أقلام وأراء

علي حمادة: رغم كل شيء جنين تكشف انعدام الأفق الإسرائيلي!

علي حمادة 6-7-2023: رغم كل شيء جنين تكشف انعدام الأفق الإسرائيلي!

كشفت معركة مخيم جنين في اليومين الماضيين، عن حدوث تطور في الضفة الغربية. فالمواجهة ليست الأولى، لكنها من الأعنف منذ مدة. والتطور الذي نتحدث عن ترسيخه في الآونة الأخيرة، هو تكوّن حالة مقاومة متنوعة، أساسها ثلاث قوى فلسطينية، “حماس”، و”الجهاد الإسلامي” و “فتح”. اثنتان منهما، أي “حماس” و “الجهاد الإسلامي” متحالفتان ضمن ما يُسمّى “مشروع وحدة الساحات” الذي تقوده إيران، والثالثة تمثّل “الشارع العريض” الفلسطيني في الضفة الغربية، وتمسك بمفصل شرعية السلطة الفلسطينية التي يرأسها الرئيس محمود عباس. وبالرغم من غياب السلطة الفلسطينية، وتنسيقها الأمني المستمر مع الإسرائيليين، فإنّ أجنحة في “فتح” اختارت أن تعزّز قرارها في مقاومة إسرائيل على الأرض، بعدما يئست من عملية السلام، فيما يواصل الإسرائيليون بمختلف حكوماتهم تهويد الضفة، والقدس الشرقية بالقوة، والعنف. ولعلّ ما سيشكّل في المستقبل تحدّياً كبيراً للاسرائيليين، أنّ ثمة جيلاً جديداً من المقاومين المتفلّتين من التنظيمات وقرارها، والبعض يسمّيهم “الذئاب المنفردة” التي تنغّص على المستوطنين حياتهم على أرض الضفة الغربية.

من الواضح أنّ العملية الإسرائيلية في جنين التي سقط فيها أكثر من عشرة شهداء، والعشرات من الجرحى، وتضرّرت منازل، ومرافق عامة، لن تُنهي الحالة المقاومة. كما أنّ التنسيق الأمني بين السلطة الوطنية وإسرائيل لا تكفي لتهدئة الوضع، ما لم تتغيّر السياسة الإستيطانية الإسرائيلية المتوحشة. فالحدّ الأدنى الذي قبل به الفلسطينيون، بعد مبادرة الأرض مقابل السلام التي أطلقها في قمّة بيروت العربية الملك عبدالله بن عبد العزيز عندما كان ولياً للعهد، لم يحل دون الهجمة الاستيطانية الهائلة التي سارت عليها جميع الحكومات الاسرائيلية بشكل أو بآخر. وكلما تقدّم المشروع الاستيطاني بهذا الشكل المخيف على الأرض الفلسطينية، ارتفع منسوب الغضب الفلسطيني، والاستعداد لممارسة العنف، رداً على العنف الإسرائيلي الذي يتخذ أشكالاً مختلفة، من سنّ القوانين الاستيطانية في الكنيست، إلى اتخاذ قرارات حكومية، إلى حماية اعتداءات المستوطنين على المواطنين الفلسطينيين، إلى انتزاع الأراضي، والبيوت، وهدم المرافق، والمنازل التي تتوسّع لاستيعاب أهلها، وصولاً إلى الحصار الاقتصادي لدفع الشبان إلى المغادرة والهجرة. كلها أعمال عنف بحق الفلسطينيين في إطار رفض السلام العادل بحدّه الأدنى، أي أراضي 1948 في مقابل أراضي 1967، والقدس الغربية للإسرائيليين، والشرقية للفلسطينيين، مع نظام خاص بالأماكن المقدّسة للديانات السماوية الثلاث.

تثبت عملية جنين، وعنف المواجهات المسلّحة فيها، أنّ إسرائيل عاجزة عن إيجاد حلّ عسكري دائم للمشكلة، وأنّ اعمال المقاومة الفلسطينية يستحيل أن تتوقف، أياً تكن التنظيمات التي تتولاها، أو الأفراد الذين يقومون بها بمبادرات شخصية. لا بل ستتفاقم مع الوقت، بحيث أنّ أمن المستوطنين في الضفة سيزداد سوءاً مع مرور الوقت.

بانتظار جولة جديدة في جنين او غيرها، نكرّر، أنّه لا بدّ من حلّ سياسي دائم، ومن العودة إلى أساسيات الحل: الأرض مقابل السلام. لكن ليست أية أرض!

 

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى