أقلام وأراء

علي ابو حبلة يكتب نريد انتخابات بمضمون وطني كامل وليست لخطف القضية

علي ابو حبلة 28/4/2021

ماذا تفيد انتخابات تحت الاحتلال تقسم الشعب الفلسطيني وتشتيت جهوده وطاقاته، فيما الاحتلال ومستوطنيه يواصلون سرقتهم ومصادرة للأراضي الفلسطينية ويعملون على تهويدها وطرد سكانها الفلسطينيين منها.. أنّ التجربة أكدت انّ مشاريع الاحتلال الاستيطانية التوسعية في فلسطين تسمنت وكبرت منذ اتفاق أوسلو وتنمو في ظلّ الوضع الراهن ومحاولات فرض الأمر الواقع ، وتتراجع وتتوقف عندما تتوحد الجهود لمواجهة مخططات الاحتلال ورفض أوسلو وملاحقة انطلاقاً من أنّ سلطات الاحتلال ومستوطنيه لا يفهمون إلا لغة رفض سلطة الأمر الواقع ، أما لغة المسالمة والاستسلام لمخططاته فإنها تشجعه على التمادي في عدوانه.. كما برهنت التجربة بعد توقيع اتفاق أوسلو.

الغريب بالأمر، أن دولًا إقليمية ودولية تظهر حماسها لإجراء الانتخابات الفلسطينية تحت سقف أوسلو وهذا موضع تساؤل ، ولكن عندما يطلب من هذه الدول التدخل والضغط على حكومة الاحتلال ، لإجراء الانتخابات في القدس باعتبارها أرضًا فلسطينية محتلة، تتحدث بخجل عن الموضوع وبعضها يتهرب . لا أحد ينكر أن الانتخابات استحقاق دستوري ووطني و هي مصلحة وطنية فلسطينية، و ضرورة في هذه المرحلة، لكن لا يمكن تفريغ الانتخابات من بعدها الوطني، وحصرها في الشأن الداخلي والقضايا المعيشية لتكريس فرض سلطة الحكم الذاتي والى الأبد ، وهو ما يحمله إجراء الانتخابات تحت سقف أوسلو وما تهدف لتحقيقه بعض هذه الدول المتحمسة دفعنا نحوه، الأمر الذي يطرح التساؤلات.

أن مخاوفنا وتحفظ البعض من الفلسطينيين لإجراء انتخابات تحت مظلة أوسلو لها ما يبررها، خصوصًا وأن دولًا عربية وإقليمية قد جرى تدميرها من كثرة التدخلات في شؤونها الداخلية وسلبها قرارها السيادي و المس بسيادتها . أن محاولة تفريغ الانتخابات من مضمونها الوطني، هي وصفة خطيرة تأخذنا إلى دائرة مفرغة لا تقودنا إلى أي شيء، أنها وصفة خبيثة هدفها اشغالنا عن الفعل النضالي الحقيقي عن أهدافنا الوطنية، وعن جوهر الصراع، وعناصره الرئيسية ومن أهمها القدس. أن المتحمس لمساعدتنالإجراء الانتخابات عليه أن يفعل كل شيء لتكون انتخابات حقيقية وجدية تشمل كافة المناطق وكل الشعب، وأن تكون بالفعل مقدمة للاستقلال ونيل الحرية.

نحن لسنا دوله ذات سيادة كباقي الدول ، الواقع يقول أننا دولة تحت الاحتلال، وهنا تكمن معادلة الربط بين ما هو وطني وما هو معيشي أو شأن داخلي، الانتخابات لن تكون مدخلًا لتمرير مخطط تصفية القضية الفلسطينية التي وقفنا في وجهها بصلابة، لن نسمح أن ندخلها من شباك الانتخابات بعد أن أخرجناه من باب الصمود. لذلك القدس أولًا.

ولكي نفهم ونعي أبجديات ذلك جيدًا، هذه ليست دعوة لتبرير تأجيل الانتخابات ، علينا أن نصر على إجرائها في موعدها، فهي مهمة لنا إذا أعادت بناء نظامنا السياسي وأعطته شرعية إضافية، وهي مهمة إذا استطعنا أن ننهي الانقسام من خلالها، واستعادة قطاع غزة وتوحيد الوطن، ولكن الهدف من وراء كل ذلك يجب أن يكون دحر الاحتلال وإنجاز الاستقلال الوطني. نحن نريد انتخابات بمضمون وطني كامل وليس انتخابات لخطف القضية الفلسطينية وتصفيتها.

من هنا فإنّ انتفاضة المقدسيين يجب أن تشكل فرصة لصحوة حقيقية تعيد أهمية تفعيل الانتفاضة الشعبية ضدّ الاحتلال ومستوطنيه، والعمل لإعادة تجديد حركة التحرّر الوطني الفلسطيني وترتيب البيت الداخلي الفلسطيني على الأسس التي انتهجتها كلّ حركات المقاومة والتحرر في العالم والتي أثبتت انّ تحرير الأرض واستعادة الحقوق لا يمكن أن تتمّ إلا عبر خوض الكفاح بأفق استراتيجي ضمن محاولات تصويب البوصلة لإنهاء الاحتلال والخروج من برستيج السلطة تحت الاحتلال والتخلي عن المكاسب والمنافع وتسخير كافة القوى في مواجهة الاحتلال لإلحاق الهزيمة به.. على طريق التحرر أسوة بكل الشعوب التي سخرت كل طاقاتها وإمكانياتها و تحررت من الاحتلال والاستعمار.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى