#شوؤن دولية

عبد الله جمال: نتائج زيارة رئيس الوزراء الهندي إلى روسيا

عبد الله جمال 11-7-2024*: نتائج زيارة رئيس الوزراء الهندي إلى روسيا

توجه رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي إلى موسكو، خلال يومي 8 و9 يوليو 2024، لتكون الزيارة هي الأولى له إلى روسيا منذ اندلاع الحرب في أوكرانيا عام 2022، التي تأتي أيضاً في وقتٍ تعمل فيه موسكو على تعميق شراكاتها الاستراتيجية مع بكين؛ ما يثير قلق نيودلهي بشأن التعاون المكثف بينهما، كما تعد هذه أولى رحلات مودي الخارجية بعد إعادة انتخابه لفترة ولاية ثالثة؛ ما يؤكد عمق وقوة العلاقات بين روسيا والهند. أما بالنسبة إلى موسكو، فقد تساعد زيارة مودي في صد الجهود الغربية لتصوير بوتين على أنه منبوذ عالمياً، نتيجةَ هجماته المستمرة على أوكرانيا، بجانب دورها في تعزيز العلاقات مع شريك تجاري مهم ومشترٍ رئيسي لنفطها.

حسابات نيودلهي

تأتي زيارة رئيس الوزراء الهندي إلى موسكو في ضوء قوة العلاقات الروسية–الهندية التي تجمع بين البلدين منذ الحقبة السوفييتية؛ وذلك بالتوازي مع استمرار التقارب الهندي من الغرب، وخاصةً واشنطن، خلال العقود الأخيرة، ومع تحرير اقتصادها وتوسيع علاقاتها الجيوسياسية؛ حيث تسعى دائماً إلى الحفاظ على ما تعتبره “استقلالاً استراتيجياً للسياسة الخارجية”، بهدف خدمة مصالحها الذاتية. ويمكن تناول أبعاد هذه الزيارة على النحو التالي:

1– الترويج لمكانة الهند العالمية في نظام دولي متعدد الأقطاب: يسعى مودي إلى استغلال هذه الزيارة من أجل تصوير نفسه على أنه يقود تحدياً، نيابةً عن الهند الصاعدة، ضد نظام عالمي غير متكافئ يقوده الغرب، وهو النهج الذي يحظى بشعبية كبيرة، خاصةً لدى الهنود الشباب – مثل نظرائهم في الصين – الذين يتوقعون أن يستجيب النظام العالمي باحترام لظهور بلادهم كقوة عظمى، وحتى لدى البعض الذين لم يصوتوا لحزب بهاراتيا جاناتا في الانتخابات الأخيرة؛ حيث عادة ما يستخدم مودي السياسة الخارجية أداةً مهمةً لبسط سياساته الداخلية.

فمن اللافت للنظر في هذا الصدد أن العلاقة المضطربة مع باكستان قد هيمنت على فترة ولايته الأولى، حينما استطاع تحقيق فوز ساحق عقب المواجهة العسكرية بين الجارتَين خلال محاولته الأولى لإعادة انتخابه في عام 2019. وفي ولايته الثانية، وضع مودي نفسه في موقف يجعله قادراً على رفع الهند إلى دور قيادي، وخاصةً بين الدول النامية؛ حيث استضاف قمة مجموعة العشرين قبل بضعة أشهر من إطلاق حملته الانتخابية.

وبناءً على ذلك، يصور البعض زيارة مودي إلى روسيا بأنها مرتبطة بدور الهند العالمي خلال فترة ولايته الثالثة، خاصةً أنها أول رحلة رسمية له منذ عودته إلى السلطة الشهر الماضي، كما أن من المرجح أيضاً أن مودي قد استخدم هذه الرحلة ذريعةً لعدم حضور اجتماع الأسبوع الماضي لمنظمة شنجهاي للتعاون، باعتبار الصين هي المهيمن الأكبر على هذه المجموعة، في إشارة إلى عدم رغبته في مقابلة الرئيس الصيني شي جين بينج، والترويج للموقف الهندي المعادي لبكين. بالإضافة إلى ذلك، لا تزال نيودلهي تعتبر العلاقات مع واشنطن على رأس أولوياتها، ومن ثم قد تسعى – خلال الزيارة – إلى تهدئة المخاوف الأمريكية من خلال الترويج لنفسها كوسيط محتمل وموثوق بين موسكو والغرب.

2– قوة المناورات الدبلوماسية الهندية: كانت الهند والولايات المتحدة شريكتين استراتيجيتين لمدة عقدين على الأقل، وهذا يعني أنهما قادرتان على بناء علاقات تعاونية، وتحديداً عسكرياً، لكنهما ليستا حليفتين رسميتين ملتزمتين بمعاهدة، ولكن في الوقت ذاته، تسعى نيودلهي إلى تحقيق مصالحها الخاصة بطرق تعارضت في بعض الأحيان مع مصالح واشنطن؛ إذ امتنعت الأولى مراراً وتكراراً عن التصويت على القرارات التي تدين روسيا في الأمم المتحدة، وتجنَّبت الانتقادات العلنية لحرب موسكو في أوكرانيا.

هذا وتأتي زيارة مودي بعد أسابيع فقط من زيارة فريق من كبار المسؤولين الأمريكيين إلى الهند لمناقشة التعاون في مجالات التكنولوجيا والأمن والاستثمار، في إطار سعي مودي إلى إقامة شراكة أعمق مع الولايات المتحدة، ودفع واشنطن إلى تعزيز نقل التكنولوجيا والاستثمار الأجنبي داخل السوق الهندية.

3– تحقيق مزيد من الانتصارات للدبلوماسية الروسية: يهدف بوتين، من خلال لقائه مع مودي، إلى تحقيق انتصار دبلوماسي لبلاده، خاصةً بعدما تعرضت لعقوبات غير مسبوقة بسبب هجومها على أوكرانيا؛ فبالنسبة إلى السيد بوتين، ستكون زيارة السيد مودي بمنزلة وسيلة لروسيا لإظهار أن الكرملين لا يزال يتمتع بشراكة قوية مع الهند، على الرغم من العلاقات المتعمقة بين الهند والولايات المتحدة، ناهيك عن الترويج لكيفية مساعدة مشتريات الهند من النفط الروسي في ملء خزائن روسيا التي استنزفتها العقوبات الدولية بسبب الحرب، فضلاً عن تصوير الهند كشريك استراتيجي في إعادة تشكيل النظام العالمي الذي يهيمن عليه الغرب.

هذا وتأتي القمة الروسية–الهندية في وقت يعمل فيه بوتين على مواجهة الجهود الغربية الرامية إلى تصويره باعتباره منبوذاً عالمياً؛ فبالرغم من التقارب الهندي من المعسكر الغربي المعادي لموسكو، فإن نيودلهي لا تزال تتمتع بعلاقات وثيقة مع روسيا؛ نظراً إلى ما يربط الجانبين من علاقات اقتصادية وسياسية عميقة، وخاصة في مجالات الدفاع والطاقة والغذاء.

4– محاولة احتواء التقارب الروسي–الصيني: بينما وصلت العلاقات بين الهند والصين إلى أدنى مستوياتها منذ اندلاع نزاع حدودي بينهما في جبال الهيمالايا في عام 2020، تأتي الزيارة أيضاً في الوقت الذي تقترب فيه روسيا من الصين بشكل متزايد؛ حيث تراقب الهند عن كثب كيف تقترب روسيا من الصين، التي كانت بمنزلة داعم اقتصادي ودبلوماسي وسط العقوبات المفروضة عليها، بسبب الحرب الأوكرانية، وخاصةً بعدما أعلن بوتين أثناء الاجتماع السنوي لزعماء منظمة شنجهاي للتعاون في كازاخستان الأيام الماضية، أن العلاقات بين موسكو وبكين تشهد “أفضل فترة في تاريخها”، ويجب اعتبارها “قوة استقرار للعالم”؛ الأمر الذي قد أثار حالة من عدم الارتياح لدى نيودلهي؛ إذ قال السفير الهندي السابق لدى روسيا بالا فينكاتيش فيرما، لوكالة أسوشيتد برس: “كانت علاقات روسيا مع الصين موضع قلق بالنسبة إلى الهند في سياق تزايد الحزم الصيني في المنطقة”.

ولذلك يرى العديد من المحللين أنه خلف الأبواب المغلقة، قد يواجه بوتين أسئلة من مودي حول العلاقات الوثيقة بشكل متزايد بين روسيا والصين، وهي إشارة إلى أن البلدين لا يزالان قريبين، على الرغم من اعتماد الكرملين المتزايد على الصين، وربما هذا ما تحاول نيودلهي احتواءه؛ حتى لا تخسر شريكاً استراتيجياً مثل موسكو.

5– استمرار محفزات التقارب الروسي–الهندي: قبل توجهه إلى العاصمة الروسية، أشاد مودي بصداقته مع بوتين، مصرحاً بأن البلدين قد حققاً تقدماً على عدد من الجبهات خلال العقد الماضي، بما في ذلك مجالات الطاقة والأمن والتجارة والاستثمار. وقال مودي في بيان له أثناء مغادرته إلى موسكو: “أتطلع إلى مراجعة جميع جوانب التعاون الثنائي مع صديقي الرئيس فلاديمير بوتين، وتبادل وجهات النظر حول مختلف القضايا الإقليمية والعالمية”.

ودليلاً على التقارب الاستراتيجي بينهما، كان موقف نيودلهي تجاه موسكو مفيداً لكل منهما؛ فبعدما كانت الهند تستورد القليل من النفط الخام الروسي قبل الحرب، أصبحت اليوم ثاني أكبر مستورد للنفط الروسي بعد الصين؛ ما ساعد في تعزيز الإيرادات الخارجية الروسية، على الرغم من الحظر الغربي على معظم واردات النفط الروسي. وفي كثير من الحالات، كانت الهند تقوم بتكرير النفط الخام الروسي، ثم تعيد تصديره إلى الدول الأوروبية الخاضعة للحظر؛ ما منح الدولة الواقعة في جنوب آسيا دور الوسيط المربح. وارتفعت واردات الهند من الخام الروسي من 2.5 مليار دولار في عام 2021، إلى 46.5 مليار دولار في عام 2023، وفقاً لبيانات وزارة التجارة الهندية.

كما تظل روسيا حتى الآن الداعم الرئيسي للقوات المسلحة الهندية؛ حيث تمثل 36% من واردات الأسلحة الهندية، وفقاً لمعهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام، لكن هذه النسبة انخفضت بأكثر من النصف مقارنة بما كانت عليه قبل عقد من الزمان، بيد أنه في الوقت ذاته، لا تزال 60% من المعدات والأنظمة العسكرية الهندية من أصل روسي؛ ما يجعل الهند بحاجة إلى ضمان استمرار تعاونها العسكري مع روسيا؛ لضمان استمرار تشغيل معداتها الحربية.

وعلى النقيض من الغرب؛ حيث الآراء تجاه روسيا سلبية إلى حد كبير، فإن العديد من الهنود لديهم رأي إيجابي عن البلاد، وفقاً لاستطلاع للرأي أجراه مركز بيو للأبحاث هذا العام. وفي الاستطلاع أعرب 16% فقط من المستجيبين في الهند عن آراء غير مواتية تجاه روسيا، مقارنة بنحو 46% قالوا إن لديهم ارتباطاً إيجابياً بروسيا.

نتائج رئيسية

تناولت الزيارة مناقشات موسعة بين زعيمَي البلدين حول مجموعة من القضايا، على رأسها إصلاح الخلل في التجارة بين الهند وروسيا، وإنهاء الحرب في أوكرانيا، بجانب ضمان إطلاق سراح الهنود الذين يقاتلون في هذه الحرب. ويمكن تناول أبرز نتائج هذه الزيارة كما يلي:

1– محاولة تحقيق السلام في أوكرانيا: تعمل الهند على تأهيل نفسها للعب دور أكبر في تعزيز السلام في أوكرانيا؛ حيث يعتقد مودي أن لديه القدرة على دفع الروس لإنهاء الحرب في أوكرانيا، وهو ما يعد موضع ترحيب لدى الغرب الذي يشعر بقلق متزايد إزاء الكيفية التي قد تؤثر بها عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض على مسار الصراع بنهاية العام الجاري.

وخلال زيارته إلى موسكو، دعا الزعيم الهندي نظيره الروسي إلى السعي إلى نهاية سلمية للحرب الروسية في أوكرانيا، خاصةً أن زيارته قد جاءت بعد يوم من هجوم صاروخي على مستشفى للأطفال في كييف، تسبب في إثارة غضب العديد من القوى الدولية، مصرحاً بأن “فقدان الأرواح يؤدي إلى اليأس، خاصةً عندما يقتل الأطفال. لا يمكن إيجاد الحل في ساحة المعركة، ويجب السعي إلى السلام من خلال الحوار والدبلوماسية”.

من جانبه، أوضح بوتين أنهما ناقشا الحرب خلال محادثات غير رسمية، وشكر مودي على محاولته لإيجاد سبل لحل الصراع، قائلاً: “أنا ممنون لكم – في إشارة إلى السيد مودي – على الاهتمام الذي تولونه للقضايا الأكثر إلحاحاً، بما في ذلك محاولة إيجاد بعض السبل لحل الأزمة الأوكرانية، وبطبيعة الحال، محاولة إيجادها بالوسائل السلمية في المقام الأول”.

2– ضمان التعاون العسكري والدفاعي: تشهد روسيا ضغطاً على موقفها المهيمن في سوق الأسلحة الهندية؛ إذ تتطلع نيودلهي إلى اللجوء للموردين الغربيين، بقيادة فرنسا والولايات المتحدة، فضلاً عن زيادة اعتمادها على صناعتها الدفاعية المحلية؛ حيث لم تكن هناك أي صفقات أسلحة كبرى جديدة مع روسيا خلال السنوات الثلاث الماضية، بجانب إعاقة الحرب قدرة موسكو على توريد الذخائر وقطع الغيار؛ ما دفع الشركات الهندية إلى التخوف من العمل المستقبلي مع روسيا، بسبب مخاوف من مخاطر العقوبات وصعوبات السداد.

ولكن بالرغم من جهود نيودلهي في تنويع مصادر توريد الأسلحة، فإن صفقات الأسلحة المستقبلية كانت على قائمة على جدول أعمال القمة؛ حيث أشارت موسكو إلى إمكانية تزويدها نيودلهي بأنظمة دفاع جوي جديدة وطائرات مقاتلة من طراز “Su–30MKI”، بالإضافة إلى الإنتاج المرخص لطائرات الهليكوبتر المتعددة الأغراض من طراز “Ka–226T”، خاصةً أن الهند تواجه أزمة حادة في الطائرات المقاتلة، وتفكر في شراء اثنتي عشرة طائرة أخرى من روسيا لتحل محل تلك التي فُقِدت في الحوادث السابقة. ووفقاً للعديد من المسؤولين الهنديين، اشتمل جدول أعمال القمة أيضاً على اتفاقية للإمداد اللوجستي لتعزيز التعاون بين الجيشين، واستئناف المناقشات بشأن التطوير المشترك لطائرة مقاتلة من الجيل الخامس، فضلاً عن التعاون في مجال الطاقة النووية.

3– إصلاح الخلل في المعاملات التجارية: من وجهة نظر نيودلهي، تظل العلاقات التجارية بين الجانبين غير متوازنة؛ إذ بلغ حجم التبادل التجاري بينهما نحو 65 مليار دولار في 2023/2024، منها 60 مليار دولار واردات هندية من روسيا، ويرجع ذلك في المقام الأول إلى التعاون القوي في مجال الطاقة.

هذا وقد ركز مودي، الذي رفض الانضمام إلى الإجراءات العقابية ضد روسيا، على حل المشاكل التي تؤثر على التجارة بسبب حاجة موسكو إلى الحد من استخدامها الدولار الأمريكي؛ حيث باتت الهند تدفع معظم مشترياتها من النفط الروسي بالدرهم الإماراتي، خاصةً بعدما تراكم ما يُقدَّر بـ8 مليارات دولار من الروبيات في حسابات الشركات الروسية في الهند، التي لم تتمكن من إنفاقها، نظراً إلى ضعف المشتريات الروسية من السوق الهندية.

وفي هذا الصدد، ومع اختتام مودي زيارته إلى موسكو، أعلن المسؤولون الهنود والروس عن طموحاتهم لتوسيع حجم التجارة السنوية إلى 100 مليار دولار بحلول عام 2030، فضلاً عن توقيع الزعيمين اتفاقيات طويلة الأجل بشأن إمدادات النفط والغاز، مع تنويع التجارة خارج قطاع الطاقة.

4– تكثيف التعاون في مجال الطاقة: قَبل سفر مودي إلى روسيا، أعلن وزير الخارجية الهندي أنه قد تم البدء في بناء أول وحدتين من مشروع كودانكولام للطاقة النووية الهندي، الذي يستخدم مفاعلات “VVER–1000” ذات التصميم السوفييتي، منذ ما يقرب من عقدين من الزمن في ولاية تاميل نادو الجنوبية كجزء من مشروع وقعه البلدان، بجانب استمرار تقدم العمل في الوحدتين الثالثة والسادسة للمشروع، مشيراً إلى أهمية روسيا كشريك استراتيجي لأمن الطاقة والدفاع في الهند؛ حيث سبق أن زودت شركة روساتوم مشروع كودانكولام بالوقود النووي خلال عامي 2022 و2023.

وخلال أعمال القمة بين البلدين، اصطحب بوتين مودي في جولة في معرض لشركة الطاقة الذرية الروسية، وهو ما تبعته تصريحات من جانب مسؤولي الشركة عن إجراء محادثات رفيعة المستوى بين البلدين لبناء ستة مفاعلات نووية جديدة في الهند، بجانب مجموعة من محطات الطاقة النووية الصغيرة المصممة روسياً؛ وذلك في ضوء استمرار نمو احتياجاتها المتزايدة من الطاقة.

وعلى صعيد التعاون في مجال الوقود الأحفوري، أعلنت شركة روساتوم أن الشركاء الهنود ناقشوا أيضاً بتطوير إمكانات العبور في طريق البحر الشمالي، بهدف تعزيز إمدادات النفط والفحم والغاز الطبيعي المسال الروسي إلى السوق الهندية، خاصةً أن الأخير يستفيد أيضاً من معالجة النفط الخام الروسي، ليعيد تصديره مرة أخرى إلى الدول الأوروبية.

5– تعزيز العلاقات الدبلوماسية والشعبية بين الدولتين: حرص مودي أثناء زيارته لموسكو على التقاء أعضاء الجالية الهندية في روسيا، الذين يُقدَّر عددهم بنحو 14 ألف هندي، بما في ذلك 4500 طالب، وفقاً للأرقام الصادرة عن السفارة الهندية في موسكو. وفي كلمة ألقاها أمام الجالية الهندية في موسكو، أعلن مودي أيضاً عن افتتاح قنصليات جديدة في مدينتي قازان ويكاترينبورج، بهدف تعزيز العلاقات بين الشعبين الهندي والروسي، وبما يساهم في تطوير العمل الدبلوماسي بين البلدين.

6– التخلي عن المقاتلين الهنود في صفوف القوات الروسية: بالرغم من أوجه التقارب بين موسكو ونيودلهي، فإن العلاقات بينهما لم تكن خالية من الخلافات؛ فوفقاً لتقرير صادر عن هيئة الإذاعة البريطانية “BBC”، هناك عدة حالات لمواطنين هنود “تم إغراؤهم بوعود كاذبة بعروض عمل مربحة، وانتهى بهم الأمر بالقتال في صفوف الجيش الروسي في أوكرانيا؛ ما أدى إلى مقتل أربعة هنود حتى الآن في القتال”.

وبناء على ذلك، سعى مودي إلى تأمين التسريح المبكر لعشرات المواطنين الهنود، الذين تم إغراؤهم للانضمام إلى الجيش الروسي في السنوات الأخيرة للقتال في أوكرانيا؛ إذ صرح وزير الخارجية الهندي بأن “روسيا ستعمل على تسريح جميع الهنود الذين يخدمون حالياً في الجيش الروسي، بعد أن طلب مودي هذه الخطوة على ما يبدو”. من جانبهم، أشار المسؤولون الهنود إلى أنه قد تم بالفعل إعادة 10 هنود إلى الوطن، وأن البلدين سيعملان على تسريع عودة الحالات المتبقية، الذين يقدر عددهم بنحو 25 إلى 40 هندياً.

ختاماً، فإن كسر مودي التقليد الهندي المتمثل في قيام رئيس الوزراء في بداية فترة ولايته الجديدة بزيارة دولة مجاورة في جنوب آسيا كوجهة أولى له، يؤكد أهمية العلاقات الهندية–الروسية، ولا سيما عزم مودي على تحويل الهند من قوة إقليمية إلى لاعب عالمي، كما تؤكد هذه القمة مدى احتياج كل من البلدين إلى الآخر، على الرغم من توجه كل منهما إلى معسكرَين متصارعَين، يقودهما كل من الولايات المتحدة والصين. وبالنسبة إلى مودي، تظل روسيا مصدراً حيوياً للأسلحة وتكنولوجيا الطاقة والغذاء. ومن ثم، ترى الهند أنها لا غنى عنها لتصبح قوة عظمى، ناهيك عن سعي نيودلهي للحد من اعتماد موسكو المفرط على بكين؛ ما يدفعها إلى المحاولة دائماً للترويج لنفسها كبديل موثوق لدى روسيا.

https://www.interregional.com/article/%D8%AA%D9%88%D8%A7%D8%B2%D9%86%D8%A7%D8%AA-%D8%AF%D8%A8%D9%84%D9%88%D9%85%D8%A7%D8%B3%D9%8A%D8%A9:/2597/Ar

مركز الناطور للدراسات والأبحاث  Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى