أقلام وأراء

عماد شقور يكتب – مفاجأة حل الكنيست !

عماد شقور *- 24/12/2020

من أين نبدأ ؟

ـ من مهزلة إعادة «انتخاب» السيد محمد بركة، رئيسا لـ«لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية في إسرائيل» بـ«التزكية».. بدون منافس ولا انتخابات حقيقية، ودون أي انجاز حقيقي عملي ملموس، (يبرّر هذه التزكية) طوال فترة الخمس سنوات الماضية؟

ـ من خطر الانتشار السريع لفايروس كورونا في تحوّره الجديد، ابتداء من بريطانيا، هذا الخطر الذي أعاد كل موضوع وباء الكورونا إلى المربّع الأول، وأعاد بريطانيا إلى طبيعتها الجغرافية، جزيرة معزولة عن أوروبا والعالم؟

ـ من رثاء سنة 2020 (غير المأسوف عليها) دون مخاطرة التفاؤل بالمولود الجديد، سنة 2021؟

ـ من تهافت أنظمة الحكم في العديد من الدول العربية على «التطبيع» مع إسرائيل، بفعل ضغوط أمريكية لم تستطع هذه الأنظمة الوقوف والصمود في مواجهتها؟

ـ من «الشماتة» بانتهاء عهد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، دون «التبشير» المبالغ به، بقرب ابتداء عهد جديد/قديم/مكررهو عهد الرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن؟

ـ من «انشطار» القائمة العربية المشتركة في الكنيست، (البرلمان الإسرائيلي) بتفرّد السيد منصور عباس، وحزب «القائمة العربية الموحّدة» الذي يرأسه، في التنسيق مع نتنياهو وحزبه (الليكود) مع كل ما يمكن ان تؤدي اليه هذه الخطوة؟

كل واحد من هذه العناوين، وكل واحدة من هذه القضايا، جديرة بالمعالجة، بعمق وتوسع. لكن «للضرورة أحكام» كما يقولون. وتقضي هذه الاحكام بالتركيز على موضوع، تتقاطع عنده بعض النقاط المذكورة، هو موضوع التطورات الاخيرة المتلاحقة في الساحة السياسية الإسرائيلية الداخلية، بشكل عام، وما يجدر بالأقلية الفلسطينية في إسرائيل اعتماده من سياسة وتحرك في هذه الساحة.

أقول بداية: هنيئاً لهواة التفاجؤ. فها هي إسرائيل فاجأت نفسها، وفاجأت المتابعين للتطورات السياسية الداخلية فيها، بأن حلّت الكنيست نفسها تلقائيا اول امس، منتصف ليلة الثلاثاء الاربعاء، لفشلها في إقرار قانون الموازنة العامة للسنة الحالية المنتهية بعد ايام. (وهذه، بالمناسبة، هي المرة الاولى التي تنحل فيها الكنسيت بهذه الطريقة).

ترتب على هذا التطور، إجراء الانتخابات العامة في إسرائيل يوم 23 آذار/مارس المقبل، أي اجراء انتخابات عامة هناك للمرة الرابعة خلال اقل من سنتين، حيث كانت الحلقة الأولى في هذا المسلسل يوم 17 نيسان/ابريل 2019.

لاحظ الكاتب الإسرائيلي المعروف، بن كسبيت، في معاريف، أمس الاربعاء، أن رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو انجرّ هذه المرّة الى الانتخابات، ولم يكن هو الذي يجرُّ إسرائيل إليها كما في المرات السابقة، منذ عودته الى شغل منصب رئيس الحكومة هناك قبل احدى عشرة سنة، وهي المرة الثانية التي يحدث فيها مثل ذلك، حيث كانت الاولى سنة 1999 وكانت نتيجة تلك الانتخابات سقوطه لمصلحة إيهود براك. فهل هذا فأل خير؟!، وبراك هو الذي أفشل مفاوضات كامب ديفيد سنة 2000، وتسببت سياسته في اندلاع الانتفاضة الثانية، التي أعادت القضية الفلسطينية عقوداً عديدة الى الوراء؟، وهو صاحب شعار «ليس هناك شريك» وفتح الطريق واسعا امام أريئيل شارون، لتدمير كل ما انجزته اتفاقية أوسلو من مكاسب للشعب الفلسطيني، والانسحاب من قطاع غزة دون تنسيق، مما شكل خطوة حاسمة لتمكين حماس وحركة الإخوان المسلمين من فصل غزة عن الضفة الغربية، والاستفراد بها، وبدء التشكيك في تمثيل منظمة التحرير للشعب الفلسطيني؟.

لم يشغل منصب رئيس الحكومة في إسرائيل من هو أسوأ من نتنياهو، هو الأسوأ للفلسطينيين والأكثر تحريضاً عليهم. لكنه، في ذات الوقت، الأسوأ لليهود الإسرائيليين وغير الإسرائيليين أيضا “.

لم يشغل منصب رئيس الحكومة في إسرائيل من هو أسوأ من نتنياهو، (حتى الآن، على الأقل). هو الأسوأ للفلسطينيين والأكثر تحريضاً عليهم. لكنه، في ذات الوقت، الأسوأ لليهود الإسرائيليين وغير الإسرائيليين ايضا، وهو الأكثر تحريضاً بين الفئات المختلفة في الشارع اليهودي.

لا ضرورة للشرح والتوسع في موضوع أن الحركة الصهيونية بمجملها، منذ نشأتها، حركة استعمارية يمينية عنصرية. حتى وإن انخدعت بها الحركة الشيوعية الماركسية السوفييتية، بفعل أحزاب «يسارية عمّالية صهيونية(!)» من حزب مباي (حزب عمال ارض إسرائيل) وهو حزب دافيد بن غوريون، في بداياته، وفي تحولاته الى «المعراخ» وأخيرا الى «حزب العمل» مرورا بحزب «أحدوت هعفودا» وانتهاءً بحزب «مبام» وما رافق ذلك من تبني و«اختراع» الكيبوتسات والعديد من المنشآت التعاونية. هذه الألاعيب الصهيونية انكشفت للسوفييت منذ الأشهر الأولى لإنشاء الحركة الصهيونية العنصرية اليمينية لدولة إسرائيل.

من ينافس نتنياهو وحزبه (الليكود) في الانتخابات العامة المقبلة في إسرائيل، بعد ثلاثة اشهر، بجدية واحتمالات شبه مؤكدة هما: جدعون ساعر، الذي انشق عن حزب الليكود قبل ايام، وشكل حزبا جديدا أسماه «تكفا حدشا ـ أمل جديد» ونفتالي بينيت، رئيس حزب «يمينا ـ الى اليمين». وهما يمينيان عنصريان متطرفان وايديولوجيان، أكثر تعصبا وتشددا من نتنياهو، الذي يمتاز عنهما بأنه أكثرهم انتهازية. يلي ساعر وبينيت يائير لبيد، رئيس حزب «ييش عتيد ـ هناك مستقبل» الذي لا يمكن اعتباره لا وسطاً ولا يساراً، وإن كان اكثرهم اعتدالاً، بالمقاييس الصهيونية الإسرائيلية طبعاً.

أين هم أبناء الاقلية العربية الفلسطينية في إسرائيل من كل هذه «المعمعة»؟

لو توفّر متسع من الوقت للانتخابات في إسرائيل، لما يزيد، ولو قليلا، على الأشهُر الثلاثة، لما كان هناك بديل أفضل لتشكيل جسم سياسي انتخابي يهودي عربي، يسعى ويستطيع أن يشكّل «بيضة القبّان» ولا يمكن تشكيل ائتلاف حكومي يتجاوزه، وينجح الطرف الذي يتعاون ويأتلف معه.

هذا وضع غير قائم الآن. ومن شبه المستحيل، إن لم يكن من المستحيل اصلاً، إمكان تشكيل مثل هذه القائمة اليهودية العربية في هذا الحيّز الزمني الضيّق. فما العمل؟.

لا بديل، (والوضع على ما هو عليه الآن) من ضرورة السعي، وبذل كل جهد ممكن، لعودة الروح إلى «القائمة العربية المشتركة» انتظارا لوقت لاحق يتم خلاله تشكيلُ تشكيلٍ سياسي يهودي عربي، يشارك عمليا في رسم وتطبيق سياسة إسرائيلية مغايرة، تسعى لضمان انهاء التمييز ضد الفلسطينيين العرب في إسرائيل، والتوصل الى «حل مرحلي» يضمن تطبيق قرار إقامة دولة فلسطينية مستقلة على الجزء من ارض فلسطين الذي احتلته وتستعمره إسرائيل منذ حزيران/يونيو 1967.

هذا يستدعي بذل جهد كبير من رئيس «القائمة العربية المشتركة» أيمن عودة والمكونات الأخرى لتلك القائمة، والاستفادة من المكسب الوحيد لشبه «الإنشطار» الذي احدثه منصور عباس وحزبه في الأسابيع القليلة الماضية، الذي تمثل بالتعاون والتنسيق مع نتنياهو وحزبه، الليكود، وهو مكسب رفع «التابو» من جانب الحزب اليهودي اليميني العنصري، (الليكود) عن التعاون والائتلاف والتنسيق مع الأقلية العربية في إسرائيل، ومندوبيها في الكنيست.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى