أقلام وأراء

عاطف الغمري: رؤية أرون ميللر لحل الدولتين

عاطف الغمري 27-9-2023: رؤية أرون ميللر لحل الدولتين

ديفيد أرون ميللر أحد خبيرين يهوديين استمر عملهما عشرين عاماً في عهود أربعة رؤساء، كمبعوثين لحل كل النزاع بين إسرائيل والفلسطينيين، والثاني هو دينيس روس، أي أن كل منهما أمضى كل تلك السنوات مكلفاً بنفس المهمة دون أن تتقدم جهودهما خطوة واحدة.

لهذا تكتسب آراء ميللر تحديداً، وما خرج به من تجربته الطويلة مكلفاً بحل المشكلة الفلسطينية ممثلاً لرؤساء أمريكا،جاذبيتها لدى مراكز الفكر السياسي

تعددت اللقاءات معه منذ سنوات وحتى وقتنا الحالي في 2023، تطرح عليه الأسئلة، وهو يجيب مستخلصاً من تجربته ورؤيته ونصيحته.

الآن يجمع ميللر بين عضوية عدد من المراكز المختصة بالبحوث السياسية مثل مركز كارنيجي للسلام العالمي، إلى جانب كونه مديراً لبرنامج الشرق الأوسط بمركز وودرو ويلسون في واشنطن، فضلاً عن لجوء أعداد من الصحف المتخصصة لاستطلاع رأيه في موضوع السياسة الإسرائيلية ونواياها الظاهرة والخفية.

أحد عناوين اللقاءات معه كان «التقدم في النزاع العربي الإسرائيلي يبدو مستحيلاً».

وتنوعت الأسئلة المطروحة عليه منها: هل نحن مقبلون على طرد جماعي للسكان العرب من أراضيهم؟ وسؤال حول إن كان ما رأيناه في السنوات الأخيرة هو دوراً دبلوماسياً محدوداً لأمريكا إلى حد أنه بدا أن أمريكا غائبة، وغير ذلك من الأسئلة التي جاءت إجابة ميللر عليها على النحو التالي: إن حل الدولتين يمضي في طريق مسدود، ويبدو وكأنهم يدفعون الوضع نحو تفتيت القضية الفلسطينية، بمعنى أشبه بالاستقلال، وليس استقلالاً حقيقياً لغزة تحت إدارة حماس، وسلطة فلسطينية تدير مساحة ال40% المتبقية من الضفة الغربية، وتكون معتمدة على إسرائيل، بينما تحتل إسرائيل مساحة ال60% المتبقية، وتفرض سيطرتها على القدس.

ثم يقول: أمام هذا الوضع ينبغي للرئيس بايدن أن يرد بجرأة على حكومة نتنياهو التي يسيطر عليها تصميم على وضع الضفة الغربية والقدس تحت سيادة إسرائيل.

ثم يقول ميللر: يبدو أن حكومة بايدن تحاول تجنب التورط في هذا الوضع الفوضوي، وإن كان لا بد أن يوضح بايدن لإسرائيل أن حكومته لن تتعامل مع سياسات وزيرها بن غفير إذا استمر في سياسته العنصرية.

وفي إحدى إجاباته عن سؤال آخر، قال: إن ما نشاهده مؤخراً من ذهاب السياسيين والوزراء الإسرائيليين إلى الحرم الشريف بالمسجد الأقصى يتم بطريقة تشير إلى أن وزارة الأمن القومي الإسرائيلية ووزيرها بن غفير، مصممان على تغيير الأوضاع الراهنة، وخلق وجود يهودي دائم مكانها.

الكاتب الأمريكي مالكولم كير ينقل عن أرون ميللر اعتقاده أن الحل الدبلوماسي أصبح بعيد المنال، وذلك تحت عنوان «عيناي لا تكذبان»، ويشير الكاتب كير في هذا الصدد إلى مقال سبق أن نشره ميللر تحت عنوان «نهاية العظمة: لماذا لا يوجد في أمريكا رؤساء عظام؟»، وكان قد نشره بمجلة «فورين بوليسي» عام 2014، قال ميللر هذا الكلام وهو يجيب عن سؤال: أنت شاركت في مفاوضات السلام العربية الإسرائيلية في حكومات جورج بوش الأب، وبيل كلينتون، وجورج بوش الابن، فهل تعتبر أن هذه المفاوضات قد ماتت؟

وكان رده: إنني تركت تلك المهمة عام 2003 مكلفاً من حكومات أمريكية، وإن تحليلي للمفاوضات التي تُجرى اليوم يجعلني أصفها بجملة «إنها قد ماتت»، فمنذ تركي هذه المفاوضات ألاحظ أنها صارت سلبية، ولن تؤدي إلى أي نتيجة.

وحتى نضع المهمة التي مارسها ديفيد ميللر عشرين عاماً في إطارها المكتمل والموضوعي، فالذي حدث من البداية من الاستعانة به، ومعه دينيس روس، قد تم بعد إغلاق صفحة وسطاء تحملوا مسؤولية تلك القضية وهم من رجال وزارة الخارجية، وكانوا يعرفون باسم Arabists وهو تعبير أطلق عليهم لما يتمتعون به من خبرة بالمنطقة العربية، ومعرفة بثقافة وتقاليد شعوبها، وبكل أبعاد النزاع بين إسرائيل والفلسطينيين، وسعيهم للتمسك بالموقف المحايد. صحيح أن صفحتهم طويت بعد الاستعانة بأرون ميللر ودينيس روس، لكن رغم كونهما يهوديين إلا أنهما بذلا جهوداً لمحاولة إيجاد ثغرة في الطريق المسدود أمام الحل الفلسطيني، ولم يكن انحيازهما إلى إسرائيل مبالغاً فيه بعكس آخرين لعبوا هذا الدور بعد ذلك، وإن كان ميللر هو الأكثر موضوعية تجاه تلك القضية الشائكة من روس.

 

 

مركز الناطور للدراسات والابحاثFacebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى