أقلام وأراء

علي ابو حبلة يكتب –  نحو بناء استراتيجية فلسطينية تقود للتكامل الاقتصادي مع الأردن

علي ابو حبلة – 8/10/2021

تشهد المنطقة تغيرات إقليمية ودولية في ظل إدارة بإيدن، وهذه التغيرات تنعكس بمردودها على القضية الفلسطينية، و على القيادة الفلسطينية أن تعيد تقييم مواقفها السياسية وتحالفاتها الاقليمية والدولية بعد فشل اتفاق أوسلو بتحقيق أهداف وتطلعات الشعب الفلسطيني بإقامة الدوله الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس، وبعد أن أخفقت خارطة الطريق برؤية الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش الابن بتحقيق رؤية الدولتين الفلسطينية والاسرائيلية، لتعيشا جنبا إلى جنب، وفشل إدارة اوباما بتحقيق السلام وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس على ضوء وعود الرئيس الأمريكي اوباما بخطابه الموجه للعالم الإسلامي من اسطنبول وخطابه الموجه للعالم العربي من جامعة القاهرة، وسقوط صفقة القرن بسقوط ترامب.

في ظل إخفاق التوصل إلى اتفاقية سلام على ضوء التعنت الإسرائيلي، والاستمرار في عملية تهويد القدس، والاستيلاء على الأراضي الفلسطينية، والتوسع الاستيطاني، وإقامة بؤر استيطانية جديدة، وهدم بيوت الفلسطينيين، والاستمرار في سياسة الاعتقال السياسي، ورفض التجاوب مع المطالب المحقة للشعب الفلسطيني، وإعلان رئيس حكومة بينت لابيد عن رفضه لإقامة دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس، وعرض مبادرة لابيد وزير الخارجية الإسرائيلي القائم بأعمال رئيس الحكومة مشروع مقايضة الأمن في الاقتصاد، الامر الذي يرفضه الفلسطينيون.

ان سقوط صفقة القرن وعدم بلورة خطة للسلام تستند لرؤية الدولتين وقرارات الشرعية الدولية قابلة للتنفيذ من قبل إدارة بإيدن، دفعت الرئيس محمود عباس الى إمهال حكومة الاحتلال الإسرائيلي والمجتمع الدولي لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي خلال عام وترك الباب مفتوحا امام الخيارات الفلسطينية.

إن تهرب حكومات إسرائيل من استحقاقات العملية السلمية، وتنفيذ خطة الانسحاب الأحادي من جانب واحد من قطاع غزة، أدت إلى ما تشهده الساحة الفلسطينية من انقسام جغرافي أدى لفصل قطاع غزة عن الضفة الغربية منذ عام 2007 ووضع العراقيل والفيتو على عملية إتمام المصالحة الوطنية الفلسطينية وبالعودة للوضع الفلسطيني إلى ما كان عليه قبل عملية الفصل التي نشهدها حاليا، إن استحواذ أمريكا على الملف الفلسطيني في ظل عدم اتخاذ مواقف امريكية جدية نحو التقدم في عملية السلام في ظل استمرار الدعم الأمريكي لإسرائيل وتبني المطالب الاسرائيلية المتمثلة بالاعتراف بيهودية الدولة والإبقاء على المستوطنات الكبرى المقامة على الأراضي الفلسطينية المحتلة وتهويد القدس حيث تعجز الادارة الامريكية عن ممارسة أية ضغوطات حقيقية على حكومة بينت لابيد لوقف سياستها التهويدية والاستيطانية ووقف إجراءاتها ومخططها الهادف لتفريغ القدس من سكانها الأصليين، إن الثقة في المواقف الامريكيه تكاد تكون منعدمة لانحيازها المطلق لإسرائيل، خاصة وان هناك تغيرا استراتيجيا في الموقف الأمريكي تجاه ما يجري في منطقة الشرق الأوسط، حيث تسعى الاداره الامريكية للتغيير في تحالفاتها الاقليمية على ضوء ما يشهده العالم من تغير في موازين القوى الدولية والاقليمية ومحاولات امريكا للتفرغ لتصديها لسياسة التوسع والهيمنة الصينية، إن التغيرات في موازين القوى الدولية والاقليمية وسياسة منافسة أمريكا من قبل الصين في ظل تنامي قوة معسكر دول البر يكس وتنامي الشعور بقوة منظمة شنغهاي التعاونية في ظل التراجع والانحسار لقوة أمريكا ونفوذ حلف الناتو وتراجع القوة للاتحاد الأوروبي، مما يتطلب مراجعة جذرية للتحالفات الفلسطينية، مع ما يستتبع ذلك من ضغوطات تمارس على الشعب الفلسطيني والقيادة الفلسطينية من خلال الضغوط الممارسة على الفلسطينيين بورقة المساعدات المالية والمنح المالية؛ ما يساهم في إضعاف الموقف الفلسطيني واستسلامه للضغوط الممارسة عليه مع الإبقاء على الجمود الذي تشهده القضية الفلسطينية ضمن الإبقاء على عبثية المفاوضات في ظل استمرار إسرائيل بالتعنت وممارساتها القمعية والاستيطانية، إن جملة التغيرات التي تشهدها المنطقة تتطلب تحولا استراتيجيا بالموقف الفلسطيني لضرورة استغلال تلك التغيرات الدولية والاقليمية وتوظيفها لصالح القضية الفلسطينية التي هي مفتاح الأمن والسلام في المنطقة. إن جمود الموقف الفلسطيني على حاله يضر بالمصلحة الوطنية الفلسطينية ويبقي القضية الفلسطينية على حالة الجمود ويجعل الكيان الإسرائيلي يتعنت في مواقفه. إن الفلسطينيين مطالبون بإعادة ترتيب أوراق البيت الفلسطيني والخروج من دائرة الاستسلام والتشرذم والانقسام الذي عليه الوضع الفلسطيني، وذلك من خلال الخروج من هذه الدائرة، وتحقيق الوحدة الوطنية الفلسطينية وتخطي كافة العقبات التي تحول ولغاية الآن من الانتصار على الانقسام الفلسطيني وتحقيق الوحدة الوطنية الفلسطينية يتطلب من كافة القوى والفصائل الفلسطينية أن تنتصر للقضية الفلسطينية وان تخرج نفسها من التمحور والتحزب لصالح قوى لا تخدم القضية الفلسطينية؛ مما يتطلب من حركة حماس أن تخرج نفسها من مظلة حركة التنظيم الدولي للإخوان المسلمين وان تعود لمظلة البيت الفلسطيني وكذلك القوى الفلسطينية الأخرى.

إن توحيد الرؤى الفلسطينية والصف الوطني الفلسطيني بإنهاء الانقسام الفلسطيني وإعادة اللحمة والوحدة الوطنية للشعب الفلسطيني هي الخطوة الأولى نحو بناء استراتيجية فلسطينيه يكون بمقدورها أن تعيد القضية الفلسطينية لتتصدر الاولوية على أجندة ما تشهده المنطقة ضمن عملية إعادة اقتسام النفوذ والمصالح، بما يضمن إعادة ملف القضية الفلسطينية لموقعها على الخريطة الدولية والاقليمية، ويخرجها من دائرة التبعية والتعسف والتعنت الإسرائيلي،وهذا يتطلب التنسيق والتكامل الاقتصادي مع الأردن على طريق مواجهة المخططات الاسرائيلية لاسيما وأن الأردن يشكل نقطة الارتكاز في رسم سياسة المنطقة، وهذا يضمن تحرك المجتمع الدولي لضرورة الاهتمام بالقضية الفلسطينية وبالعودة بالقضية الفلسطينية لمرجعية مجلس الأمن، لإرغام إسرائيل على ضرورة الانصياع لتطبيق قرارات مجلس الأمن والأمم المتحدة وبضرورة انصياعها للانسحاب من كافة الأراضي الفلسطينية المحتلة وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس.

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى