أقلام وأراء

عباس زكي: في الذكرى السادسة عشرة لرحيل القائد صخر حبش (أبو نزار)

عباس زكي 2-11-2025: في الذكرى السادسة عشرة لرحيل القائد صخر حبش (أبو نزار) 

أشعر بفقدان رجل من أعز الرجال، رجل الثقافة والميدان الذي نحن بأمس الحاجة إليه اليوم، في ظرف غايه في الصعوبة والتعقيد، ظرف قاسٍ وصعب يشيب لهوله الأطفال الذين يتقاطرون أفواجاً على مدرج النور إلى السماء، شهداء شهود على زمن سقطت فيه معادلات ومحاور ودول وارتفع فيه صوت الإنسانية التي كانت عنصر الجذب الأقوى من الانتماء لأي شيء، فالحرب الكونية التي خاضها التحالف ويخوضها التحالف الصهيوأمريكي على فلسطين وشعبها المظلوم وعلى غزة هاشم، على وجه الخصوص، وشلالات الدماء والدمار للطبيعة وكل مؤيدات الحياة قد ألهبت وحَركت مشاعر ووجدان الإنسانية الرافضة لكل أشكال الهيمنة والاحتلالات التي اتخذت عنوانها تجاه فلسطين في ظل التطرف الصهيوني بحرب الإبادة الجماعية والتظهير العرقي، وتجاوز بغطرسته وطغيانه قرارات المجتمع الدولي وقواعد القانون الدولي وحقوق الإنسان، وتحدى بكل عنف قرارات مجلس الأمن والجمعية العام للأمم المتحدة ومتفرعاتها من المنظمات الدولية، واستباح كل شيء، بما في ذلك الكرامات والمقدمات للعرب مسلمين ومسيحيين.

إنه فصل جديد في حياة البشرية على هذا الكوكب، الذي ترتّب عليه رفع درجة الحراكات والاحتجاجات الشعبية في مختلف القارات، حيث تجاوزت الشعوب قياداتها كلها تهتف الحرية لفلسطين، كفى عبثاً وقتلاً للفلسطينيين، هذا الحراك الذي شمل قطاعات واسعة من اليهود الذين ارتفع صوتهم تنديداً بالجرائم الصهيونية في فلسطين، وبلغت الإدانة أوجها في عواصم كانت ولا تزال نُظُمها تمثل شريان الحياة لدولة الاغتصاب وأعلى أشكال الاحتلال القسري لفلسطين.

هذه المناخات التي يبدع فيها القائد الغائب الشهيد يحيى حبش (صخر أبو نزار) رجل الإبداع في التنظيم والإدارة، وفي العسكر، إذ تربى على يديه أشبال كانوا أبطال الحجارة و”الآر بي جيه”، رجل القانون في ترؤسه المجلس الثوري لحركة “فتح” الذي كان له الأثر الكبير في صنع القرار، رجل الدبلوماسية الذي مثل فلسطين في الاتحاد السوفييتي الصديق، رجل المنابر والميدان، إنه الرجل الواثق من النصر رغم عمق الجراح بشعاره الدائم (لازم تزبط).

أقول لشهيدنا (أبو نزار) الحاضر فينا رغم الغياب: كنتَ الصادق، وواسطة العقد، الحريص على وحدة الحركة بفعل ما امتلكته من مزايا وسمات قيادية، فكنتَ الضرورة والمغناطيس الجاذب للجميع، كنتَ الأكثر في حسم المواقف والأكثر حضوراً في الشدائد والأزمات، كنتَ من يرى فلسطين رغم حلكة الليل متفائلاً، كنتَ صاحب فكرة القراءة الفلسطينية للاتفاقيات، واليوم تتجسد رؤيتك بالانقلاب على الرواية الصهيونية التي لم تُسعفها سياسة الكيل بمكيالين وازدواجية المعايير، فإرادة الجماهير الحرة في معسكر الأعداء التي بدأت في التحول نحو الحق الفلسطيني، وعلى الأقل الحق في الحياة، إلى جانب النظام الدولي الجديد المنتظر، الذي يتشكل تحت النار، الحل الأمثل لهذا الاحتلال الكوني لأرضنا فلسطين.

وصبراً آل ياسر موعدنا مع النصر القريب.

أخي (أبو نزار) رحلتَ جسداً أيها الحبيب، وانغرستَ في الذاكرة، لك المجد، ولروحك الرحمة.

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى