أقلام وأراء

علي ابو حبلة يكتب لا تغير استراتيجيا في سياسة بايدن في الشرق الأوسط

علي ابو حبلة – 20/4/2021

يرفع الديمقراطيون المحافظون التكاليف السياسية التي تترتب على تبني سياسة خارجية أميركية أكثر تقدمية ويقيدون بايدن في قضايا الاتفاق النووي الإيراني والانفتاح على القيادة الفلسطينية فيما يتعلق بإعادة فتح مكتب منظمة التحرير بواشنطن ورفع منظمة التحرير عن قوائم الإرهاب ، فبعد ما يقرب من ثلاثة أشهر من تنصيب جو بايدن وبدء إدارته عملها، ما يزال الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية والحصار المستمر لقطاع غزة يشغلان مكاناً متدنياً على الأجندة الأميركية – نظرا إلى أن هناك قضايا أخرى أكثر إلحاحاً وأن السبب الرئيسي لهذا التحول في واقع الأمر هو أن الثمن السياسي الذي يترتب على إعادة الانخراط مع الصراع الفلسطيني الإسرائيلي باهظ جداً وله انعكاسات داخل حزب بايدن نفسه وخاصة الصقور وهم من اليمين المتصهين .

منذ توليه السلطة، أوضح بايدن وفريقه أنهم لا يرون مسارًا قابلاً للتطبيق للمضي قدمًا في إحياء عملية السلام بين إسرائيل والفلسطينيين. ومع ذلك، أوضحوا بالقدر نفسه أنهم لا يرون بديلًا عن حل الدولتين ومسار اتفاقيات أوسلو القائم منذ ربع قرن. وطوال كل هذا الوقت رسخت حكومة الاحتلال مشروعها الاستيطاني والتهويدي ، وكل المؤشرات تشير إلى أن إدارة بإيدن لا تنوي التراجع عن العديد من القرارات التي قام بها الرئيس السابق دونالد ترامب، مثل الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الأميركية من تل أبيب إليها. ولم تفعل الإدارة الجديدة أي شيء لإعادة فتح القنصلية الأميركية في القدس، التي عملت على مدى عقود كسفارة بالوكالة في الأراضي الفلسطينية، ولم تتخذ أي خطوة لإعادة فتح مكتب منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن كما وعد بايدن بأن يفعل خلال الحملة الانتخابية.

في الحقيقة، السياسة الأميركية في الشرق الأوسط لم تعد عمليا من اختصاص الرئيس الأميركي أو وزارة الخارجية؛ إلا في أضيق حدود المناورة، بل أصبحت من اختصاص اللوبي الصهيوني، الذي صار صاحب القول الفصل في رسم سياسات أميركا في المنطقة. الرئيس الأميركي يتغير كل 4 أو 8 سنوات، أما اللوبي الصهيوني، فهو ثابت الرؤية والأهداف، ولا يغير وجهة سياساته. و الحقيقة ، إن السياسة الأميركية في الشرق الأوسط ليست حرة، وليست مرتبطة بمصالح الدولة الأميركية وأمنها كما يتخيل الكثيرون؛ بل إنها تابعة تبعية شبه مطلقة لإرادة جماعات الضغط الموالية لإسرائيل، والتي تشكل الجزء الأهم من عالم المال والثراء المسيطر في الولايات المتحدة الأميركية.

لم يتوقف داعمو إسرائيل عن إحكام قبضتهم عاما بعد عام على كل مفاصل السياسة الأميركية في الكونغرس والبنتاغون والاستخبارات، ووصولا إلى البيت الأبيض مستخدمين كل الوسائل المتاحة. وعلى ضوء ذلك تمكنت «إسرائيل» من الحصول عام 2016 على صفقة مساعدات عسكرية تعد الأكبر في تاريخها بقيمة 38 مليار دولار تحت إدارة أوباما. أما ترامب، فقد وهب نفسه لخدمة إسرائيل، فأعطاها أغلى ما تتمناه، وهو اعترافه بالقدس عاصمة أبدية لإسرائيل واعترافه بالجولان السوري المحتل جزءا لا يتجزأ من إسرائيل، وكذلك رعايته لاتفاقيات التطبيع مع العديد من الدول العربية. (تجدر الإشارة هنا إلى أن خسارة ترامب في الانتخابات الأخيرة أمام بايدن رغم كل ما قدمه لإسرائيل خلال فترة ولايته، لا تعني مطلقا، ولا تشير بحال من الأحوال إلى ضعف أو خسارة اللوبي الصهيوني في المحصلة، إن خير تلخيص لمستوى نفوذ إسرائيل في أميركا هو ما أورده السيناتور المعروف «بول فندلي» في كتابه الرائع «من يجرؤ على الكلام.. الشعب والمؤسسات في مواجهة اللوبي الإسرائيلي»، عندما قال إن تأثير رئيس وزراء إسرائيل على السياسة الخارجية الأميركية في الشرق الأوسط أكبر بكثير من تأثيره في بلاده ذاتها.

a.m.j.abuhableh@gmail.com

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى