أقلام وأراء

عمر حلمي الغول يكتب – الانتخابات الخامسة على الأبواب

عمر حلمي الغول – 12/5/2021

عود على بدء، فإن تكليف الرئيس الإسرائيلي، رؤبين رفيلين، ليائير لبيد، رئيس حزب “يوجد مستقبل” يوم الأربعاء الموافق للخامس من الشهر الحالي، بعدما أعلن بنيامين نتنياهو، زعيم الليكود فشله في تشكيل حكومة من اليمين مدعومة من أعضاء الحركة الإسلامية الجنوبية، بزعامة منصور عباس، لا يبدو أنه يحمل آفاقا لتشكيل حكومة إنقاذ من مجموعة القوى والكتل الصهيونية الممتدة على مساحة الخارطة الحزبية من أقصاها إلى أقصاها، أي من أقصى اليمين المتطرف (بينت، ساعر، ليبرمان) إلى ما يسمى باليسار والوسط (ميرتس والعمل) ومدعومة من كتلتي بقايا المشتركة ومجموعة الإخواني منصور عباس من الخلف.

وعلى فرض أن القوى المتحالفة الآن ضد شخص رئيس حكومة تسيير الأعمال، نتنياهو الفاسد، تمكنت في أفضل الأحوال من تشكيل حكومة، وتم ردم الهوة فيما بين تلك القوائم المتنافرة، وتم الاتفاق على المفاصل المهمة، ومنها: التناوب على رئاسة الحكومة، وتوزيع الحقائب الوزارية، وبرنامج عمل الحكومة العام وغيرها من التفاصيل ذات الشأن، ونجحوا في إسقاط نتنياهو، إلا أن حكومتهم لن تعمر طويلا، وستنهار بعد شهور قليلة جدا قد لا تتجاوز أصابع اليد الواحدة. لماذا؟ لأسباب عدة، لكن قبل تحديدها لا بد من القول، لا يجوز قراءة اللوحة الإسرائيلية الآن بمدى مرونة وسعة صدر رئيس الحكومة المكلف، واستعداده العالي لتقديم تنازلات صعبة لصالح اليمين المتطرف المتمثل بكل من حزبي “أمل جديد” و”يمينا” ومعهم “يسرائيل بيتينو” لبلوغ هدف التخلص من نتنياهو، ودفنه سياسيا في زنازين السجن بتهم الفساد والرشوة والاحتيال الموجهة له، وهو هدف قابل للتحقيق، وأجزم، كما جزمت فيما مضى، أن عهد نتنياهو وسارة ولى وانتهى، وهو على رأس حكومة تسيير الأعمال الحالية، وحتى لو فشل لبيد في مهمته.

إذا قدرة لبيد على محاكاة التعقيدات الشائكة في مشروع ائتلافه الحكومي الجديد والخليط من المركبات الحزبية المختلفة آنيا، لا تعطي حكومته القادمة “كريدت” لاستمرارها، وتجاوزها الكم الكبير من العقبات والتنافرات الأيديولوجية والعملية والحسابات الخاصة بكل قوة، ولا تمنح أي رئيس حكومة مهما كانت براعته البراغماتية والسياسية والإدارية، من تفادي حقول الألغام المنتشرة على طول الطريق بدءا من أول خطوة وصولا لنهايتها المبكرة. وبالتالي الرهان على صمود حكومة الفسيفساء الحزبية العجيبة، هو رهان خاسر، لعدة عوامل، منها: أولا الأزمة في إسرائيل ليست أزمة بقاء أو رحيل نتنياهو، وإن كان يمثل مظهرها الخارجي، وعنوانها الطافي على السطح، إنما أزمة المشروع الصهيوني برمته، أزمة الدولة الكولونيالية، أزمة البقاء أو الاندثار والاضمحلال. والجميع يعلم أن دولة المشروع الاستعماري الصهيوني لا يوجد لها هوية واضحة ومحددة، والتناقضات القائمة بين مركباتها الدينية والطائفية والمذهبية والعلمانية وغير العلمانية والاجتماعية والثقافية، فضلا عن التناقضات مع صاحب الأرض والتاريخ والحقوق السياسية والقانونية في وطنه الأم، الشعب الفلسطيني، ومع المحيط العربي، الذي لم يسلم، ولن يسلم بما يسمى اتفاقات “ابراهام” للتطبيع الاستسلامي المذل، ويضاف لكل ذلك تراجع وانكفاء دور ومكانة إسرائيل في المعادلة الإقليمية والدولية؛ ثانيا تركيبة الحكومة من الخليط العجيب لا يسمح لها بالتقدم، حتى لو قفزت عن الموضوع الفلسطيني، وعملية السلام، فهي ساقطة لا محالة نتاج الصراعات والتناقضات العميقة فيما بين قواها المكونة، ليس على تقاسم كعكة الحكومة، إنما في كيفية مواجهتها للأزمات الاجتماعية والاقتصادية والدينية والأيديولوجية والسياسية؛ ثالثا تنامي واتساع التباين والتناقض مع الولايات المتحدة في العديد من الملفات، ومنها الملف النووي الإيراني، وملف العلاقة مع الداخل الأميركي، بالإضافة لملف الاستيطان الاستعماري والحل السياسي. وهنا لا يتوقف أمر الملف السياسي على توافق الأحزاب والقوائم الإئتلافية فيما بينها بالقفز عن ملف الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، لأن هناك عاملا موضوعيا لا يمكن القفز عنه شاء بينت أو لم يشأ ساعر ومن لف لفهم، مطلوب منهم التعامل مع السياسة الدولية، وتقديم إجابات على أسئلة التحدي… إلخ، من الملفات الداخلية والخارجية الشكلية والجوهرية.

النتيجة المنطقية والعلمية تؤشر إلى ذهاب إسرائيل للانتخابات الخامسة في المدى المنظور والقريب، وأيضا الدورة الخامسة لن تحل معضلة الدولة المارقة والخارجة على القانون شاءت القوائم والكتل الحزبية، أو لم تشأ هذا هو واقع الحال في الدولة غير الطبيعية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى