أقلام وأراء

علي ابو حبلة يكتب – زيارة بوتن لدمشق لن نسمح بالعبث بأمن سوريا والمنطقة!!

بقلم علي ابو حبلة

 لا يمكن فصل زيارة بوتن لدمشق عن مجمل التطورات التي تحدث في المنطقة، فصراع المصالح والاستحواذ على مناطق النفوذ لم يعد يقتصر على أمريكا وحدها، موسكو جزء من المعادلات الدولية بعد تغير موازين القوى وإنهاء التحكم الأحادي القطبية لأمريكا في حكم العالم، بوابة دمشق  بموقعها الجيوسياسي تجمع بين كافة المعادلات والتناقضات والمتغيرات في موازين القوى وهذا بلا شك كانت هدف زيارة بوتن ورسالته لترمب.
زيارة فلاديمير بوتن لها دلالات  ومعاني تاريخية و رسالة دولية وإقليمية لضرورة  مراجعة الحسابات  المستوحاة من التاريخ، فالزيارة لها أهداف استراتيجية، وبمثابة رسائل أراد بوتن إرسالها  ليؤكد  على متانة الحلف الاستراتيجي بين دمشق وموسكو، فالرسالة واضحة، أمن موسكو يبدأ من دمشق، وأي محاولات عبثية من قبل واشنطن وحلفائها، عليهم بمواجهة موسكو أولاً، فالحفاظ على المنجزات والمكتسبات التي حققتها روسيا  يفترض التنمر  الروسي أمام أي محاولات، للعبث بما تمّ تحقيقه في  سورياً و  بمثابة تحذير لمجريات الصراع في ليبيا.
عكست زيارة فلاديمير  بوتن إلى سوريا ردات فعل مختلفة وخاصة على الصعيد الإسرائيلي، وأثارت  تساؤلات عن أهدافها  وسر توقيتها  خاصة أنها جاءت بعد مقتل قائد فيلق القس الإيراني قاسم سليماني بغارة أميركية في العراق.  وبتتبع  الرؤيا الاسرائيلية، للزيارة المفاجئة لبوتين إلى سوريا، ولقائه  الرئيس بشار الأسد، إلى جانب جولته في مقر قيادة القوات الروسية في دمشق. ذكرت صحيفة «إسرائيل اليوم» أن «مصدرا أمنيا إسرائيليا أكد أن الروس أطلعونا عن مجيء بوتين إلى دمشق قبل بضع ساعات من وصوله»، لافتة إلى أن «زيارة بوتين جاءت لتبديد التخوف في سوريا، من أن الرد الإيراني على اغتيال قاسم سليماني سينطلق من الأراضي السورية». وأشارت الصحيفة إلى أن «زيارة بوتين جاءت لنقل رسالة لا لبس فيها لطهران، تقول إن الحاكم الفعلي في سوريا هم الروس، وأن موسكو لن تسمح لطهران بالعمل ضد الولايات المتحدة وإسرائيل من الأراضي السورية». وأوضحت الصحيفة أن «بوتين جلب معه رسالة من إسرائيل إلى الأسد، تقول إنه طالما كانت سوريا لا تسمح للحرس الثوري الإيراني وحلفائه بالرد من الأراضي السورية، فإن إسرائيل ستمتنع عن ضرب البنى التحتية المدنية في سوريا، بل وستمتنع عن ضرب أهداف عسكرية تابعة للنظام».  فيما أكدت  الصحيفة في مقال آخر، أن «الاشتعال الكبير بالمنطقة من شأنه أن يمس بمصالح روسيا»، مضيفة أن «زيارة بوتين جاءت كمحاولة للتأكد من أن يعمل الأسد على لجم وتهدئة المليشيات المؤيدة لإيران في أراضيه». وتابعت الصحيفة: «بوتين يريد هدوءا في سوريا، وسيبحث ذلك أيضا في زيارته القريبة لإسرائيل»، مشددة على أهمية هذه الزيارة، خاصة بعد اغتيال سليماني.
 مؤشرات زيارة بوتن  والطريق الذي سلكه كان في كلّ سنتيمتر منه، يوجه رسائل لكافة الأطراف الفاعلة والمؤثرة في الشأن السوري، بأنّ اللعبة انتهت، وسورية انتصرت، والحلف السوري الروسي أقوى وأعمق من ذي قبل وهو عكس مضامين فهم إسرائيل للزيارة واللافت أنّ بوتين تجوّل في دمشق وشوارعها، وجال على عدد من المعالم الدينيّة في دمشق وهي الجامع الأموي وضريح النبي يحيى (يوحنّا المعمدان) ودوّن كلمة في سجلّ الزوّار. وزار أيضاً الكاتدرائيّة المريميّة للروم الأرثوذكس حيث كان بطريرك أنطاكيا وسائر المشرق للروم الأرثوذكس يوحنا العاشر يازجي في استقباله. يمكن ربط جولة بوتين بين شقّيها الدينيّ والسياسيّ حيث يُظهِر الرئيس الروسيّ مساهمة موسكو الأساسيّة في إعادة الأوضاع إلى الهدوء وهذا بمثابة رساله عنوانها لا تعودوا للعبث بأمن سوريا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى