أقلام وأراء

عمر حلمي الغول يكتب – أولوية لقاء القاهرة

عمر حلمي الغول – 9/6/2021

بدأت الوفود الفلسطينية في التوافد على قاهرة المعز، وأول الوفود كان وفدي الحركتين الرئيسيتين فتح وحماس، اللذين وصلا امس الثلاثاء، وسيجريان حوارا برعاية الراعي المصري قبل وصول باقي الوفود الفلسطينية الأخرى من الضفة وغزة ودمشق، ليجسروا التباينات، ويقربوا المسافات، ويتفقوا على المرتكزات الرئيسية لعمل المرحلة المقبلة، وتجاوز كل المنغصات والمناكفات والثرثرات غير ذات الجدوى.

وأرى من وجهة نظري، أن يركز قادة الوفود، خاصة قادة حركتي فتح وحماس، على ضرورة ما يجب العمل عليه راهنا وفي المرحلة المنظورة من العملية الكفاحية الفلسطينية، وبقدر ما يفترض أن يرسخوا ويعمقوا الإنجازات والنجاحات، التي حققتها هبة القدس العظيمة في العاصمة الأبدية، وداخل أراضي الـ48 وعلى جبهة قطاع غزة، بقدر ما تملي الحاجة إلى وضع رؤية عملية وعلمية وواقعية لتكريس تلك الإنجازات، ووضع السيناريوهات كافة لمواجهة التحديات الصهيونية الماثلة الآن في زهرة المدائن وأحيائها المختلفة، وأماكن العبادة الإسلامية والمسيحية عموما والمسجد الأقصى خصوصا، لأن المعركة لم تنتهِ لا في القدس خصوصا ولا في الضفة عموما، ولا في الجليل والمثلث والنقب والمدن المختلطة ولا في قطاع غزة، كون دولة المشروع الصهيوني الاستعمارية لا تستطيع التعايش مع الهزيمة، لا سيما أن أية هزيمة لها، تعني انتفاء مطلق لمبرر الدولة المشروع. وبالتالي هي قد تتراجع مؤقتا دون أن تقر بالهزيمة، ولكنها تواصل تنفيذ مشروعها الكولونيالي في مرحلته الثانية، أي إقامة “دولة إسرائيل الكاملة” على كل أرض فلسطين التاريخية، مع التمدد بعمليات التطبيع المجاني في الوطن العربي والشرق الأوسط عموما. وبالتالي من يعتقد أنه هزم الدولة الاستعمارية الصهيونية، يكون أخطأ الحساب. نعم تم تحقيق مكاسب وإنجازات واضحة وملموسة، وهو ما يعني خطوة بالاتجاه الصحيح نحو تجسيد الأهداف الوطنية.

عود على بدء، فإن المرتكزات الأساسية الواجب التركيز عليها، هي أولا ترسيخ الوحدة الوطنية، ونقلها من المجال الميداني إلى المجال السياسي والقانوني والإداري اللوجستي لتوحيد الشعب بمختلف تجمعاته تحت مظلة منظمة التحرير؛ ثانيا إيلاء الأهمية القصوى للقدس العاصمة من حيث توحيد جهود القوى الوطنية، ووضع خطة لمواجهة التحديات الصهيونية فيها، والدفاع عن هويتها الوطنية والقومية وأماكن عبادتها المختلفة وأحيائها، وصد عمليات التطهير العرقي في أحيائها جميعا، واستعادة مؤسسات منظمة التحرير فيها: بيت الشرق والمسرح وكل معلم وطني فلسطيني، والضغط لفرض إجراء الانتخابات التشريعية فيها؛ ثالثا التوافق على تشكيل حكومة وفاق وطني، أو حكومة وحدة وطنية وفقا للاتفاقيات المبرمة وآخرها اتفاق تشرين الأول/اكتوبر 2017؛ رابعا العمل على إعادة إعمار ما دمرته الحرب الهمجية الصهيونية في قطاع غزة على مدار الاحد عشر يوما من شهر ايار/ مايو الماضي، وتشكيل لجنة وطنية تحت إشراف الحكومة بالتعاون مع مصر الشقيقة والأمم المتحدة ومن يرغب من الأشقاء والأصدقاء؛ خامسا التركيز على ملف منظمة التحرير من حيث الاتفاق النهائي على تشكيلة المجلس الوطني الجديدة، وضم كل من حركتي حماس والجهاد للمؤسسات كافة اللجنة التنفيذية والمجلسين المركزي والوطني والدوائر، ودعوة المجلس المركزي للانعقاد في أقرب الآجال لإقرار ما يتم الاتفاق عليه، وفي المقدمة من ذلك الاتفاق على برنامج سياسي جامع يشكل ناظم للعمل السياسي، وعلى أشكال الكفاح والعلاقات البينية الفلسطينية الفلسطينية، بما يعزز الشراكة السياسية والتعاون في كل المجالات دون استثناء؛ سادسا العمل على إجراء الانتخابات بمحدداتها الثلاثة التشريعية والرئاسية والمجلس الوطني حيثما أمكن ذلك بعد فرض الانتخابات في القدس العاصمة، سابعا التأكيد على ضرورة إلزام الأشقاء والأصدقاء والقوى الإقليمية والدولية في المقدمة منها الولايات المتحدة لعقد مؤتمر دولي ملزم لبلوغ الحل السياسي المتفق عليه وفق قرارات الشرعية الدولية وآخرها قرار مجلس الأمن 2334 الصادر في 23 كانون الأول/ ديسمبر 2016.

الشعب الفلسطيني أحوج ما يكون الآن بعد هبة القدس إلى الوحدة الوطنية، وترجمة هذه الرافعة الهامة والأساسية إلى حقائق على الأرض للخروج من نفق التشرذم والانقسام والانقلاب، وصب الجهود لتطوير الإنجازات الوطنية، وإنقاذ شعبنا من كل المؤامرات التي تستهدفه، وتحقيق الأهداف والثوابت الوطنية كاملة غير منقوصة في الحرية والاستقلال وتقرير المصير والعودة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى