أقلام وأراء

عادل ابو هاشم يكتب – المصالحة الفلسطينية في انتظار القطار !

عادل ابو هاشم – 6/11/2020

اين وصلت المصالحة الفلسطينية بعد اكثر من 60 يوما من لقاءات المصالحة التي وضعت مسودة تتضمن اربعة ملفات هي : الانتخابات الشاملة ، والتوافق على لجان القيادة الوطنية الموحدة في الداخل والخارج ، وترتيب البيت الفلسطيني وعلى راسه اصلاح هياكل ومؤسسات منظمة التحرير ، حيث حددت هذه القاءات الاول من اكتوبر موعدا لعقد مؤتمر الامناء العامين لبدء حوار شامل من اجل اقرار المسودة ، ووضع خارطة طريق للتنفيذ ، واصدار المرسوم الرئاسي الخاص بالانتخابات الرئاسية والتشريعية والمجلس الوطني .. ؟؟!!

ويتساءل الشارع الفلسطيني – بعد مرور اكثر من 35 يوما دون انعقاد مؤتمر الامناء بغضب شديد :

هل اصبح الحديث عن المصالحة عبارة عن ” حكاوي قهاوي ” ، وكلام ” فض مجالس ” .. !!

رغم معرفة الشارع الفلسطيني بان هذه المصالحة تلقى معارضة من اطراف فلسطينية  من الساقطين والمتساقطين من ” البرامكة الجدد ” لتاكيد تبعيتهم للادارة الامريكية والاسرائيلية ، وكذلك معارضة اسرائيلية واقليمية ودولية ، فان جميع اطياف الشعب الفلسطيني تطالب بضرورة وحدة وطنية شاملة على الارض ، وتسريع انجاز ملف المصالحة ، ومقاومة الضغوط الرامية لافشال مسار المصالحة والوحدة سواء كانت خارجية او داخلية ، لاعادة الثقة لدى الشارع الفلسطيني بوجود قيادة تحمل الهم الوطني .

لقد شهدت القضية الفلسطينية عبر تاريخها الطويل مراحل متعددة ومتـنوعة من النضال والجهاد من أجل إنهاء الإحتلال الإسرائيلي ، وشهدت كذلك عددًا هائلا من الفصائل والتـنظيمات الاسلامية والوطنية ذات التوجهات المختلفة في رؤية العمل والمتفقة في الهدف النهائي ، فإن الوقت قد حان لكي تتفق السلطة و جميع الفصائل  وتتوحد على آلية عمل واحدة لمواجهة تحديات المرحلة القادمة من حرب الإبادة والتطهير العرقي التي يشنها العدو الإسرائيلي بجميع شرائحه وطوائفه ضد كل ما هو فلسطيني..!!

ففي الوقت الذي تتطلب فيه القضية الفلسطينية صفاً فلسطينياً متراصاً أكثر من أي وقت مضى ، والحفاظ على وشائج الوحدة الوطنية داخل الصف الفلسطيني ، وتغليب المصلحة الوطنية على كل الاحتمالات والرؤى الجانبية – مع التأكيد على أن الخلافات الثانوية في المواقف الفلسطينية تعود إلى الاختلاف في الرؤية المستقبلية – ولان فلسطين تقف – هذه الايام – في مفترق طرق حقيقي فان المطلوب في هذه المرحلة هو الدعوة إلى حوار فلسطيني- فلسطيني موسع تشارك فيه جميع القوى والفعاليات السياسية الفلسطينية ، ويحول دون تمزق الشعب الفلسطيني ، حوار وطني حقيقي وجاد وبنّاء يقود الى مصالحة حقيقية مبنية على الشراكة الوطنية  ، حوار يكسر الحواجز بين قيادة السلطة و الفصائل والجماهير، نستطيع من خلاله رسم سياسة توحد الوضع الفلسطيني ، وتضع الثوابت والخطوط الحمر التي تشكل القاسم الوطني المشترك بين الجميع لتفويت الفرصة على العدو الإسرائيلي والمتربصين لاختراق هذه الثوابت ، والعمل على استمرار مواجهة العدو الاسرائيلي بكل الوسائل ، ومواجهه صفقة القرن وخطة الضم والتطبيع .

إن الشعب الفلسطيني في الداخل والخارج أحوج ما يكون الآن إلى الوحدة الوطنية لمجابهة أعباء المرحلة القادمة ، لأن هذه الوحدة ضرورة إستراتيجية في مرحلة التحرر الوطني التي نعيشها اليوم ، ويجب عدم السقوط في وهم اعتبار وحدة السلطة والفصائل والتنظيمات في حد ذاتها هي الوحدة الوطنية الفلسطينية ، وحتى توحيد المؤيدين والمعارضين لاتفاق أوسلو وما تبعه من اتفاقات ليس تعبيراً عن الوحدة الفلسطينية ، وإنما وحدتها هي في توحيد كافة قوى وأبناء الشعب الفلسطيني في هذه المرحلة التي يتعرض فيها لابشع احتلال استعماري استيطاني عنصري يستهدف كامل حقوقنا الوطنية وتدمير مشروعنا الوطني .

لقد تحدث الكثيرون عن الوحدة الوطنية الفلسطينية ، ولكن هذا الحديث في كثير من الحالات ( كلام حق يراد به باطل )  ، فالوحدة الوطنية ضرورة استراتيجية نابعة من حاجة هذا الشعب – الذي ما زالت معظم أراضيه مغتصبة ، وشعبه يتعرض يوميـًا للقتل والإعتقال والتدمير تحت حصار إسرائيلي أوصله إلى حد المجاعة ، ومقدساته تتعرض للتهويد .

لقد كانت الدعوة والحديث والعمل من أجل الوحدة الوطنية الفلسطينية تبدو في الماضي- وخاصة في السنوات الأولى لعمر الثورة الفلسطينية المعاصرة- وكأنها مرهونة بردود الفعل العفوية على المؤامرات التي تعرضت لها الثورة هنا وهناك ، وكان يبدو أيضـًا بأن الدعوة والحديث والعمل من أجل هذه الوحدة لم يكن نابعـًا من قرار محدد وواضح تسعى كل الأطراف المشاركة في الساحة الفلسطينية من أجل تحقيقه كفعل وليس كردة فعل ، بحيث أصبح يعتقد البعض بأن كل ما يجري يدور بشأن الوحدة الوطنية الفلسطينية إنما هي مواضيع نظرية محضة تطرح من نقاش وللحوار داخل إجتماعات المجالس الوطنية الفلسطينية لتعود وتختفي عند إنتهاء دورات هذه المجالس .. !!

إذن لا يجب أن يكون الحديث عن الوحدة الوطنية وكأنه مرهون بردود الفعل العفوية على المؤامرات التي تحاك هذه الأيام ضد الفلسطينيين ( القيادة والفصائل والشعب والأرض ) ، ولكن يجب أن يكون الحديث والعمل من أجل هذه الوحدة نابعاً من قرار محدد وواضح يسعى كل الفلسطينيين لتحقيقه كفعل وليس كرد فعل .

وإذا كانت هذه الدعوة لعقد حوار فلسطيني- فلسطيني موسع ، ففي المسيرة الفلسطينية سابقة في هذا المضمار ، فقد أجرت القيادة الفلسطينية حواراً شعبياً وعالمياً واسعاً عندما اتخذت قرارها بالعمل المرحلي عام 1974م ، ووضعت آنذاك برنامج النقاط العشرة ، وأجرت القيادة الفلسطينية حواراً داخلياً كثيفاً للغاية استمر ستة أشهر كاملة ، وهيأ هذا الحوار لقرارات المجلس الوطني الفلسطيني (1988م) والتي أعلنت قرار الاستقلال والموافقة على القرار 242 .

فلماذا لا يجري الآن حوار مماثل للوصول إلى وثيقة سياسية توقعها كافة القوى الوطنية والإسلامية ، وتقود إلى تفاهم تام من أجل تدعيم الوحدة الوطنية وخلق الأطر الأكثر موضوعية وواقعية من أجل تحقيقها خاصة وأن الموضوع المطروح هو المصير الوطني للشعب الفلسطيني في ظل هجمة إسرائيلية- أمريكية للقضاء على آخر منجزات الشعب الفلسطيني .

اتمنى الا تصبح المصالحة مثل حكاية الزوجة التي استدعت النجار لإصلاح هزة شديدة في دولاب ملابسها كلما مر قطار سكة حديد بجانب البيت ، وقام النجار بالمهمة المطلوبة منه ، لكن الدولاب سرعان ما مارس الاهتزاز مع أول قطار قادم ، وعاد النجار لإصلاحه  ، ولكن الزوجة أرسلت إليه من جديد تبلغه أن ( الهزة ) ما زالت موجودة ، ولم يجد النجار بدًا في المرة الثانية سوى الدخول في الدولاب وانتظار مرور القطار حتى يعرف كيف ومصدر اهتزاز الدولاب .

وفي خلال ذلك جاء الزوج ودخل غرفة النوم وسمع صوتـًا داخل الدولاب أثار شكوكه ففتحه ليجد الرجل بداخله ومذهولا سأل : ماذا تفعل في الدولاب ؟؟!!

قال النجار: سوف أعترف لك بكل شيء.. أنا صاحب هذه السيدة وأخونك معها.!

ورقعت الزوجة بالصوت قائلة له : ماذا تقول يا كذاب يا ابن الكذاب.. أنا صاحبتك.!

قال النجار في هدوء : وهل تعتقدين أن زوجك سوف يصدقني إذا قلت له أنا واقف داخل الدولاب أنتظر القطار ..؟!!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى