أقلام وأراء

علي ابو حبلة يكتب –  القاهرة وعمان ركيزتان مهمتان في تحقيق امن واستقرار المنطقة

علي ابو حبلة – 29/5/2021

قال وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، إن القاهرة وواشنطن تعملان معا من أجل السماح للإسرائيليين والفلسطينيين بالعيش في سلام وأمن.وأضاف أن مصر شريك حقيقي وفعال في التعامل مع العنف في الأراضي الفلسطينية.

فيما حذر ملك الأردن عبد الله الثاني من استمرار الانتهاكات الإسرائيلية الاستفزازية بالقدس والمسجد الأقصى المبارك، ومحاولات التهجير المتكررة وغير القانونية لأهالي عدد من أحياء القدس الشرقية، لا سيما حي الشيخ جراح، والتي قادت إلى التصعيد الأخير.

وأكد خلال استقباله بحضور الأمير الحسين بن عبد الله الثاني ولي العهد، وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، ضرورة الحفاظ على الوضع التاريخي والقانوني القائم بالقدس ومقدساتها وعدم المساس به، مشددًا على مواصلة المملكة بذل كل الجهود لحماية المقدسات الإسلامية والمسيحية في المدينة المقدسة، من منطلق الوصاية الهاشمية عليها.

وثمن الملك قرارات الإدارة الأمريكية مؤخرا والمتضمنة إعادة فتح القنصلية العامة بالقدس، واستئناف الدعم المقدم لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، مشددًا على أن هذه الخطوات ستساهم في بناء الثقة والدفع بالمسار السياسي إلى الأمام.

المتتبع لمسار الأحداث في الجولة الاخيره من الصراع بين الفلسطينيين والكيان الصهيوني ومحور الصراع « القدس « أن مصر والأردن كان لهما دور مهم في التوصل لهدنه ، وأن مصر استعادت دورها الإقليمي من البوابة الفلسطينية في ما يتّصل بالملفّ الفلسطيني، بصورةٍ لم تتحقَّق منذ سنوات. فما شهدته العاصمة المصرية من حراك، معطوفاً على الاتصالات التي أجراها المسئولون المصريون مع الأطراف الدوليين، يمثِّل نشاطاً دبلوماسياً غير مسبوق، انتهت بزيارة خاطفة قام بها وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، للقاهرة والأردن ، كان قد استبقها بزيارة الكيان الإسرائيلي و الأراضي المحتلّة. وسبق الوزير الأميركي إلى العاصمة المصرية، بيومٍ واحد، نظيرُه القطري، محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في زيارة هي الأولى من نوعها منذ سنوات، تزامنت هي الأخرى مع اتّصال مطوّل بين الرئيسين الأميركي جو بايدن، والمصري عبد الفتاح السيسي، هو الثاني في غضون أربعة أيّام.

هكذا،عادت مصر لتستعيد دورها الإقليمي وتصبح لاعب مهم في قضايا المنطقة من البوابة الفلسطينية ، وتغاضي واشنطن عن قضايا أخرى تتعلق في حقوق الإنسان، وبدئها بالبحث عن مشتركات أعمق وأكثر إلحاحاً في الوقت الحالي، أي ملفّ التهدئة في الأراضي الفلسطينية، ووقف أيّ تصعيد عسكري، يعطِّل الأولويات التي ترغب الإدارة الأميركية في التركيز عليها راهناً. ويلقى الدور المصري قبولاً لدى الإدارة الأميركية، كونه يعتمد على العودة إلى المسار التفاوضي السابق، عبر عقد لقاءات وجلسات تهدف إلى الاتفاق على بنود جديدة للتواصل، تسمح، بدورها، بالعمل على استئناف « عملية السلام» ، في موازاة السعي إلى هدنة تستمرّ لمدّة خمس سنوات على الأقلّ. ولا تهدف المساعي المصرية إلى ضمان هدنة في غزة فحسب، بل هي مرتبطة أيضاً بعملية إعادة الأعمار التي يُتوقع أن تلعب فيها القاهرة دوراً كبيراً مع الدوحة، ولا سيما عبر تحويل معبر رفح ليكون المنفذ الرئيس لإدخال المساعدات.

زيارة الرئيس المصري السيسي للدوحة وزيارة وزير الخارجية سامح شكري للأردن وتلك الزيارات لوزيري الخارجية المصري والأردني للمقاطعة في رام الله تتقاطع جميعها لكيفية تثبيت التهدئة وإعادة أعمار غزه ، السيناريو الأقرب، في الوقت الحالي، والذي تُوافق عليه قطر لقضية أعمار غزه ، مرتبط بالعمل على دعم إنشاء هيئة مؤسسية تكون مسئولة عن ملف إعادة الأعمار، ويتمّ عبرها تنظيم عملية ضخّ الأموال، شريطة عدم تسليم حركة «حماس» أيّ أموال نقداً، إرضاءً للأميركيين والأوروبيين، على أن يكون الدور الأكبر للشركات المصرية، مع إتاحة الفرصة لشركات أخرى عربية ودولية للمشاركة في العملية التي ستشهد إعادة تخطيط لبعض المناطق في غزة. وفي هذا الإطار، كُلّفت الهيئة الهندسية للقوات المسلحة، والتي سيكون لها الدور الرئيس في عملية إعادة الأعمار، بوضع تصوّرات مبدئية تستند إلى البيانات والمعلومات عن الخسائر والمناطق المدمّرة. وبحلول نهاية الأسبوع المقبل على أقصى تقدير، ستكون هناك رؤية مبدئية لِمَا يتطلّبه القطاع من أولويات للعمل. لكنّ القاهرة لا ترغب في الخوض في تفاصيل إعادة الأعمار من دون التوصُّل إلى اتفاق هدنة، خاصة في ظلّ الانتقادات التي يتعرّض لها رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، في الداخل العبري، ومخاوف مصر من عودة الاشتباكات، ولا سيما في ظلّ استمرار حالة التوتّر في القدس.

حسمت مصر عدّة نقاط مع الإدارة الأميركية، ليس في ما يتعلّق بلعب دور الوسيط مع « حماس» خلال الفترة المقبلة فقط، ولكن أيضاً في شرح وتبنّي وجهة نظر الحركة بإدخال القدس ضمن معادلة التهدئة وتوحيد القضية الفلسطينية مجدداً، وعدم الفصل بين ما يحدث في غزة وما يحدث في القدس أو الضفة، مع التشديد على ضرورة تحقيق التواصل بين السلطة وواشنطن، باعتبارها مفوضاً شرعياً عن الشعب الفلسطيني.

وفي غضون ذلك، أبدى وزير الخارجية الأميركي، خلال زيارته القاهرة والأردن ، رغبة بلاده في تهدئة الأوضاع خلال الفترة المقبلة، وهو ما تعهّد بتحقيقه الرئيس المصري، مؤكداً أن مصر تسعى إلى التهدئة، لأن استمرار التوتُّر وعدم الاستقرار يضرّ بجميع الأطراف، بما فيها الولايات المتحدة، فيما ظهر واضحاً، خلال زيارة بلينكن، الاهتمام الكبير بالدور المصري والأردني في دعم امن واستقرار المنطقة .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى