أقلام وأراء

عصام بكر يكتب –  احذروا تسهيلات غانتس المخادعة

بقلم  عصام بكر* ‏ – 1/11/2021

في الوقت الذي يتخذ فيه وزير جيش الاحتلال ما سمي برزمة من “التسهيلات للمناطق الفلسطينية” بضمنها لمناطق المصنفة ” ‏ج” حسب اتفافية اوسلو او الحديث عن زيادة عدد العائلات ضمن (لم الشمل) وغيرها من المبادرات التي تحدثت عنها وسائل ‏الاعلام ضمن ما يعرف بمبادرات “حسن النية” تجاه الفلسطينين في ظل الاوضاع الاقتصادية الصعبة التي باتت تهدد استمرار ‏السلطة في اداء وظيفتها ارتباطا بازمة عالمية ترتفع معها معدلات البطالة والفقر، وتزداد التعقيدات المتعلقة بالحياة اليومية، ومع ‏التقارير الصادرة عن الجهات المانحة وجهات دولية عديدة حول قدرة السلطة على الايفاء بالتزامتها المالية بل تذهب تقارير اخرى ‏بان الوضع على شفى الانهيار بشكل جدي .‏

ما تسمى التسهيلات التي اقرها غانتس في الحقيقة ما هي الا استمرار لذات الطريقة التي تحاول من جهة منع انهيار السلطة لان ‏للاحتلال مصلحة في استمرارها، ومنع تحقيق اكتفاء ذاتي او تقدم في وضعها يحقق الحد الادنى من الاستقرار الاقتصادي من ‏جهة اخرى، والابقاء على حالة السلطة كما هي سلطة بلا سلطة او سيادة او حتى سيطرة على الموارد، والحدود والحديث بالمعنى ‏السياسي هنا يتمثل في حصر دور السلطة باعتبارها “كيانا” تتأكل مكانته امام شعبه على مستوى الاقتصاد، والامن، والوضع ‏الداخلي الاجتماعي، وابقاء الباب المفتوح امام الاحتلال بوصفه “المنقذ” والمغيث الذي لا يمكن الاستغناء عنه في الحالة ‏الفلسطينية فاذا كانت السلطة في وضع صعب بات يهدد انهيارها تسارع دولة الاحتلال “بمنح ” قرض او ” سلفة ” لدفع رواتب ‏الموظفين، هي اموال بالاصل جزء مما اقتطعه الاحتلال من حقوق الشعب الفلسطيني عبر ما يعرف باموال المقاصة فيما ايضا ‏اذا عانت البلاد من ازمات جديدة مع انتشار فيروس كورونا مثلا يتم الاعلان عن فتح المعابر ومنح التصاريح للعمال للدخول ‏داخل الاخط الاخضر او السماح بادخال بعض السلع لاراضي السلطة، وهناك العديد من المفارقات التي تتم في هذا السياق ‏لكنها بطبيعة الحال لم تمثل ولا هي قدمت علاجا شافيا لمعاناة الشعب الفلسطيني معاناته بسب الاحتلال الاسرائيلي هذه هي ‏المشكلة التي على الجميع العمل على معالجتها، وهي سبب كل داء يعيشه الشعب الفلسطيني .‏

غانتس وزير الجيش الذي يبيع الوهم دوما كعادته بالحديث عن التسهيلات هو ذاته صاحب نظرية ضرب الفلسطينين بكل قوة ‏حتى يقبلوا بالحل الاسرائيلي وهو اي غانتس ذاته رئيس الاركان الذي شن الحرب بلا هواده على قطاع غزة العام 2014 وقتل ‏الاطفال وهدم البيوت على رؤوس اصحابها، وهو ايضا الذي يسن القوانين يوميا، ويشرع البناء الاستيطاني، ونهب المزيد ‏من الاراضي الفلسطينية في ذات المنطقة المصنفة “ج” والقدس، والاغوار وهو عراب نظرية الامر الواقع ضمن خطة الضم ‏الصامت الجاري تنفيذها على حساب الحقوق الوطنية والتاريخية المشروعة التي يقر بها العالم اجمع محاولا ان يحيي سراب الحل ‏الاقتصادي متجاوزا كل القرارات الدولية، والا ماذا يسمى اطلاق هذه الرزمة مما يسميه التسهيلات في الوقت الذي يتم اقرار بناء ‏عشرات الاف الوحدات الاستيطانية، وقضم المزيد من الارض الفلسطينية .‏

اذا كان غانتس جادا فعليه العمل مثلا على تعديل بنود اتفاق باريس الاقتصادي الذي يقيد الاقتصاد الفلسطيني، ويحوله تابعا ‏لاقتصاد الاحتلال، وعليه مثلا ان يعمل على فتح المعابر، ويرفع حصاره الظالم عن قطاع غزة، وليعلن عن وقف الاستيطان ‏الاستعماري، ومحاولات طرد اهالي القدس من بيوتهم، وعليه ان يعلن بشكل واضح ان السلام يبدأ بانهاء الاحتلال، وغانتس ‏الذي يطلق حزم “المساعدات” للفلسطينيين هو ذاته الذي وقع، واصدر القرار القاضي بتصنيف ست مؤسسات اهلية مدنية ‏فلسطينية “بالارهاب” وطالما ان غانتس يملك هذا الحس “الانساني” لماذا يمنع ويحول دون تقديم خدمات هذه المؤسسات تحديدا ‏في المناطق المصنفة “ج ” وهي تشمل مشاريع للمزارعين وفي شتى المجالات لمساعدة الناس في المناطق المهمشة والفقيرة .‏

المساعدة التي ينتظرها الشعب الفلسطيني لن تأتي من المحتل بل من الامم المتحدة وهي مساعدته في انهاء الاحتلال الجاثم على ‏صدره وتمكينه من ممارسة حقوقه المكفولة بالشرعية الدولية، والقانون الدولي اما الحديث عن “منح ” وبوادر “حسن نية ‏‏”ومساعدات فهي تهدف اساسا لاستدامة واقع الاحتلال بل تعمق وجوده ضمن تكريس الامر الواقع، ومن غير المعقول ان يبقى ‏شعب محتل يعتمد في حل مشاكله على القوة التي تحتله – هذا لا يستقيم باي حال من الاحوال – الحل هو بالانعتاق من ‏منظومة الاحتلال العنصرية وليس اطالة امده لان اشغال الناس بقوت حياتهم اليومية من غلاء اسعار، وقروض وفقر هي ‏عوامل اضافية لتفتيت النسيج الاجتماعي، والمزيد من التأكل في مكونات النظام السياسي ما يجري هو الوصفة المثلى لالهاء ‏الناس في واقع حياتهم اليومية واعفاء المواطن من التفكير بالواقع السياسي وتغييره من يريد التعايش مع هذا الواقع لا يمكن ان ‏يسعى للتغيير الجدي المنشود، وغانتس واقطاب حكومته يدركون تماما ما يقومون به ازاء هذه الحالة وهم يتفننون في صنع الاكاذيب ‏فلم الشمل هو حق لمن تهجر قسرا من وطنه بينما البناء في المناطق “ج” وكل الارض الفلسطينية لا يجوز مقارنته بالبناء ‏الاستيطاني في هذه المناطق شتان ما بين حق المواطن وسرقة المستوطن المستعمر هذا لا يجب ان يغيب عن بال احد، وزيادة ‏التصاريح ليس منة من غانتس لاستخدام الايادي العاملة الفلسطينية في سوق العمل الاسرائيلي بدون اية حقوق او امتيازات ‏وباعتبارها ايادي رخيصة بالنسبة لهم التسهيلات المقترحة المخادعة هي بهدف دفع وهم السلام الاقتصادي على حساب الحقوق ‏وهي لا تنطلي على احد فهي قطعا لا تمثل خشبة الخلاص، وليست الطريق الذي يؤدي الى رفع المعاناة عن الشعب الفلسطيني ‏انهاء الاحتلال هو السبيل الامثل، والاقصر، والاوحد لذلك وهو الذي يحقق الامل المنشود في السلام، والتنمية، والاستقرار ‏الاقتصادي عندما يتمتع الشعب الفلسطيني بحقوقه المشروعة اولى خطواتها انهاء الاحتلال – والا فان كل المحاولات سيكون ‏هدفها فقط تجميل وجه الاحتلال ومحاولة تحسين صورته .‏

*عضو المجلس الوطني الفلسطيني .

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى