أقلام وأراء

علي ابو حبلة يكتب – الذكرى الـ 33 لاندلاع انتفاضة الحجارة

علي ابو حبلة – 7/12/2020

يصادف الثامن من ديسمبر/ كانون الأول، مرور الذكرى الـ 33 لاندلاع « انتفاضة الحجارة «  التي تفجرت في مثل هذا اليوم من عام 1987 واستمرت حتى عام 1994، بمواجهات شعبية عارمة انطلقت شرارتها في مخيم جباليا للاجئين الفلسطينيين شمال قطاع غزة، لتمتد خلال فترة قصيرة إلى جميع المناطق الفلسطينية في الضفة وغزة، تعبيرا عن رفض الشعب الفلسطيني للاحتلال.

وأطلق اسم « انتفاضة الحجارة «  على تلك الثورة الشعبية، كون أن السلاح الفلسطيني فيها كان الحجر مقابل الأسلحة الرشاشة، وأسفر القمع الإسرائيلي العنيف للمتظاهرين عن سقوط آلاف الشهداء والجرحى، والزج بعشرات آلاف الفلسطينيين بينهم أطفال ونساء وشيوخ علاوة على الشبان في معتقلاته.

وتفجرت أحداث « انتفاضة الحجارة» ، ردا على قيام سائق إسرائيلي بدهس مجموعة من العمال الفلسطينيين من غزة، وهم في طريقهم للعمل داخل المناطق المحتلة عام 1994، ما أدى وقتها لاستشهادهم.

وبدأت « انتفاضة الحجارة»  بالإعلان عن فعالياتها في ذلك الوقت الذي لم يكن يشهد ثورة الإنترنت ولا مواقع التواصل، عبر بيانات مكتوبة، كانت تطبع بشكل سري، كما عمدت الفصائل الى إعلان الفعاليات من خلال الكتابة على جدران المنازل. ونجح الفلسطينيون في إيصال صوتهم المنادي بزوال الاحتلال إلى كل العالم.

ولا يزال الفلسطينيون يستذكرون تلك الأيام التي عاشوها فترة « انتفاضة الحجارة» ، التي تخللها استمرار جيش الاحتلال بفرض منع التجوال على المناطق الفلسطينية، في مسعى لمنع التظاهرات، كما لا يزال الكثير من الأسر يعيش حسرة فقدان أبنائها الذين استشهدوا بنيران الاحتلال، فيما لا يزال هناك مواطنون كثر يعانون من الإعاقة جراء الإصابة في مناطق خطرة.

وهنا تبرز أهمية الثقافة التي أنتجتها الانتفاضة والاستفادة منها وتعميمها في الجامعات والمدارس وفي كل تجمع من التجمعات الفلسطينية لاسيما الشبابية. ومع مرور الأعوام تطورت أدوات الانتفاضة، ووصلت إلى تنفيذ بعض العمليات المسلحة مطلع التسعينيات، لتنطلق معها المفاوضات بين منظمة التحرير الفلسطينية التي سرعان ما توجت عام 1993 بتوقيع اتفاقية أوسلو التي شكلت بموجبها السلطة الفلسطينية.

إن إسرائيل أثبتت بالدليل الملموس أنها لا تريد السلام، وإنما تراهن على إطالة أمد المفاوضات لتحقيق أهدافها على حساب الهدف الوطني الفلسطيني وذلك بدعم أمريكي واضح. ، الانتفاضة في 1987  أساليبها النضالية ذات جدوى وفعالية ، ونحن نعيش الذكرى الثالثة والثلاثون للانتفاضة نستذكر مآثرها وقد أعادت إحياء الهوية الوطنية الفلسطينية، وشكلت حالة تعبئة وطنية للشارع الفلسطيني الذي باتت مقاومته جماهيرية عامة بعكس ما قبل انطلاقتها حيث كانت المقاومة تتسم بالفردية.  إن الانتفاضة كسرت هيبة الجندي الإسرائيلي المدجج بالسلاح وهزمت الجيش بحجارة الأطفال ومقاليع. الانتفاضة حققت 4 معالم سياسية مهمة، أولها إنجاز إعلان الاستقلال في الجزائر عام 1988 الذي جاء ثمرة لتلك الانتفاضة ،  الإنجاز الثاني هو توقيع اتفاق أوسلو، حيث أجبرت الانتفاضة زعماء العالم الإذعان لمطالب الشعب الفلسطيني ودفعتهم لتبني ضرورة حل القضية الفلسطينية وفق المرجعيات الدولية، وهو ما توج في اتفاق أوسلو.

أما الإنجاز الثالث أن الانتفاضة نقلت الرواية الفلسطينية للعالم من شوارع الضفة والقدس وغزة مباشرة ودون أجندة سياسية أو تجميل إلى العالم بأسره. كما أنها وحدة الموقف الفلسطيني؛ إذ وضعت كل الأطر الفلسطينية في بوتقة واحدة ضمن إطار وطني واحد وتحت راية واحدة وهدف واحد.

إن الذكرى الـ 33  تأتي في أوج المخاطر التي تهدد القضية الفلسطينية العادلة بمحاولة شطبها وخلق الحلول المجتزأة والمنقوصة، ومطلوب ،استخلاص العبر بعد ?? عام من  التجارب في العديد من المستويات، أولها كيفية التلاحم والقدرة على تعزيز الصمود الوطني كي نستطيع استنهاض طاقات الجماهير لتأخذ زمام المبادرة من جديد لمواجهة تلك المخاطر». والسؤال  عن إمكانية تجديد تلك التجربة النضالية كإحدى أبرز وسائل المقاومة الشعبية والجماهيرية مع الأخذ بالاعتبار التحولات والتغيرات على الأصعدة كافة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى