أقلام وأراء

علي ابو حبلة يكتب – الانتخابات الفلسطينية برؤية استخبارية إسرائيلية

بقلم علي ابو حبلة – 25/2/2021

هل تُجرى الانتخابات الفلسطينية كما هو مُخطّط لها؟ الاستخبارات الإسرائيلية تُقدّر أنها لن تجري الانتخابات ، وتأمل أن تنتهي قريباً كما بدأت.، واحدة من أهمّ استراتيجيات حكومة الاحتلال وأكثرها جدوى في إدامة الاحتلال وإنهاء وتصفية الحقوق الفلسطينية من دون أيّ تنازلات حتى ولو شكلية، هي ترسيخ الانقسام الداخلي بين الفلسطينيين؛ إذ لا مصلحة لدى الاحتلال في العودة إلى مرجعية واحدة عبر مؤسّسات السلطة التي تدير شؤون الضفة الغربية وقطاع غزة مع تمثيل توافقي للقطاعَين. وفقاً لسياسات الاحتلال الصهيوني ، يُعدّ بقاء الانقسام، الذي تحرص عليه جيداً، ضمن إستراتجيتها ومسعاها إلى تجميد العملية السياسية، التي إن استؤنفت، والحال هذه، ستكون هدفاً بذاتها، أي المفاوضات لأجل المفاوضات، وهو ما يؤمّن للاحتلال تبييض صورته دولياً، بلا أيّ جدوى فعلية للفلسطينيين. على ذلك، يثير قرار إجراء الانتخابات الفلسطينية قلقاً لدى جهات التقدير ألاستخباري في تل أبيب، وتبعاً لها، صاحب القرار السياسي، الذي يدرك أن إنهاء الانقسام الفلسطيني، في ظلّ تبدُّل الإدارة في واشنطن وبروز اختلاف في سياساتها عن تلك التي سبقتها، يُولّد تحدّيات سياسية داخلية وخارجية، كان الاحتلال معفيّاً منها طوال السنوات الماضية.

المؤسسة السياسية الحاكمة الحالية ، والمقبل على ما يبدو من نتائج الاستطلاعات بنيامين نتنياهو، أن شركاءه في الائتلاف الحكومي المقبل، المتوقع أن يكون يمينياً بين متطرّف وأكثر تطرّفاً، لن يسمحوا له بأن « يتنازل» وإن شكلياً للجانب الفلسطيني، بل يرفضون العملية السياسية نفسها والتفاوض وفقاً لها، وإن كان الهدف لدى نتنياهو، الذي يعرفونه جيداً، هو التفاوض لذاته. وإلى جانب ذلك التحدّي الذي لن يكون سهلاً وإن بدا قابلاً للتحديد النسبي والتسويف، أمام إسرائيل تحدٍّ من نوع آخر، وهو أكثر جدّية من الأوّل، إذ إن مشاركة حركة « حماس» في الانتخابات، وأيضاً إمكانية مشاركة آخرين من حركة « فتح» مِمَّن ينافسون الرئيس عباس على رئاسة السلطة، مسألة لا تقتصر على الجانبين السياسي والدعائي فقط، بل ترتبط بهوية السلطة نفسها، واحتمال عودة سيطرة « حماس» على المجلس التشريعي الفلسطيني، والتشويش على توجُّهات السلطة والعلاقة مع الاحتلال والترتيبات الأمنية القائمة بين الجانبين، كما كانت عليه الأمور في الماضي، قبل الانقسام.

ووفق تقدير الاستخبارات الاسرائيلية، لا يوجد في إسرائيل الرسمية اليوم من هو معنيّ بإجراء الانتخابات الفلسطينية. ما يعني تلقائياً العمل على الحؤول دون تحققها وإجرائها في موعد استحقاقها . ومن هنا، يصبح مفهوماً استباق موعد الانتخابات عبر التقدير بأنها لن تجرى، وأن جهات فلسطينيه غير معنيّه بإجرائها. ويُعدّ هذا التقدير مؤشّراً إلى ما سيلي، بغضّ النظر عن الجهة التي تعمل على إلغاء الانتخابات، ومن بينها إسرائيل. في تسريبات الإعلام العبري، التي تبدو أنها مُوجّهة، رجّحت مصادر أمنية إسرائيلية، لموقع «واللا» الإخباري، أن تكون قضية الانتخابات مجرّد «عرض مسرحي» من قِبَل السلطة، مبديةً شكوكها في حدوثها ، وذكر الموقع أن لدى الجيش الإسرائيلي تقديراً بأن الشارع الفلسطيني غير مهتمّ بإجراء انتخابات، وهو مشغول بتحصيل قوته اليومي ومحاربة فيروس « كورونا» ، والإعلان عن انتخابات موُجَّهة للإدارة في واشنطن، إذ يعتقد أبو مازن أنه بهذه الطريقة سيكون قادراً على تمهيد الطريق للحوار مع البيت الأبيض، بعد سنوات من الجمود مع الرئيس السابق دونالد ترامب، بل وربّما أيضاً استئناف التفاوض مع إسرائيل عبر وساطة أميركية» بالنتيجة، يبدو التحدّي أمام الفلسطينيين ضمن محاولات تقضي لترسيخ الانقسام والمراهنة على الخلافات بين فتح ، وهو يستدعي اليقظة السياسية وتجاوز الخلافات والاتحاد وراء ما أمكن ، إذ لا مصلحة لإسرائيل في انتخابات من شأنها إنهاء الانقسام الذي تسعى إلى إدامته، فيما تبدو الانتخابات نفسها فرصة لأكثر من جهة فلسطينية وكيانات داخل الكيانات الحالية، فضلاً عن شخصيات، قَدّمت من الآن أوراق اعتمادها و» إغراءاتها» لإسرائيل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى