أقلام وأراء

علي ابو حبلة يكتب – نتنياهو ينقلب على الديمقراطية

بقلم علي ابو حبلة 22-4-2020

«الديمقراطية» التي أصبحت كلمة سحرية في الخطاب السياسي والأكاديمي والإعلامي في مختلف أنحاء العالم، مصطلح لا يوجد اتفاق عليه بين الباحثين والدارسين، وتتعدد الاتجاهات بشأن تعريفه، فمنها ما يركز على توافر الحريات العامة في المجتمع السياسي لكي يكون مجتمعا ديمقراطيا، ومنها ما يركز على قدرة المحكومين على اختيار حكامهم ومحاسبتهم واستبدالهم من خلال التداول السلمي للسلطة، ومنها ما يركز على خضوع الجميع لسيادة القانون، ومنها ما يركز على نمط الحياة والقيم الثقافية السائدة كالانفتاح والتسامح واحترام الرأي الآخر.

وتثير الديمقراطية إشكاليات عديدة بشأن عملية صنع القرار، خاصة في مجتمع متعدد الثقافات، حول تمثيل مختلف هذه الثقافات، والعلاقة بين الأغلبية والأقلية، التي تنعكس في النهاية على عملية توزيع الموارد المادية والرمزية بين فئات المجتمع، وتحديد خياراته الإستراتيجية. دراسة النموذج الإسرائيلي في الديمقراطية هذا النموذج بات محكوما بلغة المصالح وعقدة الأنا، وتجعل الحديث عن الديمقراطية نوعا من التطبيع لكيان شاذ يحاول فرض نفسه بالقوة على واقع لا يقبله. وقد عكست حقيقة الخلافات بين الأحزاب الاسرائيلية واستعصاء تشكيل حكومة إسرائيليه منذ ما يقارب سنه ونصف عن زيف الديمقراطية المصطنعة، وتنذر الانقسامات العميقة داخل الكنيست باستمرار أطول جمود سياسي تعيشه اسرائيل خاصة فيما بات خيار الانتخابات الرابعة واقعيا رغم أن الإسرائيليين يرونه كابوسا.

«منذ إجراء الانتخابات، هناك لعبة مزدوجة من قبل مختلف الأحزاب في النظام السياسي». هناك اتهامات موجهة لنتنياهو بالفساد ورغم ذلك ما زال نتنياهو يتصدر المسرح السياسي ويسعى للهيمنة على السلطة القضائية حتى يضمن لنفسه البراءة ويهدد «أزرق-أبيض» بطرح مشاريع قوانين يخشاها نتنياهو وأبرزها منع أي نائب من تشكيل حكومة في حال كان متهما بتهم جنائية، أو منع أي رئيس حكومة مستقبلا من إشغال أكثر من ولايتين. لكن مثل هذه القوانين لم يمكن تمريرها بدون دعم المعارضة، في الدول الديمقراطية تحترم استقلالية القضاء والقرارات الصادرة عن القضاء وللقضاء مكانه محترمه في الدول التي تحترم الديمقراطية ، وهذا المفهوم يتعارض مع تصريحات منسوبه لرئيس حكومة إسرائيل الانتقالية نتني اهو، الذي يتهم قضاة المحكمة العليا،، الذين يسميهم بسخرية «قديسين»، بأنهم «جزء من الجهاز السري الذي قرر تصفيته سياسياً، وإرساله إلى السجن». وحسب قوله، فإن رئيس العصابة «الذي يقف على رأس هذه الزمرة المتخيلة»، هو القاضي المتقاعد، أهرون باراك، الذي يبلغ من العمر 83 سنة، وكان رئيساً للمحكمة العليا لفترة طويلة، ولكنه استقال من منصبه قبل 15 عاماً.ومع ذلك، فإن نتنياهو يرى أن باراك «يواصل التأثير القوي على كل من عنة استر حيوت (رئيسة محكمة العدل العليا الحالية) وأفيحاي مندلبليت (المستشار القضائي للحكومة بتعيين من نتنياهو نفسه) وبني غانتس (رئيس «كحول لفان» الذي ينافس على رئاسة الحكومة) وغابي أشكنازي (نائب غانتس في الحزب)». وقال نتنياهو، حسب المصدر، إن بينه وبين براك صراعاً آيديولوجياً، وإن خصمه «يسعى إلى إبعاده من أجل تحويل إسرائيل إلى دولة لكل مواطنيها». نتنياهو لا يتردد في اعتماد مبدأ «الغاية تبرر الوسيلة» وفي محاوله للانقلاب على الديمقراطية لجأ أمس لمحاولة ترهيب المحكمة العليا بضربة استباقية بتسريبات صحافية مفادها أنه سيدعو لعصيان ولعدم المشاركة في انتخابات عامة في حال حالت المحكمة دون تشكيله حكومة وشق الطريق لانتخابات رابعة. وهذا ما دفع صحيفة «هآرتس» للقول أمس إن نتنياهو غير راغب في حكومة وحدة، بل يبحث عن حكومة تكون قادرة على تشريع قوانين تقيد عمل المحكمة العليا وتخضعها كما يحلم هو وبقية أحزاب اليمين. وتابعت «بات واضحا الآن أن نتنياهو لا يريد مكافحة فيروس كورونا،ومظاهرة الرايات السوداء في تل ابيب رفعت شعار «إنقاذ الديمقراطية»، حيث احتج المجتمعون على ما وصفوه بتآكل الديمقراطية الإسرائيلية تحت قيادة نتنياهو، في خضم تفشي وباء كورونا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى