتها المتعاقبة خصوصا من جرائم حرب إسرائيل الاستعمارية؟

كل الأسئلة على ما يبدو لا قيمة لها، ولا يمكن ان يجاب عليها، لإن دولة التطهير العرقي الصهيونية منذ وجدت، وهي دولة فوق القانون، وخارجة على القانون، ولا تحسب حسابا لأية قوانين او شرائع دولية، وتعتبر نفسها دولة قوانين الغاب والمافيا والبلطجة، لأنها محمية من دول الغرب الرأسمالي عموما والولايات المتحدة خصوصا، والتي اعطتها وتعطيها حق استباحة الحقوق والمصالح الوطنية الفلسطينية تحت ذريعة “حق الدفاع عن النفس”، وهذا مناف لأبسط معايير القوانين والشرائع الدولية، ويتنافى كليا مع تصريحات ومواقف تلك الدول، التي تنادي بتطبيق قرارات الشرعية الدولية وحل الدولتين على حدود الرابع من حزيران / يونيو 1967.

مع ذلك ان مواجهة التحدي الإسرائيلي يتطلب توحيد الجهود والطاقات الفلسطينية ميدانيا، وتعزيز فعاليات المقاومة الشعبية كجزء من عملية شاملة لكل محافظات الوطن، ووفق اليات عمل مشتركة لإرغام العصابات الصهيونية وجيش الموت والجريمة المنظمة وقيادتهم السياسية والعسكرية بالتوقف عن التطاول على الحقوق والمصالح الوطنية، ومواصلة عملية فضح وتعرية تلك السياسات والقاء مخططات إسرائيل المارقة على طاولة الأمم المتحدة بمختلف منظماتها وهيئاتها وأيضا امام مختلف المنابر الأوروبية والأميركية وغيرها من الإطارات الإقليمية والقارية لتحشيد العالم لدعم حقوق الشعب العربي الفلسطيني.

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى