أقلام وأراء

عمر حلمي الغول يكتب – أهمية التجديد لبركة

عمر حلمي الغول* – 22/12/2020

يوم الأربعاء الماضي أغلق باب الترشح لرئاسة لجنة المتابعة العربية العليا في الجليل والمثلث والنقب ومدن الساحل المختلطة، ولم يتقدم سوى مرشح واحد، هو رئيسها الحالي، محمد بركة، الذي تولى قيادتها في الانتخابات السابقة عام 2015. وكما هو معلوم فإن اللجنة تشكلت عام 1982 من ممثلي المجالس القطرية والأحزاب والقوى السياسية ونواب الكنيست الفلسطينيين. وجاء تشكيلها في أعقاب حل لجنة رؤساء السلطات المحلية العربية، التي تأسست عام 1974، بهدف تطوير والارتقاء بعمل الإطار القيادي للجماهير الفلسطينية العربية المتجذرة في أرض الأباء والأجداد، وحماية مصالحها السياسية والاجتماعية والقانونية والثقافية والنقابية.

ورغم أن لجنة المتابعة لم تحظَ حتى الآن باعتراف رسمي من دولة الاستعمار الإسرائيلية، إلا أنها كرست حضورها كشخصية اعتبارية، ومكون أساسي لتمثيل الجماهير الفلسطينية، وأرغمت مؤسسات الدولة الصهيونية على التعامل معها في أكثر من محطة، ومنها اضطرار رئيس حكومة إسرائيل من التعامل معها كممثل للجماهير الفلسطينية في أعقاب مجزرة الحرم الإبراهيمي الشريف مطلع عام 1994، وأيضا خلال انتفاضة الأقصى عام 2000.

ومع أن حركة أبناء البلد قاطعت الانتخابات، حيث أعربت عن تحفظها على إجرائها الآن، بسبب وجهة نظرها، التي تطالب بإحداث تطوير في برنامجها ونظامها الداخلي وآليات عمل اللجنة، بيد أن الغالبية العظمى من مركباتها ومجلسها المركزي المكون من 62 عضوا لم يتبنوا رؤية الحركة المقاطعة. وجرت الانتخابات كما هو مقرر يوم السبت الماضي من الساعة الثالثة حتى الساعة السادسة في مدينة الناصرة، وكانت النتيجة إعادة انتخاب بركة لولاية جديدة وثانية بـ54 صوتا، و8 أوراق بيضاء.

وأكد ممثلو القوى المشاركة أهمية تعزيز الشراكة السياسية، وتطوير العمل الوحدوي بين الكل الفلسطيني عبر مواصلة وتعزيز الحوار الجدي والمسؤول بين مركباتها، وبهدف الارتقاء بدورها ومكانتها القيادية، باعتبارها الممثل والحامل لأهداف ومصالح الجماهير الفلسطينية اليومية والوطنية في داخل الداخل، والعمل بروح المسؤولية العليا لضبط وإدارة التباينات والخلافات الطبيعية والمشروعة بين مكوناتها السياسية والفكرية والعقائدية والثقافية، وتعميق القواسم المشتركة فيما بينها للتأصيل لوجودها كرقم أساس في داخل الدولة الإسرائيلية، وعنوان الجماهير الفلسطينية العربية في الـ48 الأساسي والأول.

وأصدرت لجنة الانتخابات في أعقاب فوز بركة  بيانا أكدت فيه أن “عملية الانتخابات لرئاسة لجنة المتابعة العليا (تعتبر) محطة مهمة وتاريخية، من محطات مسيرة ومسار، وبقاء وتطور الجماهير العربية الفلسطينية في وطنها. لا سيما وأن لجنة المتابعة العليا، ومنذ عقود، تعتبر الهيئة التمثيلية والقيادية والسياسية الوحدوية والوطنية الأعلى لهذه الجماهير، بكل تنوعها وتعددها واختلافاتها السياسية والفكرية والأيديولوجية وحتى الثقافية، وفي ظروف ومستجدات وتحديات سياسية وجماعية مركبة وخطيرة ومصيرية، تواجهنا جميعا ومعا دون استثناء”. وعلى مختلف الصعد والمسارات. وهذا يعكس إدراك كافة القوى والأطر والمكونات المشكلة للجنة المتابعة العليا أهمية دورها، ووحدتها، وحرصها على حماية اللجنة، وتطويرها، وإقرارها المبدئي بالتعددية، والتكامل والتكافل فيما بينها على تعزيز القواسم المشتركة للنهوض بتجربتها الريادية لحماية مصالح الكل الوطني داخل الداخل وفي الأراضي الفلسطينية المستعمرة عام 1967، وفي الشتات والمهاجر. لا سيما وأن عليهم جميعا مسؤوليات مركبة ومتشابكة جسام لا تقتصر على الجليل والمثلث والنقب والمدن المختلطة، وإنما أعمق وأشمل من ذلك. وهذا بحد ذاته يشكل أرضية صلبة للعمل المشترك، وتحفيز دائم لتجذير الروابط الكفاحية لصون وحماية الحقوق والمصالح السياسية والقانونية والثقافية والمطلبية اليومية للجماهير العربية.

وتعميقا لما تقدم، فإن إعادة إنتخاب القائد المميز محمد بركة، وعدم ترشح منافس له من قوى أخرى، رغم أن الحركة الإسلامية الجنوبية لم تدعم ترشيحه، لكنها لم تطعن في أهليته وكفاءته والقبول به، والعمل معه استنادا للوائح واليات العمل المقرة من قبل المجلس المركزي للجنة، وبالتالي فإن أهمية التجديد لأبي السعيد تكمن في: أولا نجاح تجربته الماضية؛ ثانيا قدرته على الموائمة بين مكونات اللجنة، والتعامل معها جميعا بروح المسؤولية العالية، وعدم التحيز لطرف دون آخر؛ ثالثا ولتمكنه من الجمع بين العمل الكفاحي اليومي والعمل السياسي الوطني والقومي، وتمثله دوره الريادي في قيادة لجنة المتابعة بجدارة واقتدار؛ رابعا لاستعداده العالي للتضحية وتقدم الصفوف السياسية والشعبية في كل المعارك التي تخوضها الجماهير الفلسطينية دون تردد او تلكؤ ووفق الرؤية المشتركة لأركان لجنة المتابعة العليا. مبروك كبير لأبي السعيد أولا، ولكل القوى والأطر والمكونات المنتظمة في اللجنة ثانيا، وللجماهير الفلسطينية في داخل الداخل ثالثا، وللكل الفلسطيني داخل فلسطين التاريخية وفي الشتات رابعا.

*كاتب فلسطيني  ومحلل سياسي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى