أقلام وأراء

عمر حلمي الغول يكتب –  آفاق لقاء بينيت بايدن ..!

عمر حلمي الغول – 24/8/2021

ينظر المراقبون السياسيون والإعلاميون لزيارة نفتالي بينيت، رئيس حكومة التغيير الأولى والرسمية للفضاء الدولي، وتحديدا للولايات المتحدة للقاء رئيسها، جو بايدن بنوع من التفاؤل المشوب بالحذر. لا سيما وأن الملفات المطروحة على طاولة البحث بينهما ثقيلة وشائكة، ومن أبرزها الملف النووي الإيراني، الملف الفلسطيني، الملف الصيني وملف العلاقات الثنائية … إلخ.

ويعود الحذر والترقب لقلة خبرة بينيت في السياسة الخارجية ورئاسة الحكومة، وليس أي حكومة، إنما حكومة إئتلافية معقدة تضم ثماني قوى متباينة في العديد من الملفات والرؤى، الأمر الذي يفرض عليه أخذ القاسم المشترك العام خشية انفراط عقدها؛ وحيث لا تجدي في العلاقات الدولية التمترس خلف الأيديولوجيا، والحسابات الإسرائيلية الخاصة فقط، والرغبة في النجاح وتأكيد الذات على مستوى السياسة الخارجية. خاصة وأن الحضور الطاغي لرئيس الوزراء السابق نتنياهو، مازال ماثلا في المشهدين الداخلي والخارجي، وبالتالي يحتاج بينيت إلى قدرة أعلى من الانتباه، ودراية أوسع وأعمق في إدارة الملفات المختلفة، كونه لا يصلح التعامل في العلاقات السياسية الخارجية بذات المنطق في إدارتها داخل الحلبة الإسرائيلية. فضلا عن أن الملفات صعبة وشائكة، وفيها اجتهادات واختلاف واضح في الرأي.

ففي الملف النووي الإيراني هناك تباين وافتراق، وكان في زمن رئيس الحكومة السابق عنوانا للافتراق، والتحريض المتبادل على الأقل في زمن إدارة الرئيس أوباما، الرئيس الأميركي الأسبق. وكما يعلم الجميع بينيت لا يقل تطرفا عن نتنياهو، لا بل هو أكثر، وإن كان أخفض صوته مع توليه رئاسة الحكومة لاعتبارات تكتيكية، وكونه يريد ترسيخ حضوره كرئيس وزراء مقبول، وأيا كانت الرؤية، التي يحملها بينيت حول الملف، لن تكون متطابقة وجهات النظر الثنائية بين الضيف ومضيفه. وأيضا في الملف الفلسطيني هناك تباينات في العديد من النقاط، منها فتح القنصلية، ووقف أو تجميد الاستيطان الاستعماري في أراضي دولة فلسطين المحتلة عام 1967، وملف القدس عموما، والعلاقة مع السلطة الوطنية الفلسطينية والتسهيلات المطلوبة إسرائيليا لصالحها.. الخ وفي الملفات الأخرى قد تكون التباينات أقل أو معدومة.

مع كل ما تقدم من محاذير وخشية، غير أن زعيم حزب “يمينا” سيحرص بكل جوارحه على تأكيد حضوره، ونجاح زيارته للولايات المتحدة، وسيعمل على نسج علاقات ثنائية مع الرئيس جو بايدن، خاصة وأن الإثنين لهما مصلحة قوية في طي صفحة نتنياهو، الذي أدخل العلاقات الثنائية مع الحزب الديمقراطي في أتون معارك دونكشوتية، وبالتالي كلاهما معني بنجاح الزيارة لاعتبارات شخصية وسياسية، لأنهما حريصان على توطيد العلاقات الاستراتيجية بين الدولتين.

كما وأن بينيت يعتبر زيارته الأولى للولايات المتحدة بمثابة محطة مركزية في خطه البياني الصاعد في تأكيد ذاته، وزيارات أخرى إقليمية، في محاولة للإعلان عن حضوره في المنطقة، وتقديم نفسه كقطب رئيسي في الإقليم، ليس لأن إسرائيل صاحبة مشروع كولونيالي منافس للاقطاب القومية في الإقليم، إنما في تثبيت بينت مركزه أمام الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، الذي سيلتقيه بعد زيارة واشنطن، التي بدأت اليوم الثلاثاء، وأيضا ستكون مفتاحا لحضوره على المستوى الإقليمي والدولي.

مع ذلك على كل المراقبين التريث، وعدم استباق التطورات، وما قد تحمله الزيارة من نتائج سياسية وأمنية واقتصادية، لأن نفتالي بينت لا يقوى على مغادرة الأيديولوجيا، ولا يقبل أن يكون اقل حزما من نتنياهو في بعض الملفات خاصة الملفين الإيراني والفلسطيني، وهو ما قد يعتبر لغما موقوتا في مسار العلاقات المشتركة مع إدارة بايدن. مع أن الإدارة الديمقراطية دللت حكومة بينت/لبيد، حيث أجرى الرئيس الأميركي اتصالا مباشرا معه بعد توليه رئاسة الحكومة، وهو ما لم يفعله مع نتنياهو، كما فتح له أبواب البيت الأبيض سريعا، ولم يسمح لنتنياهو بالاقتراب منه، مع أنه استمر بعد توليه الرئاسة مدة خمسة شهور في رئاسة الحكومة الإسرائيلية. لننتظر ونرى.

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى