أقلام وأراء

عبد الله الحمارنه يكتب – هل ينجح بايدن في اجتياز اختبار الاستيطان أم يعود لمربع أوباما؟

بقلم عبد الله الحمارنه   – 17/11/2020

مع بقاء رئيس وزراء دولة الاحتلال بنيامين نتنياهو في سدة الحكم، لا يمكن اغفال الإرث التاريخي لإدارة الرئيس باراك اوباما، وتأثيره على قضية العلاقة مع دولة الاحتلال خصوصا فيما يتعلق بقضية الاستيطان الاسرائيلي.

يضغط رئيس وزراء الاحتلال باتجاه تسريع عمليات اعطاء موافقات للاستيطان في الضفة الغربية نظرًا لعدم تأكده من انه يمكن ان يمرر مشاريع استيطانية في فترة ولاية الرئيس بايدن، معبرًا بذلك عن شكوك المستوى السياسي في دولة الاحتلال بوجود علاقة طبيعية مع هذه الإدارة خلال الفترة القادمة.

ذهب عدد من المحللين السياسيين في دولة الاحتلال ان الحدث الذي وقع في فترة حكم الرئيس باراك أوباما وأثار أزمة دبلوماسية، سيكون حاضرًا بقوة في تحديد شكل العلاقة مع بايدن. أعلنت دولة الاحتلال في حينها عن بناء وحدات استيطانية أثناء تواجد  نائب الرئيس بايدن في حينه في دولة الاحتلال مما تسبب بأزمة دبلوماسية سببت توترًا كبيرًا في العلاقة مع أوباما، وصلت الى عدم استخدام أمريكا للفيتو لحماية دولة الاحتلال من قرار أممي ضدها.

تشكل الأشهر القليلة القادمة اختبارا رئيسًا للعلاقة بين بايدن ونتنياهو، اذا يسعى نتنياهو لاستثمار ما بقي من ولاية الرئيس ترمب للدفع بمشاريع استيطانية كبيرة لفرض أمر واقع  يلزم الادارة الأمريكية القادمة التعامل معه على اعتبار انه حدث وانتهى، يكون قد اشترى عداوة الرجل منذ البداية.

ما يعزز مخاوف دولة الاحتلال من اندلاع مواجهة دبلوماسية مع إدارة الرئيس جو بايدن هو رغبة الاخير إخراج ايران من سلم اولوياته – للتركيز على قضايا داخلية – عبر إعادة التفاوض معها حول الاتفاق النووي الذي انسحب منه ترمب سابقا، مما يعزز فرص تركيز الإدارة القادمة على ملف الاستيطان بشكل خاص لأنه شكل المحور للصراع مع الفلسطينيين، خصوصًا حل الدولتين.

يشير مارتن إنديك، وهو مفاوض سلام أمريكي سابق خلال إدارات كلينتون وأوباما، إن الصراع الإسرائيلي الفلسطيني لم يعد “مصلحة حيوية” لواشنطن، وأنه لا يتوقع أن يشكل أولوية لبايدن.

لكن يمكن ان تنحرف الأمور الى مسار آخر، فبحكم الموقع السابق لبايدن في إدارة الرئيس اوباما، فهو يعرف المنطقة بشكل جيد، لكن مع عدم وجود الاستيطان او اسرائيل بشكل عام على سلم اولوياته، فانه لن تحدث أي أزمة بخصوص قضية الاستيطان.

سيسعى نتنياهو جاهدا للاستفادة من هذه النقطة، ولن يقوم بافتعال أزمة مع ادارة جو بايدن، وقد يقدم على ايقاف او تجميد الاستيطان في الفترة القادمة تجنبا لاي ازمات تفقده تثبيت وضعه السياسي داخل أو خارج دولة الاحتلال.

هناك عوامل اخرى تلعب دورا هاما في قضية الاستيطان في الفترة القادمة من اهمها شكل العلاقة مع دول التطبيع العربية، ومدى استعداد دولة الاحتلال لتجميد جزء من عمليات الاستيطان، او ان صح التعبير مبادلة الحركة النشطة للاستيطان بالتطبيع المستمر لاستجلاب دول أخرى لخط التطبيع، وهو مصلحة عليا لتشكيل حلف ضد إيران، كذلك اعطاء نتنياهو افضلية في أي انتخابات قادمة على اعتبار انه جلب استقرارا لدولة الاحتلال في المنطقة.

تخشى دولة الاحتلال ايضا من تكرار سيناريو الذي حدث مع ادارة الرئيس السابق اوباما عبر خروج موقف دولي ضد الاستيطان بموافقة اداره الرئيس جو بايدن، ومن ثم تأكيد الإدارة الأمريكية على تأييدها لحل الدولتين وايقاف عمليات الضم في الضفة الغربية، وغور الاردن، وإعادة فتح القنصلية الأمريكية في القدس الشرقية مما يضع نتنياهو أمام اختبار حقيقي.

من المتوقع أن يعاد فتح القنصلية الأمريكية في القدس الشرقية واستعادة الفلسطينيين مئات الملايين من الدولارات التي كانت تأتي على هيئة مساعدات لإبقاء السلطة الفلسطينية قوية في مواجهة التحديات في الضفة الغربية.

كما ستخسر دولة الاحتلال حال وجود مواجهة دبلوماسية بين نتنياهو وادارة الرئيس جو بايدن جزءا لا يستهان به من الدعم الامريكي لها في جميع الملفات، وهي فرصة لتشكيل جبهة دولية للضغط على دولة الاحتلال لايقاف الاستيطان، وهو ما لا تريده في الوقت الحالي خصوصا بوجود عملية التطبيع في المنطقة.

في النهاية، لا يبدو أن دولة الاحتلال ستقدم على خطوات كبيرة في قضيه الاستيطان، على الأقل في الفترة القريبة القادمة، لأنها تتطلع بترقب الى طبيعة التحركات الأمريكية في الملف الايراني، وهو ما يعتبرهالسياسيون في دولة الاحتلال الملف الاول على سلم اهتمامهم.

* مختص بشؤون الاستيطان الاسرائيلي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى