أقلام وأراء

علي ابو حبلة يكتب – الغالبية الصامتة هل تنقذ ترامب مجددًا؟

علي ابو حبلة – 26/10/2020

كرر الرئيس الأمريكي ترامب ، مرارا فكرة أن الأغلبية الصامتة من الأمريكيين يتوقع أن يظهروا بشكل جماعي يوم الانتخاب ليصدم القائمون على الاستطلاعات ويساعده على تكرار انتصاره. فقد طورت حملته عروض شرائح مطولة تهدف إلى دحض الاستطلاعات العامة والتنبؤ بتزايد الدعم غير المتوقع الذي سيدفع ترامب أمام منافسه بايدن في الثالث من  نوفمبر القادم .

ومع تفوق بايدن وحصوله على نسبة 50 % من التأييد فى استطلاعات  الولايات المتأرجحة بعد أربع سنوات من معاناة كلينتون للوصول إلى هذا الرقم، فإن ترامب سيحتاج إلى ما أكثر من زيادة في الدعم الخفي للفوز في نوفمبر، بحسب ما يقول ديفيد واسيرمان، مدير «اتثرير كوك السياسي» غير الحزبي.

ويضيف أنه يتوقع أن ظاهرة ناخب ترامب الخجول ستكون أقل تأثيرا مما كانت فى عام 2016، فلا شك أن 2020  بها صورة مختلفة تماما عما كانت عام 2016، فتقدم بايدن يشمل الولايات المهمة وهو أكثر استقرارا عما كانت عليه كلينتون فى 2016. وتظهر استطلاعات الرأى تراجعا فى الدعم للرئيس ترامب بسبب العلامات السيئة التى حصل عليها من الناخبين بشأن إدارته لاستجابة الحكومة لوباء كورونا الذي قتل أكثر من 250  ألف أمريكي ودمر اقتصاد  الولايات المتحدة، وخلق بيئة انتخابية مختلفة تماما عما كانت فى 2016.

وتقول واشنطن بوست، إن فكرة الناخب الصامت أو الخفي، التي تواجدت على هامش البحث السياسي واستطلاعات الرأي على مدار سنوات، حظيت باهتمام متجدد بعد انتصار ترامب فى 2016. وفى حين أن الاستطلاعات الوطنية كانت دقيقة إلى حد كبير فى التنبؤ بخسارته التصويت الشعبي أمام كلينتون إلى أن استطلاعات الولايات في الولايات المتأرجحة لم تحسب بشكل دقيق مستوى الدعم له.

وحقق ترامب انتصارات بصعوبة فى ولايات مثل ميتشيجان ويسكونسن وبنسلفانيا بعدما أظهرت استطلاعات الرأي تراجعه خلف كلينتون، مما جعل بعض الباحثين يستنتجون أن عددا كبيرا من الناخبين قد أيدوه سرا.

لكن ترامب لا يزال ينكر الأرقام التي تظهر أنه يخسر على الصعيد الوطني فى عدد من الولايات التي فاز بها قبل أربعة سنوات. وزعم دون دليل أنه هناك مؤامرة واسعة بين القائمين على استطلاعات الرأي لقمع أنصاره.

والسؤال لماذا يريد الأمريكي العادي ترامب؟ لا يمكن الإجابة عن هذا السؤال من دون ذكر ما يسمى بولايات «حزام الصدأ» (Rust belt states)، وهي ولايات حازت على تسميتها في أواخر سبعينيات القرن الماضي، بعد انخفاض حادّ في العمل الصناعي ترك العديد من المصانع مهجورة ومقفرة. هذا الحزام يبدأ في وسط نيويورك ويمرّ غرباً عبر بنسلفانيا وأوهايو وماريلاند وإنديانا وميشيغان، وينتهي شمالاً في إلينوي وشرق أيوا وجنوب شرق ولاية ويسكونسِن. غالبية هذه الولايات صوّتت لترامب في عام 2016، بعدما قال لناسها إن دخول الولايات المتحدة إلى منظمة التجارة العالمية كان خطأً، وإن دولاً نمت على حساب أميركا، وإذا ما صوّتوا له، سيعيد تلك المصانع إلى العمل. وهذا ما حصل خلال ولايته الأولى: فَرض ضرائب كبرى على العديد من الدول وأبرزها الصين، وأعاد مصانع السيارات إلى ميشيغان، وحصل نمو غير مسبوق في تاريخ أميركا بعدد الوظائف. ثم، ذهب ترامب إلى بنسيلفانيا، وقال في أحد تجمّعاته إن اتفاقات البيئة التي دخلتها الولايات المتحدة أوقَفت مصانع الفحم في هذه الولاية، كما أنها أوقفت عمليات التنقيب واستخراج النفط الصخري، « إذا انتُخب، ستُلغى تلك الاتفاقات وستعود بنسيلفانيا إلى الازدهار» . هكذا، وصل ترامب إلى الرئاسة.

قبل يومين، ذهب الرئيس الأميركي إلى بنسيلفانيا. لم يكن في حاجة سوى إلى عرض فيديو أمام جماهيره لجو بايدن، يكرّر فيه أنه سيوقف أعمال التنقيب عن النفط الصخري في حال فوزه. وقال ترامب: « إن كنتم تريدون أن تخسروا أعمالكم الجديدة التي جلبتها لكم، وضرائب جديدة كبيرة، صوّتوا لبايدن» ، مضيفاً: « نتيجة هذه الانتخابات ستحدِّدها بنسلفانيا في المجمع الانتخابي» . دغدغ ترامب أحلام الأميركيين « العاديين»  بعودة الولايات المتحدة إلى عصرها الذهبي. صحيح أنهم يخالفونه الرأي أحياناً كثيرة وفي مواضيع عدة، إلا أنهم يعلمون أنه « الرجل المناسب» .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى