أقلام وأراء

صادق ناشر يكتب – وجهان معتمان في «إسرائيل»

صادق ناشر – 26/3/2020

الانتخابات التشريعية التي شهدتها دولة الاحتلال «الإسرائيلي» مؤخراً، لم تأت بجديد، فقد أفرزت النتائج نفسها التي تمخضت عن الانتخابات التي سبقتها، وأبقت على الكتل كما كانت، فحزب الليكود بزعامة رئيس الوزراء المنتهية ولايته بنيامين نتنياهو ظل متصدراً النتائج ب 58 مقعداً، تلته كتلة «أبيض وأزرق» التي تسمى زوراً «وسط يسار»، ويترأسها الجنرال بيني جانتس بواقع 55 مقعداً.

تكرار فشل نتنياهو في تشكيل حكومة تحظى بموافقة «الكنيست»، دفع برئيس دولة الاحتلال رؤوفين ريفلين إلى تكليف جانتس أملاً في الخروج من أزمة تشكيل الحكومة التي شلت الحياة السياسية بشكل كامل، وهذا يعني إقراراً أن نتنياهو لم يعد قادراً على الإمساك بمفاتيح اللعبة، على الرغم من أنه لا توجد فوارق جوهرية في التوجهات العامة بينه وبين جانتس، فكلاهما يخدم حلم توسع «إسرائيل» على أراض غير تلك التي تقع حالياً تحت الاحتلال، فالاثنان ضد قيام دولة فلسطينية، وضد الانسحاب إلى حدود 1967، التي وافق عليها العرب والفلسطينيون، ومع استمرار القدس عاصمة موحدة ل «إسرائيل»، كما أنهما ضد خيار عودة اللاجئين إلى ديارهم وممتلكاتهم، ومع شرعية الاستيطان وضم الكتل الاستيطانية الكبيرة، ويرفضان القرارات الأممية الخاصة بالقضية الفلسطينية، ولهذا فهما يختلفان في شكل العلاج والحل للقضية الفلسطينية، غير أنهما يتفقان في المضمون.

مع ذلك تبقى إمكانية تشكيل حكومة جديدة من قبل جانتس صعبة في ظل الانقسامات العميقة داخل الأحزاب التي تدعمه، من بينها القائمة العربية المشتركة وزعيم حزب «إسرائيل بيتنا» أفيجدور ليبرمان، الذي أعلن عن رفض تشكيل حكومة ائتلافية بدعم العرب الذين وصفهم في السابق بأنهم «طابور خامس».

ويقود ذلك إلى تساؤل حول جدوى تحركات جانتس لتشكيل حكومة، في وقت يعترف فيه بأن الأوضاع ليست مشجعة للمضي في مساعيه هذه، رغم أنه مدعوم ب 61 عضواً في «الكنيست». وترى مصادر إعلامية «إسرائيلية» أن أمامه خيارين للخروج من الأزمة، الأول يكمن في تشكيل حكومة وحدة، والثاني الدعوة إلى انتخابات رابعة ل«الكنيست»، فيما ترى مصادر أخرى أن جانتس لن يتمكن من تشكيل حكومة تلبي طموحات شركائه، وأن «الحكومة الضيقة التي كانت محتملة نظرياً، لم تعد قائمة بسبب معارضة بعض حلفائه، الذين قاموا بدعمه في الانتخابات الأخيرة».

وفي خضم الصراع على تشكيل حكومة جديدة داخل «إسرائيل»، فإن من الواضح أن الانقسام في الصف الفلسطيني يشجع دولة الاحتلال على المضي في تكريس مشروعها التوسعي إلى النهاية، إذ إن الصراع بين حركتي «فتح» و«حماس» شجع ويشجع «إسرائيل» على قضم المزيد من الأراضي وعدم التورع عن اتخاذ سياسات أكثر تطرفاً، مثل ضم الضفة الغربية، وهو أمر لا يخفيه أي مسؤول في دولة الاحتلال.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى