أقلام وأراء

عصام نعمان يكتب – قانون حرمان نتنياهو من الحكم … بيد العرب ؟

عصام نعمان – 9/3/2020

لكي يفوز في الانتخابات يحتاج بنيامين نتنياهو إلى أصوات أكثرية اليهود، لكن ليبقى في رئيس للحكومة يحتاج إلى موافقة أقلية من النواب الفلسطينيين.

في انتخابات الكنيست الاخيرة نال نتنياهو من أصوات اليهود أكثر من منافسيه، لكنه لم يفز وحلفاؤه بالاكثرية النيابية اللازمة لتأليف الحكومة، يلزمه لتكوين الأكثرية المطلوبة انشقاق نائبين أو ثلاثة من أحزاب منافسيه وانضمامهم إلى تكتله البرلماني اليميني.

هذا الاحتمال ممكن، لكنه صعب التحقيق، لضمان حرمان نتنياهو تالياً من تأليف أول حكومة بعد الانتخابات، يسعى منافسوه لتكوين أكثرية مضادة وقادرة على سنّ قانون في الكنيست، يقضي بمنع النائب الموضوع قيد التحقيق بتهم جنائية من تولي رئاسة الحكومة. لا سبيل إلى تكوين هذه الأكثرية إلاّ بمشاركة النواب الفلسطينيين الـ15 من أعضاء القائمة (العربية) المشتركة، فهل يشاركون؟

“القائمة المشتركة ستستخدم حجمها الوازن في الكنيست، للحصول على تنازلات سياسية واجتماعية مهمة من سائر الأحزاب والتكتلات الإسرائيلية “.

الفلسطينيون جمهورا ونوابا، يكرهون نتنياهو لأنه صهيوني عنصريمتعصب، يمارس وحزبه اليميني أبشع صنوف التمييز ضدهم. لكن فريقاً من منافسيه اليهود الصهاينة لا يقل عنه تعصبا وسوءا. أبرز هؤلاء بني غانتس، زعيم تحالف «أزرق أبيض» (33 مقعداً) وأفيغدور ليبرمان، زعيم حزب «إسرائيل بيتنا» (7 مقاعد). غانتس يدعو إلى اعتماد «صفقة القرن»، كما لضم أجزاء من الضفة الغربية إلى «إسرائيل». ليبرمان يصف القائمة المشتركة بأنها طابور خامس. رئيس القائمة المشتركة أيمن عــــودة، ردّ على غانتس داعياً إياه إلى التراجع عن تصريحات كان أعرب فيها عن دعمه لتأليف حكومة ذات أغلبية يهودية، وضم اجزاء من الضفة الغربية إلى إسرائيل. كما ردّ على ليبرمان بموقفٍ صارم: معارضة أي حكومة ائتلافية توافقية، إذا كانت تضم هذا العنصري الفاقع.

تحالف أحزاب العمل و»جيشر» و»ميرتس» (7 مقاعد) أعلن بالتفاهم مع تحالف «أزرق ابيض» (33 مقعداً) اعتزامهما اتخاذ جميع الإجراءات اللازمة لمنع نتنياهو من مواصلة تولي رئاسة الحكومة، بينما هو ملاحق بتهم جنائية وبالفساد. مع موافقة حزب «إسرائيل بيتنا»(7 مقاعد) على دعم مشروع قانون يقضي بمنع نتنياهو من شغل منصب رئيس الحكومة، فإن مجموع المقاعد التي يشغلها هؤلاء (47 مقعداً) تبقى قاصرة عن تكوين الأكثرية المطلوبة (61 مقعداً من مجموع مقاعد الكنيست الـ120) لإقرار قانون إبعاد نتنياهو عن رئاسة الحكومة. لضمان ذلك يقتضي إقناع نواب القائمة المشتركة بالانضمام إلى مؤيدي القانون المطلوب. نواب القائمة المشتركة مستعدون، بطبيعة الحال، لدعم أي إجراء يؤدي إلى إقصاء نتنياهو اليميني العنصري. فقد خاضوا الانتخابات الأخيرة تحت هذا الشعار، وعبأوا الجمهور العربي معتمدين على عدائه الغريزي لكل عنصـــرية وعنصري في المشهد الإسرائيلي الداخـــــلي، لكن تعاونهم مع سائر خصــوم نتنـــياهو فـــي هذا السبـــيل يتطلّب الوفاء ببعض الشروط، وربما ببعض الضمانات أيضاً، ذلك أن بعضاً من هؤلاء الخصوم لا يتوانى عن ممارسة سلوكية عنصرية فاقعة ضد الفلسطينيين.

مترسملاً على اتحاد غير مسبوق بين مختلف أطياف المجتمع السياسي العربي، ضد الأحزاب والتكتلات الصهيونية العنصرية، كما على كتلة نيابية بـِ15 مقعداً، أضحت في الواقع ثالث أكبر حزب في الكنيست، اكّد ايمن عودة على أن القائمة المشتركة لن تتنازل عن دورها كمجموعة شرعية فاعلة في ميدان السياسة الإسرائيلية. معنى ذلك أن القائمة العربية ستستخدم حجمها الوازن في الكنيست، للحصول على تنازلات سياسية واجتماعية مهمة من سائر الأحزاب والتكتلات، ولاسيما الوسطية واليسارية منها.

لعل التنازلات المطلوبة ستتركز في الميدان الاجتماعي، ولاسيما حيال قضايا المساواة امام القانون، ووقف التمييز ضد العرب عند تطبيق قانون مخالفات البناء، والتوظيف، وممارسة الحقوق السياسية. إلى ذلك، قد يوفّق قادة القائمة المشتركة في حمل بعض احزاب الوسط واليسار، على تقليص الالتزام بـِ»صفقة القرن»، ولاسيما لجهة مشاريع الاستيطان والضم وفرض سيادة إسرائيلية إضافية على بعض الأراضي الفلسطينية المحتلة، وفي مقدمها غور الأردن. يبقى أن أهم ما يمكن أن ينتج عن تعاون القائمة المشتركة مع خصوم نتنياهو في الكنيست هو تمرير القانون الموضوع من أجل حرمانه من تولي منصب رئيس الحكومة، طالما هو ملاحق بتهم جنائية. ذلك سيؤدي إلى مفاعيل ثلاثة وازنة: إقالته فوراً من رئاسة الحكومة، وتعزيز مضابط الاتهام ضده لدى قضاة التحقيق، ومن ثم لدى المحكمة، والدفع باتجاه إجــــراء انتخــــابات رابعة خـــــلال سنة واحدة، أو ما يزيد عنها قليلاً.

ولا شك في أن اجتماع هذه المفاعيل يتيح لمعارضي نتنياهو الفرصة والقدرة على إضعافه في أوساط الناخبين عموماً والحؤول، تالياً، دون سيطرة أحزاب اليمين العنصرية والمستوطنين على الكنيست، أو على الحكومة. كما أن ذلك يُسهم في مشاغلة حكام الكيان الصهيوني، قليلاً أو كثيراً، عن شن حروبٍ صغيرة أو كبيرة على قطاع غزة وسوريا ولبنان.

عصام نعمان – كاتب لبناني

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى