أقلام وأراء

علي ابو حبلة يكتب – ما بين شروط كولن باول وإغراءات بومبيو

علي ابو حبلة – 31/10/2020

الزّيارة السريّة التي قامَ بها مسؤولان أمريكيّان على أعلى المُستويات إلى دِمشق في آب (أغسطس) الماضي، الأوّل روجر كارستينس، المبعوث الخاص للرئيس الأمريكي لشُؤون المَخطوفين، وكاش باتل، مُساعد الرئيس الأمريكي، ومدير مُكافحة الإرهاب في البيت الأبيض، حيث اجتَمعا باللّواء علي المملوك، رئيس مكتب الأمن الوطني السوري في مكتبه في دِمشق. وسبق لوزير الخارجية الأمريكي بومبيو أن كشف عن فحوى رسالة وجهها الرئيس ترامب لنظيره الرئيس السوري بشار الأسد فيما يتعلق بشؤون الرهائن ، وفي مارس الماضي، أعلن ترامب أن الولايات المتحدة بعثت برسالة إلى النظام السوري بشأن قضية تايس.

في 3 أيار 2003 أعلنت مستشارة الأمن القومي الأميركي آنذاك كوندليزا رايس، أن جولة وزير الخارجية الأميركي كولن باول في الشرق الأوسط التي بدأها في سورية الجمعة 2 أيار 2003، هي بداية تدخل أميركي عميق لبناء شرق أوسط جديد محوره إسرائيل، التي اعتبرت أمنها المفتاح المطلق ليس لأمن المنطقة فقط، بل لأمن العالم!

باول حذر سورية من أنها «ستجد نفسها على الجانب الخاطئ من التاريخ»! إذا لم تتوافق مع الرؤية الأميركية للشرق الأوسط بعد سقوط صدام حسين! وقال باول في حديث للتلفزيون الإسرائيلي: ما قلته له، أي للرئيس الأسد، بوضوح إن هناك أشياء نعتقد أنه يجب عليه عملها إذا كان يريد علاقة أفضل مع الولايات المتحدة الأميركية، وإذا كان يريد أن يلعب دوراً مفيداً في حل الأزمة في المنطقة.

واشنطن قالت آنذاك إنها ستراقب، وتقيس الأداء السوري لترى ما إذا كانت سورية مستعدة الآن للتحرك في اتجاه جديد في ضوء الظروف المتغيرة، بعد ما يقارب سبعة عشر عاما من زيارة كولن باول واحد عشر عاما من الحرب على سوريا لم تغير سوريا من سياستها ومواقفها فماذا تغير ترسل أمريكا مبعوثين للرئيس الأسد .

الرئيس دونالد ترامب الذي نجح في عقد صفقتيّ إفراج عن مُعتقلين مع كُل من إيران وكوريا الشماليّة، أرسل مبعوثيه سِرًّا إلى دِمشق على أمل أن ينجح في الإفراج عن سِتّة من المُواطنين الأمريكيين المُحتجزين في سورية، وبِما يُعزّز فُرص فَوزه في الانتخابات الرئاسيّة الأمريكيّة، ولكن صلابة الموقف السّوري فوّتت عليه هذه الفُرصة.

الرئيس ترامب كان وما زال في حالةِ يأسٍ وارتباكٍ بسبب رفض الرئيس الأسد الرّد على رسالةٍ خطيّةٍ أرسلها إليه ويُطالب فيها بالإفراج عن هؤلاء المُعتقلين، وأحدهم يُوصَف بأنّه صحافي مُستقل، وتُؤكّد مصادر سُوريّة ارتِباطه بالمُخابرات الأمريكيّة هو أوستين تايس.

إدارة الرئيس ترامب استخدمت سِياسة العصا والجزرة مع سورية على أمل أن تتجاوب مع مطالبها المَذكورة آنِفًا، العصا بقانون قيصر الذي يُشَدِّد العُقوبات على سورية، أمّا الجزرة فتتمثّل في الإعلان على لِسان جيمس جيفري، المبعوث الأمريكيّ لدى سورية وقال فيه أنّ واشنطن لا تُريد تغيير النّظام في سورية وإنّما سُلوكه، ولكنّ الحُكومة السوريّة لم تُرهِبها العصا، ولم يُغرّها الجزرة الأمريكيّة المسمومة.

لا نَستبعِد أوساط مطلعة حمل المبعوثين الأمريكيين عُروضًا مُغريةً وضَعاها على مكتب اللواء المملوك أثناء الاجتماع به، ولكنّها كانت أقل من الشّرط السّوري بالانسِحاب، ولهذا جرى تجاهلها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى