ترجمات عبرية

صحيفة هآرتس – بقلم شاؤول ارئيلي – من سيوقف عنف المستوطنين ؟

هآرتس – بقلم  شاؤول ارئيلي – 30/7/2021

” يجب على الحكومة الاسرائيلية استيعاب دروس التاريخ القصير لدولة اسرائيل من اجل أن لا تضطر الى الاعتذار، مثلما فعلت غولدا مئير في العام 1951، عن الجرائم ضد العرب. وأن لا تأتي اللحظة التي حذر منها بن غوريون والتي فيها لن تستطيع اسرائيل أن تظهر وجهها امام العالم “.

التاريخ لا يكرر نفسه. لا يمكن تعلم الدروس منه. مع ذلك، قليلة هي الحالات التي يطلب فيها تطبيق الدروس من حدث تاريخي في فترة حياة انسان. الآن تطرق على باب حكومة اسرائيل الحاجة الى معالجة عنف عدد من المستوطنين ضد الفلسطينيين وضد قوات الامن. لأنه، شبيها بعنف اليهود ضد العرب في ايام الدولة الاولى، ايضا الآن عنف المستوطنين يحدث في اجواء اوجدتها افعال أو اخفاقات متخذي القرارات وواضعي السياسات. 

تقارير وسائل الاعلام وتقارير منظمات مختلفة تدل على أن حكومة اسرائيل امتنعت في السنوات الاخيرة عن مواجهة عنف المستوطنين، لا سيما عنفهم ضد الفلسطينيين وايضا ضد قوات الجيش الاسرائيلي في الضفة الغربية. اعمال العنف هذه تشمل الهجوم الجسدي ومهاجمة السيارات في الشوارع ومهاجمة بيوت السكان والتسبب باضرار للممتلكات الشخصية واضرار بالاشجار والمزروعات والادوات الزراعية الاخرى، والتهديد، ايضا التهديد بالسلاح. جمعية “بتسيلم” وحدها وثقت في النصف الاول من العام 2021، 162 حادثة عنف. هذا يعتبر زيادة كبيرة ومستمرة مقابل العام 2020 الذي وثقت فيه بتسيلم 122 حادثة عنف. ينيف كوفوفيتش كتب (“هآرتس”، 10/1): “من معطيات جهاز الامن تبين أنه في 2020 تم الابلاغ عن 370 حادثة عنف للاسرائيليين في الضفة، اكثر من 10 في المئة منها، 42 حادثة، تم توجيهها لرجال الشرطة والجنود. وحسب المعطيات فان 206 من الـ 370 حادثة عنف هذه تم الابلاغ عنها كجريمة قومية؛ 120 حادثة تم الابلاغ عنها كعنف جسدي ضد فلسطينيين، والباقي صنف كمهاجمة لرجال قوات الامن. الآن اعلن الجيش الاسرائيلي بأن مستوطن قام بمهاجمة قائد دورية غولاني في مظاهرة احتجاج على موت اهوفيا سنديك.

جمعية “نحطم الصمت” نشرت مؤخرا عريضة وقع عليها 100 جندي مقاتل في الاحتياط تطلب من وزير الدفاع ووزير الامن الداخلي “العمل الآن وبشكل حازم ضد ظاهرة عنف المستوطنين”. ايضا نشرت الجمعية كراسة بعنوان “مجندون”، فيها 36 شهادة لجنود على عنف مستوطنين في الاعوام 2012 – 2020، وضمن ذلك عنف ضد جنود الجيش الاسرائيلي، ايضا وصف لشاويش في كتيبة دورية المظليين وشاويش في الادارة المدنية عن احداث في يتسهار في 2014 و2016.

حكومة اسرائيل برئاسة بنيامين نتنياهو صمتت في الغالب ولم تعمل على استئصال الظاهرة. كوفوفيتش كتب أنه ايضا بعد أن حذر جهاز الامن امام المستوى السياسي من أن الصمت والادانة المترددة لرؤساء اليمين بشأن العنف يمكن أن تؤدي الى تصعيد بارز، لم يحدث أي تغيير في السياسات. حسب اقوال مصدر امني، جهاز الامن شخص في السنوات الاخيرة عشرات محاولات المس المتعمدة بقواته بعد عقد كان فيه العدد منخفض بدرجة اقل بكثير. في السنتين الاخيرتين هناك “اجواء” تناسب التصعيد. كوفوفيتش اقتبس مصدر رفيع في جهاز الامن، الذي حسب قوله فان من يسمون شبيبة التلال يتغذون على “الخطاب المتطرف الذي يعطي الشرعية للارهاب والمس العنيف بقوات الامن”.

ايضا سياسة قيادة الاستيطان العبري ودولة اسرائيل في حرب الاستقلال، التي استهدفت تقليص عدد العرب في الدولة، انتجت “الاجواء العامة”، وهذا استمر ايضا بعد انتهاء المعارك والتوقيع على اتفاقات الهدنة. في الهدنة الاولى قال في احدى جلسات الحكومة وزير الخارجية في حينه، موشيه شرتوك (17 حزيران 1948): “الفرصة التي سنحت لنا في الوضع الحالي كي نحل بمرة واحدة وبشكل اساسي المشكلة الاكثر ازعاجا للدولة اليهودية (الاغلبية العربية)، تذهب بعيدا اكثر مما توقعنا. وحتى لو لم يتم منع حدوث اضطرابات معينة، يجب علينا استغلال الفرصة التي اعطانا اياها التاريخ بهذه السرعة وبشكل غير متوقع”.

المجال هنا ضيق لوصف جميع اعمال الطرد التي حدثت، في نفس الوقت عند هرب الفلسطينيين، في زمن تطبيق هذه السياسة غير الرسمية. من بينها اعمال فظائع كثيرة تم اخفاءها وطمسها. الافعال التي تم الكشف عنها لم تنته بعقاب رادع. على سبيل المثال، في 1 تشرين الثاني 1948، بعد احتلال قرية الحولة التي تقع على الحدود مع لبنان، جمع جنود لواء كرميلي عشرات الشباب وقاموا بحشرهم في احد البيوت. بعد ذلك اطلقوا النار عليهم وفجروا البيت. بين 34 – 58 رجل قتل في هذه العملية. قائد الفصيل المسؤول تم تقديمه للمحاكمة وحكم عليه سبع سنوات سجن. ولكن عمليا لم يقض عقوبته. 

في العقد الاخير سياسة صم الاذان لحكومة اسرائيل تذكر بعجز حكومات اسرائيل بعد قيام الدولة. حسب معطيات جمعية “يوجد حكم” فان 91 في المئة من ملفات التحقيق بسبب اعمال اجرامية قومية متطرفة ضد فلسطينيين في الاعوام 2014 – 2019 تم اغلاقها بدون تقديم لوائح اتهام. 82 في المئة من ملفات التحقيق بسبب جرائم قومية متطرفة ضد فلسطينيين في الاعوام 2005 – 2009 اغلقت بسبب اخفاقات الشرطة. من بين الـ 1252 ملف تحقيق انتهى علاجها بين الاعوام 2005 – 2009، فقط 100 ملف منها انتهى بتقديم لائحة اتهام. 736 ملف تم اغلاقها بذريعة “مجرم مجهول” (64 في المئة من الملفات التي اغلقت). أي أن الشرطة قررت أنه تم في هذه الملفات مخالفة جنائية، لكنها فشلت في العثور على مشبوهين بتنفيذ هذه المخالفة. من بين 63 مخالفة جنائية لمدنيين اسرائيليين في بلدات فلسطينية في الاعوام 2017 – 2020 قدمت للشرطة شكاوى في 60 من هذه الحالات. منها كان هناك تحقيق للشرطة في 38 ملف. وهذه الملفات لم ينتج عنها حتى لائحة اتهام واحدة. الاجواء التي نشأت ضربت الدولة مثل السهم المرتد بعد حرب الاستقلال، وهي الدولة التي كانت تريد الوقوف على اقدامها. المواجهة بين اليهود والعرب لم تنته مع انتهاء الحرب. اسرائيل عانت في هذه السنوات من ظاهرة “المتسللين”. في البداية كان هؤلاء لاجئون ارادوا العودة الى قراهم وبيوتهم التي تركوها اثناء الحرب، أو لفلاحة اراضيهم التي كانت لهم. وبعد ذلك نفذ المتسللون اعمال سطو وقتل (غيدي فايتس، “هآرتس”، 2/4/2016). على هذه الخلفية زادت اعمال القتل لعرب على أيدي يهود. دافيد بن غوريون وصف في جلسة للحكومة في العام 1951 تأثير “الاجواء” والرؤية العامة وموقف الحكومة: “بشكل عام، من يوجد لديه سلاح يستخدمه، لا سيما عندما يوجد لدينا الآن مهاجرون وايضا من ابناء البلاد الذين يعتقدون أن اليهود هم بشر ولكن العرب لا يعتبرون بشر. وكل شيء مسموح ضدهم. وهناك من يعتقدون أن قتل العرب هو امر الهي، وأن كل ما تقوله السلطات ضد قتل العرب هو غير جدي، وأنه مجرد تظاهر فقط بأنه محظور قتل العرب. ولكن عمليا هناك ترحيب بذلك لأنه سيكون لدينا عدد أقل من العرب في البلاد.

“العنف الشديد ضد العرب” – كما يواصل بن غوريون، “الوضع هو مخيف في مجالين. الاول، اعمال القتل. الثاني، اعمال الاغتصاب” – اثر بشكل كبير على نقاشات الحكومة حول الغاء عقوبة الاعدام. بن غوريون اعتقد أنه “طالما لم يتم شنق جندي يهودي بسبب قتل عربي فان اعمال القتل لن تتوقف”. ومثلما كانت الحال في حينه هي هكذا الآن ايضا. يجب على حكومة اسرائيل أن تعمل بشكل حازم على اجتثاث العنف ضد الفلسطينيين بجميع الوسائل المتاحة لها. ومن اجل ذلك، لا توجد حاجة الى اعادة عقوبة الاعدام. وزير الدفاع بني غانتس سارع ورد على الجنود الذين وقعوا على عريضة “نحطم الصمت”: “أنا أعتقد وعلى ثقة من أن رسالتكم تنبع من رؤية وطنية لحب الشعب والوطن”. وقد تعهد غانتس بأن “التعليمات الواضحة للجيش الاسرائيلي هي العمل بصورة فعالة لحماية الامن والنظام في يهودا والسامرة”. وصمم رغم كل الدلائل على أن “خرق النظام من الطرف اليهودي، الذي حتى لو كان استثنائي جدا، موجود ويتم علاجه”.

حكومة اسرائيل لا يمكنها توقع الغفران اذا لم تفهم الدروس الواضحة من التاريخ القصير لدولة اسرائيل. غولدا مئير استفادت بالفعل من الاعتذار في العام 1951، عندما كانت وزيرة العمل، عندما اعترفت “لم نفعل ما كان يجب علينا أن نفعله، لا سيما في هذه المرحلة من الجرائم ضد العرب. يجب على الحكومة العمل بحزم من اجل أن لا نصل بسبب اقلية صغيرة جدا ومتطرفة الى لحظة تشبه اللحظة التي وصفها بن غوريون في نفس جلسة الحكومة تلك من العام 1951: “لقد حدثت امور خطيرة في البلاد، بعد وقت قصير ستأتي اللحظة التي لن نستطيع فيها أن نظهر وجوهنا للعالم”.

مركز الناطور للدراسات والابحاث  Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى