أقلام وأراء

عريب الرنتاوي يكتب – عن العرب والانتخابات الإسرائيلية… من زاوية أخرى

عريب الرنتاوي – 7/3/2020

تاريخياً، واجهت مشاركة الفلسطينيين العرب في الانتخابات الإسرائيلية معضلتين رئيسيتين: الإحجام عن الاقتراع، وتدني نسبة الإقبال على التصويت مقارنة بمعدلات مشاركة الإسرائيليين اليهود … والثانية؛ تشتت الصوت العربي بين قوائم وأحزاب عربية متنافسة، وذهاب جزء «وازن» من الأصوات العربية لأحزاب صهيونية، أبرزها اليسار، بيد أن بعضهم صوت لليمين ولأحزاب دينية كذلك.

اليوم، يبدو المشهد مختلفاً تماماً في ضوء معطيات انتخابات 2020 الأولية … نسبة التصويت في الوسط العربي لامست الـ 65 بالمئة، بزيادة 5 بالمئة عن انتخابات أيلول الفائت، و15 بالمئة عن انتخابات نيسان 2019، وهي وإن كانت الأعلى منذ انتخابات 1999، لكنها مع ذلك تظل دون «المعدل العام» للاقتراع في إسرائيل والبالغ 71 بالمئة… ما حصل تطور مهم، تسببت به الموجة العنصرية العاتية التي أطلقها نتنياهو على رأس اليمين ضدهم وضد شعبهم في الضفة والقطاع، والأداء المتميز للقائمة ورموزها وقادتها.

وفقاً لمصادر إسرائيلية، لم نتأكد من أرقامها الدقيقة والنهائية بعد، فإن مقعدين من أصل 15 معقدا حصلت عليها القائمة العربية المشتركة، جاءت بأصوات يهودية، من مؤيدي العمل وميريتس بالعادة، الذين سئموا تردد اليسار وانتهازيته وتآكله المستمر … حصلت القائمة المشتركة على 87 % من اصواتها من البلدات العربية، 10 % من المدن المختلطة، ونحو 3 % من بلدات يهودية،  إن صحت هذه التقديرات، فإن ظاهرة تصويت العرب لأحزاب يهودية تكون قد انقلبت، أو بدأت في الانقلاب إلى نقيضها: يهود يصوتون لأحزاب عربية، ووفقاً  لتقرير أوردته «هآرتس»، فإن القائمة المشتركة حظيت بأصوات متعلمين ومثقفين وفنانين.

لا يزال بعض العرب (من الأقلية الدرزية بخاصة) يفضلون التصويت لصالح أحزاب صهيونية، وثمة نائبان عربيان فازا في الانتخابات على قوائم أحزاب صهيونية … 5 بالمئة من أصواتهم ذهبت لحزب «كحول لافان»، 2.2 بالمئة لقائمة «العمل- جيشر- ميرتس»، 1.7 بالمئة لليكود، 1.4بالمئة لحزب «إسرائيل بيتنا» و0.8 بالمئة لحزب شاس، لكن أن يعطي أكثر من 88 بالمئة من المقترعين العرب أصواتهم للقائمة المشتركة، فهذا تطور غير مسبوق.

لعل هذه الأرقام والنسب المئوية الدالّة على عمق التحولات في المجتمع العربي، هي ما حدت بصحيفة «هآرتس» لوصف نتائج الانتخابات بـ»الزلزال»، وهو زلزال نتوقع أن تكون له ارتدادات قادمة، ستفضي من ضمن ما تفضي إلى مغادرة قطاعات متزايدة من العرب لحالة «السلبية» حيال الاستحقاق الانتخابي، وتراجع نفوذ وتأثير القوى والشخصيات الداعية لمقاطعة الانتخابات لأسباب إيديولوجية، دينية ويسارية، فضلاً عن ارتفاع منسوب التوافق والانسجام بين مكونات المجتمع العربي في إسرائيل في ظل التطورات التي تطرأ على اتجاهات وتوجهات الأقلية الدرزية الفلسطينية… كما أن القائمة العربية مرشحة لأن تطرد نفوذ وتمثيل الأحزاب الصهيونية في بيئتها ومحيطها، سيما إن حافظت على زخم وحدتها وعظمة إنجازاتها وزاوجت ما بين الكفاح الشعبي والنضال البرلماني.

وينتظر كذلك، أن يتزايد النقاش في إسرائيل، في الوسطين اليهودي والعربي، حول شكل وآلية العلاقة مع الأحزاب العربية واليسار الإسرائيلي … سبق لكتاب إسرائيليين أن «نعوا» اليسار الإسرائيلي وقالوا إن طريق خلاصه إنما يتمثل في بناء حركة يسارية عربية – يهودية، وثمة في الوسط العربي، أحزاب نشأت تاريخياً على فكرة العمل العربي – اليهودي المشترك … ربما تؤسس نتائج الانتخابات إلى مقاربات جديدة لا نعرف كيف ستتطور ولا كيف ستنتهي، والأهم، كيف سيكون صداها في لحظة حساسة، تتميز باشتداد العصب القومي عند طرفي المعادلة.

1

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى