
صلاح مخلوف 10-10-2025: بعد عامين.. أحداث السابع من أكتوبر بين الأهداف والنتائج
المقدمة:
تُعَدُّ أحداثُ السابعِ من أكتوبر حلقةً من سلسلةٍ متّصلةٍ من الصراعِ الفلسطينيِّ الإسرائيليّ، ذلك الصراعُ الذي طرأت عليه تحوّلاتٌ كبيرة. فبعد أن كان الفلّاحُ الفلسطينيُّ في القرن الثامن عشر يقفُ مدافعًا عن أرضه أمام المستوطنينَ اليهودِ المطرودينَ من أوروبا، انتقل النضالُ إلى مرحلةِ الدفاعِ الجماعيِّ عن الأرضِ والمقدّساتِ في عشرينياتِ وثلاثينياتِ القرن الماضي، ثمّ توسّع الصراعُ بدخولِ القواتِ العربية وظهورِ القوميّاتِ التي طالبت بالتحريرِ والاستقلال، كما كان الحالُ في أربعينياتِ وستينياتِ القرن العشرين.
ومع مرورِ السنواتِ وتأسيسِ منظمةِ التحريرِ الفلسطينية، أصبح الفلسطينيُّ يُمثّلُ نفسَه في القتالِ وفي المحافلِ الدولية، إلى أن أُنشئت السلطةُ الفلسطينية بعدَ اتفاقِ أوسلو، الذي انقسمَ حولهُ الشعبُ الفلسطينيُّ بين مؤيّدٍ ومعارض. وتبلور هذا الانقسامُ حتى أصبح هناك نظامان فلسطينيان في الضفةِ الغربية وقطاعِ غزة.
وانقسمَ الصراعُ بينَ المقاومةِ الشعبيةِ التي نادى بها مَن أشعلوا الثورةَ الفلسطينية من قيادةِ حركةِ فتح ومنظمةِ التحرير الفلسطينية كمقتضًى لهذه المرحلةِ وتعقيداتها، وبعد مرورهم بتجربةٍ ثوريةٍ كبيرةٍ ودراسةِ نتائجِها، إضافةً إلى دراسةِ واقعِ النظامِ العربيِّ ومواقفهِ التي ظلّت ثابتةً في مراحلَ مفصليةٍ من حياةِ القضيةِ الفلسطينية بين الشجبِ والاستنكارِ والتهدئةِ والوساطةِ والحياد. وكذلك دراسةِ الوضعِ الدوليِّ على الصعيدَيْنِ الأوروبيِّ والأميركيِّ اللذينِ يقدّمانِ الدعمَ الكاملَ للكيانِ الإسرائيليِّ في المجالاتِ السياسيةِ والعسكريةِ والاقتصادية، فضلًا عن خصوصيةِ هذا الاحتلالِ الأيديولوجيِّ الاستيطانيِّ الإحلاليِّ الذي يختلفُ عن غيره من الاحتلالاتِ الأخرى وموازين القوى والامكانيات.
هذه الواقعيةُ دفعت قيادةَ منظمةِ التحريرِ وحركةَ فتح إلى تبنّي خيارِ المقاومةِ الشعبيةِ والدبلوماسية في هذه المرحلة، بما يضمنُ حقوقَ الشعبِ الفلسطينيِّ واستقلالَه ويحمي وجودَه بعيدًا عن المواجهةِ غيرِ المتكافئةِ التي تؤدّي إلى دمارٍ كبيرٍ يؤثّرُ سلبًا على المشروعِ الوطنيِّ الفلسطينيّ.
في المقابل، تبنّت حركةُ حماس والجهادُ الإسلاميّ وفصائلُ أخرى شعارَ المقاومةِ المسلّحة، فأقامت تحالفاتٍ مع فصائلَ غيرِ فلسطينيةٍ ودولٍ عربيةٍ مثل سوريا واليمن ذي التوجّهِ الشيعيّ ونظامِ بشار الأسد، فيما عُرفَ بـ«وحدةِ الساحات». وتزامنَ ذلك مع الإعدادِ العسكريِّ في غزة من أنفاقٍ ومعسكراتِ تدريبٍ وإعلامٍ داعمٍ من قنواتٍ عربيةٍ كبيرة.
قناعاتُ هذه الفصائلِ في قطاعِ غزة بالمقاومةِ المسلّحة أدّت بها إلى أحداثِ السابعِ من أكتوبر، التي مرّ عليها عامان، والتي سنتناولها من حيثُ الأهدافُ والنتائجُ، بمنهجٍ وصفيٍّ تحليليٍّ.
مسألة الدراسة: ما هي الأهداف الحقيقية التي وضعت لأحداث 7 أكتوبر 2023، وكيف تجلت تلك الأهداف في النتائج بعد عامين؟
السياق السياسي والميداني السابق لأحداث السابع من أكتوبر
حروب غزة الاثار والنتائج :
منذ انسحاب الاحتلال الإسرائيلي من قطاع غزة عام 2005، ظل القطاع تحت حصار خانق فرضته إسرائيل براً وبحراً وجواً، ما جعل كل مواجهة عسكرية لاحقة تحمل طابعاً تراكمياً من الغضب والمقاومة، خاضت غزة عدة حروب رئيسية مع الاحتلال الإسرائيلي في أعوام 2008 و2012 و2014 و2021، هذه الحروب أدت الى نتائج واثار على المستوى السياسي والاقتصادي والإنساني وهذا ما سوف نتناوله في هذا المبحث .
1- عدوان 2008 (عملية الرصاص المصبوب):
في 27 ديسمبر/كانون الأول 2008، بدأ الاحتلال الإسرائيلي عدوانه العسكري على قطاع غزة بعملية سماها “الرصاص المصبوب”، واستمرت نحو 23 يوما.
انتهت الحرب بعد فترة تهدئة استمرت ستة أشهر تم الاتفاق عليها بين حركة حماس وإسرائيل بوساطة مصرية في يونيو 2008 وأسفرت المواجهات عن سقوط نحو 1500 شهيد وتدمير واسع للبنية التحتية في غزة وعلى الرغم من مرور سنوات على الحرب لم يُحاسب قادة الاحتلال الإسرائيلي على الأضرار والجرائم التي ارتكبوها بحق المدنيين رغم توثيق المنظمات الدولية والحقوقية لانتهاكات وجرائم حرب.
قبل اندلاع الحرب شهدت التهدئة خرقًا إسرائيليًا في الرابع من نوفمبر 2008 حين نفذت إسرائيل عملية استهدفت ستة من كوادر حماس وأسفرت عن استشهادهم جميعًا إلا أن الحركة التزمت بضبط النفس واستمروا في التهدئة.
خلال الحرب استهدفت إسرائيل المرافق الأساسية في القطاع بما فيها المدارس والجامعات والمساجد والمستشفيات والمراكز الطبية إضافة إلى مراكز وكالة غوث وتشغيل اللاجئين (أونروا) ومن أبرز هذه الهجمات قصف مدرسة الفاخورة في جباليا في السادس من يناير 2009 بالقنابل الفسفورية ما أدى إلى استشهاد 41 مدنيًا وإصابة العديد بحروق وجروح خطيرة.
كما استخدمت إسرائيل أسلحة يُحظر استخدامها دوليًا أبرزها اليورانيوم المنضب والفوسفور الأبيض وقد أظهرت بعض الجثث آثار التعرض لمادة اليورانيوم المخفف فيما وثقت منظمة هيومن رايتس ووتش استخدام الفسفور الأبيض من قبل القوات الإسرائيلية.
– عدوان2012 (عمود السحاب).
العدوان على غزة عام 2012، والتي أطلقت عليها إسرائيل اسم “عملية عمود السحاب” ، هي مواجهة عسكرية استمرت ثمانية أيام بين جيش الاحتلال الإسرائيلي والفصائل الفلسطينية في قطاع غزة الذي تسيطر عليه حركة حماس. بدأت في 14 نوفمبر 2012 باغتيال أحمد الجعبري، رئيس الجناح العسكري لحركة حماس، إثر غارة جوية إسرائيلية استهدفت سيارته في غزة.
جاءت العملية بعد فترة من التوتر والتصعيد المتبادل بين الجانبين، حيث بررت إسرائيل هجومها بأنه رد على إطلاق أكثر من 100 صاروخ من قطاع غزة خلال 24 ساعة، إضافة إلى هجوم على دورية عسكرية إسرائيلية وانفجار عبوات ناسفة قرب الجنود على الجانب الإسرائيلي من الحدود. وادعت الحكومة الإسرائيلية أن هدف العملية هو وقف الهجمات الصاروخية وتعطيل قدرات الفصائل الفلسطينية المسلحة. في المقابل، حمل الفلسطينيون إسرائيل مسؤولية التصعيد، متهمينها بارتكاب اعتداءات على المدنيين قبل العملية، وأكدوا أن استمرار الحصار على غزة واحتلال الضفة الغربية والقدس الشرقية هو السبب الجوهري وراء اندلاع المواجهات.خلال العملية، أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي أنه قصف أكثر من 1,500 هدف في قطاع غزة، شملت منصات إطلاق الصواريخ ومخازن الأسلحة ومقرات حكومية ومبانٍ سكنية، ووفقًا لتقارير الأمم المتحدة، استشهد 174 فلسطينيًا وجُرح المئات، كما دُمِّرت منازل وتشردت عائلات كثيرة، من أبرزها عائلة الدلو التي استشهد عشرة من أفرادها في غارة واحدة. وأشارت تقارير إلى أن بعض الإصابات الفلسطينية نجمت عن سقوط صواريخ محلية بالخطأ داخل غزة. كما نفذت كتائب عز الدين القسام إعدامات ميدانية بحق ثمانية أشخاص بتهمة التعاون مع إسرائيل.
في المقابل، كثّفت حماس وحركة الجهاد الإسلامي هجماتهما الصاروخية تحت اسم عملية “حجارة سجيل”، حيث أطلقت الفصائل أكثر من 1,450 صاروخًا باتجاه المدن الإسرائيلية، بينها صواريخ فجر-5 الإيرانية وغراد الروسية والقسام والهاون، واستهدفت مدنًا مثل بئر السبع وعسقلان وأسدود وريشون لتسيون. وللمرة الأولى منذ حرب الخليج عام 1991، تعرضت تل أبيب والقدس لهجمات صاروخية مباشرة. أسفرت الضربات عن مقتل ستة إسرائيليين وإصابة 240 آخرين، فيما سجلت حالات هلع كثيرة بين السكان. تمكن نظام القبة الحديدية من اعتراض نحو 421 صاروخًا، بينما سقط 142 صاروخًا داخل غزة و58 في مناطق مأهولة بإسرائيل. كما شهدت تل أبيب تفجير حافلة نفذه عربي إسرائيلي، أدى إلى إصابة 28 مدنيًا.
على الصعيد الدولي، دعمت كندا والولايات المتحدة والمملكة المتحدة وألمانيا الموقف الإسرائيلي واعتبرته دفاعًا عن النفس، في حين أدانت مصر وتركيا وإيران وروسيا ومعظم الدول العربية والإسلامية العدوان الإسرائيلي على غزة. عقد مجلس الأمن الدولي جلسة طارئة لبحث التصعيد دون التوصل إلى قرار. وفي 21 نوفمبر 2012، أعلنت مصر نجاحها في التوسط لوقف إطلاق النار بين الطرفين.
أعلن كل من الجانبين تحقيق النصر؛ إذ قالت إسرائيل إنها حققت هدفها في شل قدرات حماس الصاروخية، بينما اعتبرت حماس أن إسرائيل فشلت في تحقيق غزو بري لغزة. وقد خلصت منظمة هيومن رايتس ووتش إلى أن الطرفين انتهكا قوانين الحرب خلال المواجها.
– عدوان 2014 (الجرف الصامد):
في صيف عام 2014، وتحديدًا في 12 حزيران/يونيو، تعرّض ثلاثة مستوطنين إسرائيليين في للاختطاف في منطقة غوش عتصيون الاستيطانية القريبة من القدس، واتهمت إسرائيل حركة حماس بالوقوف وراء العملية. عقب ذلك، شنّ جيش الاحتلال حملة اعتقالات واقتحامات واسعة في أنحاء الضفة الغربية، ما دفع حماس إلى إطلاق الصواريخ باتجاه الأراضي الإسرائيلية، لترد إسرائيل بسلسلة من الضربات الجوية والمدفعية التي تواصلت من منتصف حزيران حتى نهايته. وفي 7 تموز/يوليو 2014، أعلنت إسرائيل بدء هجوم عسكري شامل أطلقت عليه اسم “عملية الجرف الصامد”، في حين أطلقت عليه حماس اسم “العصف المأكول”. وقد برّرت إسرائيل عمليتها بأنها تهدف إلى وقف إطلاق الصواريخ من غزة ومنع أي هجمات مستقبلية. ومع تصاعد العمليات، تطورت المواجهة إلى حرب واسعة النطاق استمرت 51 يوما
بعد الحرب على غزة، أصدر المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان تقريرا شاملا عن الخسائر البشرية والمادية بالتعاون مع وكالة الصحافة الفلسطينية. وأظهر التقرير مقتل 1742 فلسطينيا 81% منهم من المدنيين، بينهم 530 طفلا و302 امرأة و64 لم يتم التعرف على جثثهم لما أصابها من حرق وتشويه، ومقتل 340 مقاوما فلسطينيا، وجرح 8710 من مواطني القطاعكما قتل 11 من العاملين في وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) و23 من الطواقم الطبية العاملة في الإسعاف و16 صحفيا. ودمر القصف الإسرائيلي للقطاع 62 مسجدا بالكامل و109 مساجد جزئيا، وكنيسة واحدة جزئيا، و10 مقابر إسلامية ومقبرة مسيحية واحدة، كما فقد نحو مائة ألف فلسطيني منازلهم وعددها 13217 منزلا، وأصبحوا بلا مأوى، في المقابل، قال المرصد الأورومتوسطى لحقوق الإنسان إن أكثر من 2147 فلسطينيا لقوا حتفهم خلال العدوان.
على صعيد خسائر إسرائيل، قُتل 64 جنديا وستة مدنيين بينهم امرأة. ومن بين الجنود القتلى من يحملون أيضا جنسيات أخرى كالأميركية والبلجيكية والفرنسية وغيرها. أما الجرحى فقد بلغ عددهم 720 جريحا. فضلا عن الخسائر الاقتصادية الفادحة التي وصلت إلى 560 مليون دولار في قطاع السياحة، و370 مليون دولار وغيرها.
عدوان 2021(حارس الاسوار):
اندلعت الحرب على غزة عام 2021، التي عُرفت أيضًا باسم هبة الكرامة أو اشتباكات أيار/مايو 2021، بينما أطلقت عليها إسرائيل اسم عملية حارس الأسوار، وسمّتها المقاومة الفلسطينية معركة سيف القدس، وكانت مواجهة عسكرية واسعة النطاق بين المقاومة الفلسطينية وقوات الاحتلال الإسرائيلي. بدأت الأحداث في 10 أيار/مايو 2021، عقب تصاعد الاعتداءات الإسرائيلية في القدس، خصوصًا في حي الشيخ جراح والمسجد الأقصى، حيث وجّهت حركة حماس عبر قائد جناحها العسكري محمد الضيف إنذارًا للاحتلال بضرورة الانسحاب من المسجد والحي خلال ساعة واحدة، وإلا فإنّ المقاومة ستردّ عسكريًا.ومع انتهاء المهلة في تمام الساعة السادسة مساءً، أطلقت المقاومة الفلسطينية رشقات صاروخية مكثفة باتجاه المدن الإسرائيلية، وردّ جيش الاحتلال بشنّ غارات جوية عنيفة استهدفت مناطق واسعة في قطاع غزة، ما أدّى إلى اندلاع حرب شاملة استمرت أحد عشر يومًا. وأسفرت المواجهات عن استشهاد أكثر من 200 فلسطيني، بينهم نساء وأطفال، مقابل مقتل أكثر من 13 إسرائيليًا، قبل أن تُعلن هدنة بوساطة مصرية في 21 أيار/مايو 2021 أنهت جولة القتال، مع بقاء آثارها السياسية والعسكرية حاضرة في المشهد الفلسطيني والإسرائيلي على حدٍّ سواء..
تحليل النتائج:
منذ انسحاب الاحتلال الإسرائيلي من قطاع غزة عام 2005، تعرض القطاع لسلسلة حروب متعاقبة بين عامي 2008 و2021، ما أدى إلى تراكم الخسائر الإنسانية والاقتصادية والمادية الفلسطينية بشكل هائل، مقارنة بالخسائر الإسرائيلية التي كانت محدودة نسبيًا ويمكن تعويضها بسرعة بفضل الدعم الغربي والأمريكي للاقتصاد الإسرائيلي. في حرب 2008 (الرصاص المصبوب)، استشهد نحو 1500 فلسطيني، بينهم مئات الأطفال والنساء، ودُمّرت آلاف الوحدات السكنية والمرافق التعليمية والطبية، ما عمّق الأزمات الإنسانية والبطالة والفقر في القطاع. وفي حرب 2012 (عمود السحاب)، استشهد 174 فلسطينيًا وأصيب المئات، وتم تدمير مئات المنازل والبنى التحتية الأساسية. أما حرب 2014 (الجرف الصامد)، فبلغ عدد الفلسطينيين الذين استشهدوا أكثر من 2147 شخصًا، بينهم 530 طفلًا و302 امرأة، مع إصابة نحو 11 ألف شخص وتشريد حوالي 100 ألف فلسطيني بعد تدمير أكثر من 13 ألف منزل كليًا أو جزئيًا. وفي عدوان 2021 (حارس الأسوار/سيف القدس)، استشهد أكثر من 250 فلسطينيًا وجُرح نحو 1900 آخرين، بينما تعرضت حوالي 1800 وحدة سكنية للتدمير جزئيًا أو كليًا، إضافة إلى أضرار في المرافق الاقتصادية والخدمية.
على المستوى الاقتصادي، تكبد قطاع غزة خسائر تجاوزت 10 مليارات دولار نتيجة تدمير المصانع والبنى التحتية الحيوية، بينما انخفضت الصادرات إلى أقل من 30% من قدرتها قبل الحروب، وارتفعت معدلات البطالة والفقر بشكل حاد، وأصبح الاقتصاد الفلسطيني يعتمد بدرجة كبيرة على المساعدات الدولية. أما الجانب الإسرائيلي، فقد تكبد خسائر أقل بكثير، لكنها لم تكن مهملة ويمكن تعافيها بسبب الدعم الغربي والأمريكي، ففي حرب 2014 وحدها، وصلت الكلفة الاقتصادية إلى أكثر من 3.5 مليارات دولار، منها 560 مليون دولار في قطاع السياحة و370 مليون دولار في القطاعات الصناعية والخدمية، كما بلغت كلفة استخدام منظومة القبة الحديدية لاعتراض الصواريخ عشرات الملايين، بينما تسببت المواجهات في تعطيل الحياة المدنية في المدن الجنوبية ومناطق الإنتاج. في حرب 2021، بلغت الخسائر الاقتصادية نحو 2 مليار دولار نتيجة توقف الإنتاج والخدمات والشحن، مع تأثير نفسي كبير على السكان الإسرائيليين جراء الرعب من الصواريخ.
على المستوى العسكري، أظهرت هذه الحروب التفوق الإسرائيلي في القوة النارية والتقنيات الحديثة، بما في ذلك الطائرات المسيّرة والقبة الحديدية وأنظمة الرصد. إلا أن تراكم الخسائر الفلسطينية، سواء البشرية أو المادية أو الاقتصادية، أضعف قدرة القطاع على التعافي، وخلق ضغطًا داخليًا وسياسيًا مستمرًا على السلطة الفلسطينية.
على المستوى السياسي، لم يتحقق جوهر مطالب الفلسطينيين المتعلقة بالحقوق الوطنية، بما يشمل القدس وحق العودة للاجئين، إلا أن هذه الحروب ساهمت في تعزيز التضامن الشعبي والدولي مع القضية الفلسطينية، وزيادة الاهتمام بالرواية الفلسطينية. فقد أدت المواجهات إلى تنامي جهود الدبلوماسية الرقمية الفلسطينية ونشر الرواية الفلسطينية على نطاق أوسع، مما أسهم في تشكيل وعي عالمي أكبر بالقضية الفلسطينية وإبراز حجم المعاناة والانتهاكات التي تعرض لها المدنيون في قطاع غزة.
بالمجمل، تُظهر هذه الحروب أن تراكم الخسائر الفلسطينية كان أكبر بكثير من الخسائر الإسرائيلية، وأن الأثر التراكمي على غزة تمثل في تدمير البنية التحتية الأساسية، ارتفاع نسب الفقر والبطالة، وانهيار الخدمات الحيوية، فيما اقتصرت الخسائر الإسرائيلية على تكاليف اقتصادية محددة وأثر نفسي وسياسي داخلي جزئي، مع اختبار تقني لبعض الأسلحة الحديثة. هذا التراكم من الخسائر الإنسانية والاقتصادية والسياسية شكل الخلفية المباشرة التي أدت إلى أحداث السابع من أكتوبر 2023.
حرب الإبادة الجماعية : أحداث السابع من أكتوبر 2023 – 2025
الأهداف الحقيقية التي وضعت لأحداث 7 أكتوبر 2023، وكيف تجلت تلك الأهداف في النتائج بعد عامين؟
بعد أحداث حي الشيخ جراح وما تلاها من مواجهات، والمعروفة بمعركة سيف القدس 2021، شهد الصراع الإسرائيلي الفلسطيني نقلة نوعية. شارك الشعب الفلسطيني بشكل واسع في هذه المعركة، وانخرط في مظاهرات واشتبكات مسلحة في الضفة الغربية والداخل المحتل، بينما شهد الشارع الغربي موجة من المظاهرات الضخمة نصرةً للقضية الفلسطينية، مما أعاد إلى الأذهان روح الانتفاضتين الأولى والثانية من حيث اللحمة الوطنية والتكاتف الشعبي، وتوجيه البوصلة نحو الاحتلال الإسرائيلي. وقد وفرت هذه المعركة دفعة معنوية غير مسبوقة للمقاومة الفلسطينية في غزة وحلفائها الداعمين وذلك كان واضحا في الخطاب الأول لقائد الجناح العسكري في حماس محمد الضيف، مما جعل الرهان على مواجهة مقبلة، عُرفت لاحقًا بمعركة طوفان الأقصى.
لكن، ومع انطلاق هذه المعركة واستمرارها في عامها الثاني ، جاءت النتائج مخيبة للآمال وكارثية على مستوى الشعب الفلسطيني والقضية الوطنية، حيث تجلت الخسائر الإنسانية والسياسية والمادية والاقتصادية بشكل فادح، مع استمرار الحصار وتراجع قدرة القطاع على التعافي، ما يوضح أن الأثر التراكمي للصراعات السابقة كان العامل الحاسم في تفاقم الأزمة، على الرغم من المكاسب الرمزية والمعنوية التي حققها صمود الشعب الفلسطيني في غزة في تعزيز الرواية الفلسطينية وجذب التضامن الدولي.
في صباح السابع من أكتوبر 2023، وبالتحديد عند الساعة الثامنة صباحًا، ألقى القائد العام لكتائب الشهيد عزّ الدين القسام محمد الضيف بيانًا أعلن فيه بدء عملية طوفان الأقصى، موضحًا أن الضربة الأولى استهدفت مواقع العدو ومطاراته ومواقعه العسكرية، وأن عدد الصواريخ المطروحة تجاوز الـ 5000 صاروخ. جاءت العملية، حسب بيان الضيف، ردًا على ما وصفه بـ«تدنيس الإسرائيليين للمسجد الأقصى وتجرؤهم على مسرى الرسول»، وهدفت إلى وضع حدٍّ للانتهاكات الإسرائيلية، معلنًا في الوقت نفسه انتهاء التنسيق الأمني مع الاحتلال وعودة الشعب الفلسطيني إلى ثورته ومشروع إقامة الدولة. وحثّ الضيف في بيانه على اتحاد كل القوى العربية والإسلامية لكنس الاحتلال، ودعا كل من يملك بندقية إلى إخراجها، داعيًا المواطنين إلى متابعة التوجيهات والتعليمات عبر البيانات العسكرية المتتابعة. بدأت العمليات بصواريخ كثيفة وتوغلات برية مفاجئة داخل المستوطنات والمواقع العسكرية المحيطة بقطاع غزة، وأسفرت عن مقتل نحو 1200 إسرائيلي وإصابة الآلاف، واختطاف ما بين 240 و250 شخصًا من جنود ومدنيين نقلوا إلى داخل غزة.
ومع استمرار الهجمة الإسرائيلية على قطاع غزة التي لم يتوقف العدوان لحدودها بل انتقل الى دول أخرى مثل لبنان وسوريا واليمن حيث ارتفعت الخسائر الإسرائيلية وفق بيانات رسمية إسرائيلية، قُتل منذ 7 أكتوبر 1,152 جنديًا، وأُصيب نحو 6,313 عسكريًا رسميًا (مع تقديرات ببلوغ مجموع المصابين العسكريين حتى 20 ألفًا بحسب تقارير تحليلية)، فيما بلغ عدد المدنيين الإسرائيليين القتلى 978، منهم 778 في يوم 7 أكتوبر وحده؛ وتلقى أكثر من 80 ألف مدني علاجًا جراء الإصابات، وطُلبت إثباتات إعاقات لحوالى 36,315 مدنيًا، موافَقَ على 33,983 منها (غالبيتها حالات نفسية). وزّعت الخسائر حسب الجبهات بتسجيل 1,721 قتيلاً في جبهة غزة (منهم 870 عسكريًا)، و132 قتيلاً من هجمات لبنان (منهم 86 عسكريًا)، و78 قتيلاً في الضفة، و33 خلال الحرب على إيران، كما تسببت الحرب في نزوح نحو 164,500 إسرائيلي داخليًا (عاد نحو 85% منهم لاحقًا)، وهجرة نحو 76,000 إسرائيلي خلال العام الأول، وتقديم 119,000 طلب تعويض عن أضرار ممتلكات. من جهة أخرى، أُطلق على إسرائيل منذ بداية الحرب حوالي 37,500 صاروخًا من عدة جهات: 17,300 وصعودًا من لبنان (مع 593 طائرة مسيرة)، 10,200 من غزة (51 طائرة مسيرة)، 950 وصعودًا من إيران (1,380 طائرة مسيرة)، إضافة إلى صواريخ من اليمن وسوريا؛ وكل ذلك ترافق مع ضغوط اقتصادية واجتماعية وأمنية وسياسية داخل إسرائيل أدت إلى تآكل الثقة الحكومية وتزايد النقد المحلي والدولي، في حين امتدت آثار الصراع ميدانيًا وإنسانيًا إلى مساحة أوسع على الصعيدين الإقليمي والعالمي.
بعد عامان من الإبادة الجماعية…تتكشف الكارثة الإنسانية:
النتائج الإنسانية والاقتصادية:
كشفت إحصائيات رسمية حجم الكارثة الإنسانية التي خلّفها العدوان الإسرائيلي على غزة بعد عامين من القصف والحصار، إذ تشير البيانات إلى أنّ القطاع يعيش واحدة من أعنف المآسي البشرية في العصر الحديث، وسط دمار شامل وانهيار في الخدمات الصحية والتعليمية وتفاقم معاناة المدنيين. فقد تحوّلت غزة إلى مدينة أشباح، بعد أن حوّلها الاحتلال إلى ركام، وترك أكثر من مليوني إنسان يكافحون من أجل البقاء على قيد الحياة.
وأظهرت إحصائيات مكتب الإعلام الحكومي في قطاع غزة أنّ آلة الحرب الإسرائيلية أودت بحياة 67,139 فلسطينياً تم توثيقهم في المستشفيات، فيما ما يزال 9,500 في عداد المفقودين تحت الأنقاض أو مجهولي المصير، ليصل العدد الإجمالي للضحايا والمفقودين إلى 76,639 شخصاً خلال 730 يوماً من القصف المتواصل. وتشير الأرقام إلى مأساة جيل كامل؛ إذ قتل أكثر من 20 ألف طفل، بينهم ألف رضيع لم يتجاوزوا عامهم الأول، و450 طفلاً وُلدوا وقُتلوا في الحرب نفسها، كما قتلت 12,500 امرأة، بينهن تسعة آلاف أم، إلى جانب 22,426 أباً. وبذلك يشكل الأطفال والنساء والمسنون ما نسبته 55% من إجمالي الضحايا.
ولم تسلم العائلات الفلسطينية من الإبادة، إذ أُبيدت بالكامل 2,700 أسرة تضم 8,574 قتيلاً، في حين لم يتبقَّ من 6,020 أسرة سوى ناجٍ وحيد. كما طالت آلة القتل الإسرائيلية الكفاءات والكوادر الحيوية، فبلغ عدد الشهداء من الطواقم الطبية 1,670، ومن الصحفيين 254، ومن عناصر الدفاع المدني 140، إضافة إلى 830 معلماً و193 أكاديمياً و894 رياضياً، و787 من أفراد الشرطة والعاملين في تأمين المساعدات، في مشهدٍ يعكس استهدافاً ممنهجاً لكل مظاهر الحياة والخدمة في القطاع.
ولم يقتصر العدوان على القصف، بل استخدم الاحتلال الحصار والتجويع سلاحاً آخر للإبادة، إذ فُرض حصار خانق على المعابر لمدة 220 يوماً، مُنع خلالها دخول أكثر من 120 ألف شاحنة مساعدات إنسانية ووقود. ووفق تقارير الأمم المتحدة، تسبب هذا الحصار في وفاة 460 شخصاً، بينهم 154 طفلاً، بينما يواجه 650 ألف طفل خطر الموت جوعاً، و40 ألف رضيع مهددون بالنفوق بسبب نفاد حليب الأطفال الذي يحتاج القطاع منه إلى 250 ألف علبة شهرياً. كما استهدف الاحتلال 47 مطبخاً للإغاثة الشعبية و61 مركزاً لتوزيع المساعدات، وقصف قوافل الإغاثة 128 مرة، ما أدى إلى مقتل 540 من العاملين في المجال الإنساني. وفي مواقع توزيع المساعدات التي تحولت إلى “مصائد موت”، سقط 2,605 قتيل و19,124 جريحاً وأكثر من 200 مفقود.
المنظومة الصحية في غزة انهارت بالكامل. فقد بلغ عدد الجرحى والمصابين 169,583 شخصاً، من بينهم 19 ألفاً بحاجة لتأهيل طويل الأمد، و4,800 حالة بتر، و1,200 حالة شلل، ومثلها حالات فقدان بصر. ودمّر العدوان 38 مستشفى و96 مركزاً صحياً، واستهدف 197 سيارة إسعاف، فيما سُجلت 788 هجمة على المرافق الصحية. كما يمنع الاحتلال سفر أكثر من 22 ألف مريض للعلاج بالخارج، بينهم 5,200 طفل بحاجة لإجلاء عاجل، و12,500 مريض سرطان، و350 ألف مريض مزمن مهددون بالموت نتيجة منع دخول الأدوية والمستلزمات الطبية.
وعلى الصعيد الإنساني والمعيشي، يعاني النازحون أوضاعاً مأساوية غير مسبوقة، بعد أن دُمر 90% من مساحة القطاع، وتضرر 301 ألف منزل كلياً أو جزئياً، منها 148 ألفاً بشكل كامل، ما أدى إلى تشريد 288 ألف أسرة ونزوح نحو مليوني إنسان قسرياً. كما استُهدف 293 مركزاً لإيواء النازحين، وتعرّضت الخيام للتلف بعد عامين من الاستخدام، حيث تهرأت 100 ألف خيمة من أصل 135 ألفاً، ما تسبب بوفاة 17 شخصاً من البرد، بينهم 14 طفلاً. أما في الجانب التعليمي، فتضررت 95% من مدارس غزة، وتحتاج 90% منها لإعادة بناء شاملة، بعد أن قُصفت 668 مدرسة، ودُمرت 165 منشأة تعليمية كلياً و392 جزئياً، ما حرم 785 ألف طالب من التعليم، وقتل 13,500 منهم.
أما الخسائر الاقتصادية فقد بلغت مستويات كارثية، إذ قُدرت بنحو 70 مليار دولار، توزعت على قطاعات الإسكان والخدمات والصحة والتجارة والتعليم والصناعة والزراعة والنقل والاتصالات والطاقة والإعلام. كما دمّر الاحتلال 725 بئراً مركزياً للمياه و134 مشروعاً مائياً و700 ألف متر من شبكات المياه والصرف الصحي و3 ملايين متر من الطرق و5,080 كيلومتراً من شبكات الكهرباء و208 مواقع أثرية، في مشهد يعكس رغبة واضحة في محو كل مظاهر الحياة في غزة.
بعد عامين من الحرب، لم يتبقَّ في غزة سوى الألم والأنقاض، وذكريات أجيال أُبيدت، وأحلام أُطفئت. فالقطاع يعيش اليوم أزمة وجود، لا أزمة إنسانية فحسب. ورغم كل النداءات والمطالبات الدولية، ما زال الحصار مفروضاً والمجازر مستمرة، في واحدة من أحلك صفحات التاريخ الحديث، حيث تحوّل الصمت الدولي إلى شريكٍ في الجريمة، وغدت غزة شاهداً على إبادةٍ مكتملة الأركان.
اهداف بلا غطاء
لم تكن النتائج السياسية افضل من النتائج الاقتصادية والإنسانية لهذه الحرب المجرمة الذي دفع بها الشعب الفلسطيني الغالي والنفيس، ولم تكن افضل من الحروب السابقة التي مرة على قطاع غزة منذ 2008-2021 . هذه الحرب كان لها اهداف من قبل حركة حماس وتتجلى في تبيض السجون الإسرائيلية من الاسرى الفلسطينيين ووقف الاعتداءات على المسجد الأقصى، وتحويل هذه المعركة الى حرب شامله على الكيان الإسرائيلي، وبالفعل حسب الخبراء والمحللين كانت بمثابة اعلان حرب على الكيان الإسرائيلي، هذا الكيان وحكومته كانوا قبل احداث السابع من أكتوبر في مازق داخلي بسبب الإصلاحات القضائية ومواجهة مع الشارع الإسرائيلي الرافض وكانت المظاهرات تعج شوارع الكيان الذي تعمق فيه الخلافات والانقسامات التي لم يشهد لها مثيل في تاريخه، الامر الذي أدى بعد هجوم حماس في السابع من أكتوبر الى وحدة الصف الإسرائيلي ومسك نتنياهوا بيده الساحة الإسرائيلية ووجهها الى غزة ليشن حرب إبادة استمرت عامان بعد ان كانت مطالب جمهور كيانه بمحاسبته على جرائم الفساد ..
في الواقع غاب عن حركة حماس الكثير في وضعها اهداف هجوم السابع من أكتوبر العديد من الحقائق التي تعيق تحقيق هذه الأهداف يمكن للباحث ان يجملها فيما يلي :
– شَرك الهالة الإعلامية التي من خلالها حماس ظنت انها قادرة على تحريك الجماهير الفلسطينية في الضفة والداخل المحتل 48، وان يكون هناك استجابة على شاكلت احدث حي الشيخ جراح عام 2021 ، ولم يأخذوا بالحسبان انه بعد هذه الاحداث فرض الكيان الإسرائيلي قيودا وإجراءات قمعية في الضفة والداخل المحتل 48 والتي بالمجمل تجلت في حملة قمع غير مسبوقة ضد الفلسطينيين داخل الخط الأخضر، تمثلت في اعتقالات واسعة طالت آلاف الشبان في المدن المختلطة والقرى العربية، ترافقت مع مداهمات ليلية واستخدام مفرط للقوة. ووجّهت لهم تهم تتعلق بـ«الإرهاب» و«التحريض»، فيما فرضت رقابة مشددة على الإعلام وأُغلقت صفحات ونُشطاء على وسائل التواصل. كما طالت العقوبات الاقتصادية والاجتماعية العديد من الموظفين الذين شاركوا في المظاهرات، وتعرضت الممتلكات العربية لهجمات من قبل المستوطنين وسط تقاعس متعمد من الشرطة. أضيف إلى ذلك سحب الهويات من بعض المواطنين وفرض قيود إدارية عليهم، في محاولة لإعادة ترهيب الفلسطينيين وإسكات صوتهم الوطني داخل الخط الأخضر.
اما الضفة الغربية التي لم تسلم من إجراءات قمعية هي الأخرى تمثلت في تشديد الحصار ووضع الحواجز وزيادة عددها والاغتيالات والاقتحامات للمدن الفلسطينية وهجوم المستوطنين واعتدائهم، بالإضافة الى ان الهجمة الوحشية والنارية لجيش الكيان الإسرائيلي على القطاع كانت انتقامية، حيث سيطر الانتقام على الموقف بعد ما تعرض له الكيان من هجوم غير مسبوق وخسائر بشرية وامنية تعتبر كبيره في تاريخ صراعه .
– وضع اهادف بدون توقع ردة الفعل الإسرائيلي، كان من المفروض على قيادة حماس ان تأخذ بالحسبان ردة الفعل والتي تكون ردة فعل يمينية من حكومة متطرفة تسعى الى تحقيق اهداف أيديولوجية توراتية، تتمثل في الاستيلاء على الضفة الغربية والقدس تحقيقيا لنبوءات دينية ، فأخذت الهجوم على أساس انها معركة وجود البستها ديباجة دينية.
– اهداف لا تصل مستوى الإمكانيات، بعد عامين من حرب الإبادة والدمار دفع الوجود الفلسطيني ثمنا باهظا باستشهاد اكثر من 100 الف فلسطيني و 200 الف جريح، وتدمير 80% من قطاع غزة. فإمكانيات حركة حماس العسكرية لا يمكن مقارنها بالقوة العسكرية الإسرائيلية المدعومة من الغرب وامريكا، فجندت إسرائيل إمكاناتها العسكرية بأسلحة غربية أمريكية لقتل الناس وتشريدهم متذرعه باستهداف قوة حماس العسكرية ، فالأهداف المعلنة كانت بحاجة لقوة عسكرية تتناسب مع هذه الهجمة الاجرامية من اجل تحقيقها كون ان حماس أعلنت حرب على الكيان كما جاء في خطابات قيادتها.
– اهداف بتحالفات عاجزة، من المعروف ان حماس عولت كثيرا على حلفائها في محور المقاومة، الذي رده لم يصل للمستوى المطلوب وبحجم هذه الأهداف لأنها تحتاج على عمق استراتيجي وامدادات كبيرة كي يمكن تحقيقها، ولكن هذه المعركة أوضحت حجم عجز هذا التحالف الذي مع استمرار المعركة أدى الى سقوطه محورا محور تمثل بتوجيه ضربة قاتله لحزب الله اللبناني ولنظام السوري وايران واليمن.
– اهداف بعيدة عن الواقع العربي والدولي، غاب عن حماس انه في تاريخ صراعنا المرير مع الاحتلال الموقف العربي والدولي، فالعربي بنظامه الثابت التي يتمحور حول ضبط النفس، والاستنكار والشجب وعدم نيته التدخل والمواجهة العسكرية، اما المجتمع الدولي الظالم فمن الطبيعي ان لا يتخلى عن دولته الاستعمارية الوظيفية والذي تمثل في الدعم الاقتصادي والعسكري والسياسي.
– اهداف يلجمها الانقسام الفلسطيني، اهداف وطنية في ظل انقسام كيف لها ان تتحقق؟ حماس في برنامجها المقاوم كانت نقيض لبرنامج منظمة التحرير والسلطة الفلسطينية الذي اوضحه الرئيس محمود عباس بان البرنامج النضالي في هذه المرحلة وبناء على الإمكانيات والقدرات ودراسة الوضع العربي والدولي وتجربتنا النضالية يتمحور حول المقاومة الشعبية ، والعمل الدبلوماسي
والمحافظة على حقوق شعبنا وعلى الوجود الفلسطيني باقل الخسائر البشرية والمادية، هذه الاستراتيجية قوبلت من حماس واتباعها بنوع من السخرية والانتقادات، وشعارات اكبر من إمكانيات الشعب الفلسطيني وتبلورت بتسخير ماكنة إعلامية كبيرة تهدف الى تخوين القيادة الفلسطينية واحراجها ونزع الشرعية عنها في قيادة الشعب الفلسطيني والمشروع الوطني مما اوهم حماس انها البديل علن السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير في قيادة المشرع الوطني، وفي المحصلة وبعد عامان من الإبادة أظهرت ان استراتيجية السلطة ومنظمة التحرير هي الاجدر كون معركة حماس لم تحقق أهدافها المعلنة وما لحقت من دمار وقتل وتهديد الوجود الفلسطيني.
وهناك والعديد من المأخذ والمعيقات: واهمها عدم مراعات الوضع الداخلي الإسرائيلي ودراسة اثر الهجوم على الساحة الداخلية التي تعيش في حالة صدام مع هذه الحكومة اليمينية المجرمة .
عدم الاكتراث بأهمية الوجود الفلسطيني على الأرض رغم إرهاب ومضايقات جيش الاحتلال الإسرائيلي وعنف المستوطنين وكثافة الاستيطان الان انه من المهم في صدام مع هذا الاحتلال ان نخرج باقل الخسائر وان الكيان الإسرائيلي لا ينتهي بالضربة القاضية .
النتائج السياسية
عند وضع اهداف لاي عملية سواء كانت عسكرية او سياسية يجب توقع والتعمق بما تؤول اليه من نتائج حتى يتم رسم خطه في اطار المصلحة العليا المتعلقة بالوطن والمشروع الوطني الذي يقوم أساسا على الوجود الفلسطيني والحقوق الوطنية المتمثلة في إقامة الدولة الفلسطينية على حدود الرابع من حزيران، وعودة اللاجئين والحدود، والقدس الشريف .
القيادة الفلسطينية باستراتيجيتها في ادرأه الصراع مع الاحتلال قامت بوضع أسس لتحقيق الأهداف المتمثلة في إقامة الدولة الفلسطينية وحل عادل للاجئين، والقدس عاصمة الدولة الفلسطينية ، هذه الأسس تمحورت في بناء مؤسسات الدولة مثل التعليم الصحة الامن ، والخارجية وغيرها ، ودعم المواطنين الفلسطينيين وترسيخ وجودهم على الأرض، والاهم المحافظة على الكيانية الفلسطينية التي تمثل الشعب الفلسطيني والتي تمارس الأدوات التي تناسب المرحلة والمتمثلة في المقاومة الشعبية والعمل الدبلوماسي للحفاظ على الهدف الوطني وهو تشيد الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف.
حماس في أهدافها الغير مدروسة أوصلت الشعب الفلسطيني والحالة الفلسطينية المتردية أصلا الى مأزق سياسي كبير، فبعد عامان من القتل والمجازر والتجويع ماذا حققت حماس من هذه الأهداف؟ لم تحقق إنجازا سياسيا يفضي الى حل عادل للقضية الفلسطينية واللاجئين والقدس، وتحرير الاسرى وتبيض السجون اين هذا كله؟
بل ارتهنت لخطة ترمب نتنياهو، التي لم تحقق لنا شي الا وقف حرب الإبادة والانسحاب التدريجي، وحصول نتنياهو على الاسرى الإسرائيليين، مقابل خسائر كبيرة في الأرواح والشجر والحجر، مع اننا كنا نطمح للحصول على حقوقنا الوطنية، وكان يمكن لحماس ان تنهي هذه المقتلة بدلا من الوصول الى هذه النتائج الكارثية على المستوى الاقتصادي والإنساني والسياسي.
بعد مرور عامين ، أصبحت الضفة الغربية والقدس تواجهان واقعًا قمعيًا غير مسبوق، إذ استغلت إسرائيل الحرب على غزة لتصعيد سياساتها الاستيطانية والعقابية، فقد تسارعت عمليات الضم الزاحف وتوسعت المستوطنات بشكل منهجي، بينما حُوّلت مناطق واسعة إلى مناطق عسكرية مغلقة تحت ذريعة “الأمن”. كما فرض الاحتلال حصارًا ماليًا خانقًا على السلطة الفلسطينية عبر حجز أموال المقاصة، ما شلّ قدرتها على تسيير شؤونها الداخلية ودفع رواتب موظفيها. بالتوازي، تصاعد عنف المستوطنين ضد القرى والمزارع الفلسطينية بحماية الجيش، وأُقيمت مزيد من الحواجز والبوابات العسكرية التي مزّقت الجغرافيا الفلسطينية وعزلت المدن عن بعضها البعض.
وفي القدس المحتلة، تكثفت الاعتداءات على السكان وعلى المسجد الأقصى، حيث تصاعدت الاقتحامات اليومية ومحاولات فرض التقسيم الزماني والمكاني. كما ارتفع عدد الشهداء في الضفة والقدس بشكل كبير نتيجة الاقتحامات والاغتيالات وهدم المنازل، في مشهد يعكس سياسة العقاب الجماعي المستمرة. ترافق ذلك مع تزايد الخوف الشعبي نتيجة الهجمة الإسرائيلية الشاملة على غزة، ما أدى إلى تراجع المقاومة الشعبية وانكفاء الحراك الجماهيري بفعل القمع الأمني والضغوط الاقتصادية، لتصبح الضفة الغربية في وضع أقرب إلى الحصار الداخلي السياسي والعسكري والاقتصادي.
خطة ترمب … و الحل السياسي المجهول
خطة ترمب افضل ما جاء فيها وقف حرب الابادة الجماعية كمطلب فلسطيني وعربي ودولي، وإزالة هاجس التهجير الذي رافق الخطاب الإعلامي العربي والإسرائيلي طيلت العامين، اما سياسيا فكان عليها الكثير من الملاحظات والتي تمثلت في تغيب الحق الفلسطيني.
خطة ترامب جاءت في ظاهرها كمبادرة لوقف إطلاق النار وإنهاء المعاناة الإنسانية، لكنها في جوهرها مثّلت مقاربة سياسية مفرغة من مضمونها الوطني، إذ تجاهلت جذور الصراع وحقوق الشعب الفلسطيني المشروعة. فقد ركّزت الخطة على “إدارة الأزمة” بدل حلّها، من خلال طرح ترتيبات أمنية مؤقتة، وإشراف دولي أو عربي على القطاع، مع أسماء مطروحة مثل توني بلير لتولي دور إداري أو رقابي على غزة. هذا الطرح أعاد إلى الأذهان مشاريع الوصاية السابقة التي هدفت إلى عزل القطاع سياسيًا عن الضفة الغربية، وتحويل القضية الفلسطينية من قضية تحرّر وطني إلى قضية إنسانية محصورة في إعادة الإعمار والمساعدات، دون أي التزام بإقامة دولة فلسطينية مستقلة.
من الناحية السياسية، جاءت الخطة منسجمة مع الرؤية الأمريكية – الإسرائيلية المشتركة الهادفة إلى ترسيخ الفصل الجغرافي والسياسي بين غزة والضفة، وإضعاف المشروع الوطني الفلسطيني. فهي لم تتحدث عن القدس عاصمة للدولة الفلسطينية، ولم تتطرق إلى قضية اللاجئين أو حدود 1967، بل اكتفت بتأكيد “حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها”، في الوقت الذي تتواصل فيه عمليات الضمّ في الضفة، وبناء المستوطنات، وتشديد الحصار المالي والسياسي على السلطة الفلسطينية. وبذلك، تحولت الخطة إلى غطاء دبلوماسي لإعادة هندسة القضية الفلسطينية بما يخدم مصالح الاحتلال ويقضي على فكرة الدولة الفلسطينية الموحدة.
المحللون العرب والغربيون رأوا أن هذه الخطة لا تختلف كثيرًا عن “صفقة القرن” التي أطلقها ترامب عام 2020، من حيث مضمونها الذي يسعى إلى تثبيت واقع الاحتلال تحت شعارات جديدة. فقد كتب المحلل الأمريكي “دانيال ليفي” في موقع Middle East Eye أن الخطة تمثل “نموذجًا لسلام استسلامي جديد” يمنح إسرائيل السيطرة الكاملة ويمنع الفلسطينيين من ممارسة سيادتهم. بينما أشار الباحث الفلسطيني “خليل شاهين” في حديث مع قناة الجزيرة إلى أن “الخطة محاولة أمريكية لإدارة ما بعد الحرب بطريقة تُعيد إنتاج الاحتلال وتُشرعن الحصار عبر واجهة دولية”. كذلك رأى الخبير الأردني “مروان المعشر” أن “أي خطة لا تتضمن إنهاء الاحتلال بشكل واضح لن تُنتج سلامًا، بل ستكرس دورة العنف وعدم الاستقرار في المنطقة.
ويتضح من هن هنا ان النتائج السياسية لم تقل كارثية عن النتائج الإنسانية والاقتصادية لانها بعيدة عن تحقيق ما يرجوه الفلسطينيين في حلم الدولة والحل السياسي القائم على حل الدولتين.
ثمار سياسي مغمس بالدم ومعبد بجثث أطفال غزة
إنجازات لا تساوي حجم الدمار والتضحيات لان الإنجاز الأكبر هو التحرير وإقامة الدولة الا ان هذه المقتلة وبصمود ودماء الشعب الفلسطيني حققت إنجازات يمكن التعول عليها اذا احسن بنا استثمارها بشكل جيد مع المستقبل.
شهدت القضية الفلسطينية بعض الإيجابيات المهمة على الصعيد الدولي، أبرزها تزايد عدد الدول التي اعترفت بفلسطين كدولة ذات سيادة. ففي الفترة التي تلت أكتوبر 2023، أعلنت العديد من الدول الغربية وغيرها رسميًا اعترافها بالدولة الفلسطينية، مثل إيرلندا، إسبانيا، سلوفينيا، ومالطا، إضافةً إلى دول أميركا اللاتينية والكاريبي مثل جمايكا، ترينيداد وتوباغو، باربادوس، والبهاماس. كما انضمت مؤخرًا دول مثل المملكة المتحدة، كندا، أستراليا، البرتغال، فرنسا، لوكسمبورغ، سان مارينو، موناكو، أندورا، وبلجيكا إلى هذا التيار. هذا التوسع في الاعترافات يُعزّز الشرعية الدبلوماسية لفلسطين على الساحة الدولية، ويُسهم في تغيير ميزان القوى الرمزي والسياسي، ويزيد الضغوط على إسرائيل والمنظومة الدولية المعنية.
إلى جانب ذلك، تراجعت الرواية الإسرائيلية في الغرب وتصاعد التضامن الدولي مع الشعب الفلسطيني. مع استمرار الحرب والدمار في غزة وتوثيق الانتهاكات، زادت الانتقادات الرسمية وغير الرسمية لإسرائيل حتى من دول كانت تميل سابقًا لتأييدها. وسائل الإعلام الغربية ركّزت بشكل أوسع على الانتهاكات الإنسانية، وحوّل الرأي العام الضغط نحو تبني مواقف أوروبية ودولية أكثر وضوحًا تجاه فلسطين. وفي الوقت نفسه، شهد العالم مظاهر تضامن جماهيري واسعة: احتجاجات في عواصم أوروبية، بيانات منظمات حقوق الإنسان، دعوات لمقاطعة إسرائيل ثقافيًا واقتصاديًا، وإدانة أعمالها العسكرية في الأمم المتحدة ومنظمات دولية، ما ساهم في تكريس عزلة سياسية لإسرائيل .
هذه الاعترافات والتضامن الدولي الذي لم يعيد الحقوق الوطنية الفلسطينية، وكان نتيجة صمود وتضحيات الشعب الفلسطيني في ظل إبادة جماعية على مشهد ومرأى العالم الا انه أسهم في تغيير موازين القوة الرمزية والدبلوماسية لصالح فلسطين، إذ أصبحت تمتلك خطابًا أقوى أمام المحافل الدولية وقاعدة قانونية ودبلوماسية أفضل للمطالبة بالعضوية الكاملة في الأمم المتحدة ومنظمات دولية. كما دفعت بعض الدول لدعم قرارات تطالب بوقف المساعدات التي تُستخدم في المستوطنات، أو فرض قيود على التعامل معها، ومراجعة علاقاتها مع إسرائيل. وبذلك، باتت عزلة إسرائيل مرئية ومؤثرة سياسيًا ودبلوماسياً، حتى إن لم تكن تامة.
نتائج الدراسة
تحوّل الصراع في هذه المعركة من كونه صراعًا وطنيًا شاملًا بين الشعب الفلسطيني والاحتلال الإسرائيلي إلى صراعٍ ضيّق تُقدّمه إسرائيل والعواصم الغربية على أنه مواجهة مع فصيل بعينه، هو حركة حماس، لا مع القضية الفلسطينية ككل. هذا التحول يحمل خطورة كبيرة على المستوى السياسي والرمزي، إذ يسعى إلى نزع البعد الوطني والحقوقي عن النضال الفلسطيني، وتحويله إلى ملف أمني أو “إرهابي” في الخطاب الدولي، بما يُضعف شرعية القضية الفلسطينية أمام العالم. كما أن حصر الصراع في فصيل واحد يتيح لإسرائيل التملص من مسؤولياتها كقوة احتلال، ويُبرّر استمرار عدوانها على المدنيين تحت ذريعة “محاربة الإرهاب”، ما يؤدي إلى تآكل التضامن الدولي مع الشعب الفلسطيني تدريجيًا، ويُعمّق الانقسام الداخلي الفلسطيني. إن خطورة هذا التحول تكمن في أنه يُهدد جوهر القضية ويشوّه سرديتها التاريخية، ويجعل النضال من أجل التحرير والعودة والدولة يُختزل في مواجهة عسكرية محدودة، بدل أن يبقى مشروعًا وطنيًا جامعًا يمثل كل الفلسطينيين في الداخل والشتات.
اثبتت هذه الحرب الغير متكافئة نجاح استراتيجية القيادة الفلسطينية في ادرأه الصراع مع الاحتلال الإسرائيلي المتمثلة بالمقاومة الشعبية والعمل الدبلوماسي المتناسبة مع الإمكانيات والقدرات الشعب الفلسطيني، والتي تحافظ على الوجود الفلسطيني من التهجير الذي اسقطه الشعب الفلسطيني بتضحياته وصموده .
خلفت الحرب على غزة كارثة إنسانية شاملة، حيث استشهد أكثر من 67,000 فلسطيني وأصيب نحو 200,000 آخرين، مع فقدان آلاف المفقودين. الأطفال والنساء شكلوا أكثر من نصف الضحايا، بينما دُمرت عشرات الآلاف من المنازل والمؤسسات التعليمية والصحية، ما أدى إلى تشريد نحو مليوني شخص ونقص حاد في الغذاء والماء والرعاية الصحية. المنظومة الصحية انهارت بالكامل، والمستشفيات والمراكز الطبية تعرضت للقصف المباشر، فيما استمر الحصار على المعابر لمدة طويلة، ما زاد من معاناة المدنيين وخلق أزمة وجودية للقطاع.
تكبدت غزة خسائر تجاوزت 70 مليار دولار في قطاعات الإسكان والخدمات والصحة والتعليم والزراعة والطاقة والمواصلات. أدى تدمير البنية التحتية وشبكات المياه والكهرباء إلى شلل شبه كامل في الحياة اليومية، مع توقف معظم الأنشطة الاقتصادية، وارتفاع البطالة والفقر إلى مستويات غير مسبوقة، واعتماد شبه كامل على المساعدات الإنسانية.
فشلت أهداف حماس السياسية المعلنة، مثل تحرير كل الأسرى وتبيض السجون وتحقيق إنجازات استراتيجية ضد الاحتلال، بينما استفادت إسرائيل من الحرب لتكريس سياسات الاستيطان في الضفة الغربية والقدس، وفرض حصار مالي وسياسي على السلطة الفلسطينية، وتشديد القمع على الضفة والداخل المحتل. انعكس الصراع على تراجع المقاومة الشعبية والحراك الجماهيري في الضفة الغربية بفعل القمع الأمني والضغط الاقتصادي.
أظهرت المواجهة تفوق القوة العسكرية الإسرائيلية المدعومة من الغرب، بينما واجهت الفصائل الفلسطينية قيوداً كبيرة بسبب ضعف الإمكانيات والتحالفات المحدودة. كما أدت الهجمات الإسرائيلية المكثفة إلى تدمير جزء كبير من البنية العسكرية لحركة حماس وفصائل المقاومة في غزة، مع استمرار تآكل القدرة على التعافي العسكري والاستراتيجي.
يتضح أن المسار السياسي لم يفرز أي حلٍّ حقيقي يُلبي طموحات الشعب الفلسطيني في الحرية وتقرير المصير. فرغم التضحيات الهائلة التي قُدِّمت، ما زالت آمال إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية بعيدة المنال، إذ لم تُثمر أي مبادرة دولية أو إقليمية عن تقدم ملموس في هذا الاتجاه. كما بقي ملف اللاجئين خارج دائرة الاهتمام الفعلي، ولم تُطرح أي حلول عادلة تضمن حقهم في العودة أو التعويض، في ظل استمرار إسرائيل في تجاهل قرارات الشرعية الدولية وتوسيع الاستيطان والتهويد في القدس والضفة الغربية. وهكذا، فإن غياب أفق سياسي حقيقي بعد الحرب جعل الواقع الفلسطيني أكثر تعقيدًا، ورسّخ قناعة لدى الفلسطينيين بأن الطريق نحو الدولة والحرية ما يزال مسدودًا في ظل اختلال موازين القوى واستمرار الانحياز الدولي لإسرائيل.
التوصيات
- على المستوى الوطني الفلسطيني:
- التركيز على الوحدة الفلسطينية بين الضفة الغربية وقطاع غزة لتعزيز قدرة الشعب على مواجهة الاحتلال سياسياً ودبلوماسياً.
- تعزيز المقاومة الشعبية المدنية والدبلوماسية الرقمية كأدوات لتحقيق أهداف وطنية دون خسائر بشرية فادحة.
- إعادة تقييم الاستراتيجيات العسكرية للفصائل في ضوء الفجوة الكبيرة بين القدرات العسكرية الفلسطينية والإسرائيلية.
- على المستوى الإنساني والاقتصادي:
- ضرورة فتح المعابر وتأمين وصول المساعدات الإنسانية والأدوية والمواد الأساسية لتخفيف المعاناة.
- إطلاق برامج عاجلة لإعادة بناء البنية التحتية في غزة، بما في ذلك المدارس والمستشفيات وشبكات المياه والكهرباء.
- دعم الاقتصاد المحلي وتشجيع المشاريع الصغيرة لتقليل الاعتماد الكلي على المساعدات الدولية.
- على المستوى السياسي والدبلوماسي:
- تكثيف الجهود الدولية والعربية للضغط على إسرائيل لوقف سياسات الاستيطان والعقوبات المالية والاعتقالات التعسفية.
- تعزيز الرواية الفلسطينية على المستوى العالمي عبر الإعلام الرقمي والدبلوماسية الشعبية الرقمية.
- العمل على مبادرات سياسية متكاملة تعيد الحقوق الوطنية الأساسية، بما يشمل القدس وحق العودة وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة.
المراجع والمصادر :
https://www.aljazeera.net/encyclopedia/2016/12/27
https://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%B1%D8%A8_%D8%B9%D9%84%D9%89_%D8%BA%D8%B2%D8%A9_2012
https://www.aljazeera.net/encyclopedia/2015/7/7/%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%AF%D9%88%D8%A7%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%B3%D8%B1%D8%A7%D8%A6%D9%8A%D9%84%D9%8A-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D8%BA%D8%B2%D8%A9-2014
https://www.aljazeera.net/politics/2025/10/7/%D9%88%D8%B5%D9%81%D8%AA-%D8%A8%D8%BA%D9%8A%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B3%D8%A8%D9%88%D9%82%D8%A9-%D8%AE%D8%B3%D8%A7%D8%A6%D8%B1-%D8%A5%D8%B3%D8%B1%D8%A7%D8%A6%D9%8A%D9%84
https://www.independentarabia.com/node/633155/%D8%B3%D9%8A%D8%A7%D8%B3%D8%A9/%D8%AA%D9%82%D8%A7%D8%B1%D9%8A%D8%B1/%D9%86%D8%AA%D8%A7%D8%A6%D8%AC-%D9%87%D8%AC%D9%88%D9%85-7-%D8%A3%D9%83%D8%AA%D9%88%D8%A8%D8%B1-%D8%AC%D8%A7%D8%A1%D8%AA-%D8%B9%D9%83%D8%B3-%D9%85%D8%A7-%D8%AE%D8%B7%D8%B7%D8%AA-%D9%84%D9%87-%D8%AD%D9%85%D8%A7%D8%B3
https://www.hrw.org/news/2024/04/17/west-bank-israel-responsible-rising-settler-violence
https://acleddata.com/report/civilians-or-soldiers-settler-violence-west-bank
https://www.reuters.com/world/europe/us-proposal-temporary-gaza-governance-includes-tony-blair-trump-2025-09-29/?utm_source=chatgpt.com
https://www.democracynow.org/2025/10/6/ceasefire_talks?utm_source=chatgpt.com
https://www.aljazeera.net/news/2025/9/23/%D9%85%D9%86-%D9%8A%D8%B9%D8%AA%D8%B1%D9%81-%D8%A8%D8%AF%D9%88%D9%84%D8%A9-%D9%81%D9%84%D8%B3%D8%B7%D9%8A%D9%86-%D9%88%D9%85%D8%A7-%D9%85%D8%B9%D9%86%D9%89-%D8%B0%D9%84%D9%83
https://palgraph.ps/post/13034