أقلام وأراء

عمر حلمي الغول يكتب – احموا الفكرة

عمر حلمي الغول – 6/7/2021

مرة أخرى سأتوجه للإخوة أبناء وأنصار حركة التحرر الوطني الفلسطيني “فتح” لأدعوهم لحماية الذات الفتحاوية، وصيانة المكانة والدور، الذي تبوأته في الحركة الوطنية الفلسطينية، وحماية المشروع الوطني، وذلك لحماية الحركة الوطنية والمشروع والأهداف الوطنية، وصون مكانة ومصالح الشعب العليا.

ولإبراز أهمية ودلالات الفكرة، رأيت من الواجب تسليط الضوء على أهم وأبرز مفاصلها، وأين تجلى الإلهام فيها، وكيف تفوقت فتح على غيرها من قوى حركة التحرر الوطني الفلسطينية بمختلف مكوناتها، ما سمح لها بالتربع على مركز القرار الوطني، كون الفكرة ليست كلمة مجردة دون مضامين ومحتوى، العكس الصحيح، وتتمثل في:  أولا التركيز على عمليتي التحرر الوطني والبناء، وإسقاط أية عناوين أخرى؛ ثانيا تمرد النواة الأولى للحركة على المدارس الفكرية والعقائدية المختلفة، وتمثلها جميعها في آن، من خلال فتح

أبواب الحركة لكل مناضل وطني يؤمن بالكفاح التحرري وتحرير فلسطين من المستعمر الصهيوني؛ ثالثا الانشداد لموضوع الوحدة الوطنية مع الفصائل كافة وقطاعات ونخب الشعب، دون التخلي عن دورها الريادي والقيادي في الساحة الوطنية، ولهذا أولت أهمية مركزية للتسيد على رأس منظمة التحرير الفلسطينية، الممثل الشرعي والوحيد للشعب، وعدم التفريط بذلك حتى اليوم وغدا وإلى ما شاء الله؛ رابعا اعتماد كافة أشكال النضال كافة، مع إعطاء الأولوية للكفاح المسلح في العقود الأربعة الأولى، ثم الانتقال للكفاح الشعبي بعد الانتفاضة الكبرى 1987/1993؛ خامسا الاعتماد على الذات الوطنية كأساس لعملية التحرير، وامتلاك روح المبادرة في شق عملية التحرر، والتي تجلت بالتمسك بالقرار الوطني المستقل، دون أن يعني ذلك التقوقع على الذات الوطنية، وإنما عبر عملية الربط الجدلي بين الوطني والقومي والأممي؛ سادسا الدهاء السياسي عبر فتح أبواب المناورة والتكتيك السياسي على مداياته، وعدم خنق الذات الفتحاوية تحت سقف شعارات ومبادئ فكرية أو عقائدية يمكن تغييرها بما يخدم الرؤية الاستراتيجية، وإن وقعت أحيانا في أخطاء من خلال تغليب التكتيكي على الاستراتيجي، لكن السياق العام بقي باتجاه البوصلة الوطنية العامة؛ سابعا الانفتاح على كل الأفكار والمدارس والاقتراحات السياسية؛ ثامنا التعامل دون تحفظات مع المنظومة السياسية العربية والإسلامية والدولية، وإبقاء الأبواب مشرعة معها، وإبقاء شعرة معاوية قائمة مع الجميع بغض النظر عن درجة التباين أو التناقض مع الدول أو القوى؛ تاسعا التعامل المرن مع التحولات الدراماتيكية التي شهدتها الساحة والإقليم والعالم، دون التخلي عن الثوابت الوطنية؛ عاشرا تقليص حجم الأعداء، واستخدام خطاب سياسي متحرك وبعيد عن المنطق التوتيري الانفعالي، وعندما كانت اللحظة السياسية تحتاج التصعيد، كان يتم توزيع الأدوار بين أعضاء اللجنة المركزية، وبين حركة فتح وفصائل العمل الوطني، واستثمار هذا التموج والتباين في المواقف لصالح القضية الوطنية؛ حادي عشر الربط بين النضال المسلح وأشكال الكفاح الأخرى والعمل السياسي، وتدوير الزوايا لانتزاع المكاسب والإنجازات الوطنية في المنابر الأممية .

كثرة العناوين وتجليات الفكرة الفتحاوية، التي ما زالت تمثل بوصلة مدرسة الفتحاويين في المحافل والمنابر المختلفة. والتي تجلت برفض الجمود والتطرف واللغة والخطاب الأقصوي في التعامل مع الآخر، حتى مع الانقلابيين من جماعة الإخوان المسلمين وغيرهم من الأشقاء العرب والإسلاميين والأمميين. وهذة اللغة الانسيابية الفتحاوية كانت بمثابة المفتاح السحري لدخول الحركة إلى كل المنابر، والتي رفدتها بالكفاح والعطاء.

لكن هذة الفكرة الإبداعية قد تتبدد إن لم تحرص الأجيال الفتحاوية الجديدة على حمايتها، وتمثلها كما يليق بها، وكما يفترض أن تكون عليه في الشارع الوطني وفي الميادين العربية والدولية. ويفترض أن يحتل الشارع الفلسطيني الأولوية، لأن العلاقة معه تبقي الجسور مفتوحة، وقوية وراسخة مع الشعب، لأنه كان وما زال وسيبقى هو الحاضنة الأولى والأهم بالنسبة للحركة. ومن يعتقد أنه فوق الشعب يخطئ كثيرا، ولا يفقه في علم الفكرة الفتحاوية شيئا، ولا في علم السياسة. الحصانة والدعامة المركزية والأولى لحركة فتح، هو الشعب، كل الشعب بمختلف تلاوينه، ولا يجوز لكائن من كان أن ينسى العنوان الأول من الفكرة الملهمة، وهي الاعتماد على الذات الوطنية، على الشعب، وحماية القرار الوطني المستقل، وهذا لا يتم بالابتعاد والانعزال، أو بإساءة التصرف مع أبناء الشعب وقطاعاتهم المختلفة. لتحمي حركة فتح ذاتها ومكانتها، عليها حماية الفكرة، دون ذلك سيضمحل الدور والمكانة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى