أقلام وأراء

صادق الشافعي يكتب – مصر والعراق والأردن … خطوات في الاتجاه الصحيح

صادق الشافعي – 10/7/2021

وكأن الدول الثلاث (مصر والعراق والأردن) تسير بعكس التيار السائد في المنطقة العربية والقائم على الخصومات والتباعد والتنابذ ان لم يكن أكثر من ذلك في بعض الحالات.

في 27 حزيران الفائت، عقد الاجتماع الرابع لقادة الدول الثلاث: ملك الأردن ورئيس دولة مصر العربية ورئيس وزراء دولة العراق.

مجرد انعقاد الاجتماع الرابع وعلى المستوى الأول من المسؤولين يؤشر الى نجاح الاجتماعات والاتفاقات التفصيلية التي خرجت عنها، وعلى توفر درجة عالية من التفاهم والاتفاق والرغبة الصادقة بالتعاون.

يؤكد على ذلك ان الاجتماعات الأربعة تمت خلال فترة زمنية قصيرة من جهة ونتج عنها اتفاقات تعاون ثلاثية وثنائية عديدة وفي أكثر من مجال تنموي بالدرجة الأولى، وأنها جاءت واقعية ومحددة وأخذت طريقها باتجاه التنفيذ،والسريع أيضا.

ان الاتفاقات تتكامل أولا في خدمة احتياجات البلدان الثلاثة بشكل عام، ثم يتخصص بعضها في خدمة احتياجات تطور كل بلد منها بشكل خاص.

ثم ان جميعها وفي كل الأحوال لا تتعارض مع أي من دول النظام العربي العام وتوجهاته – التنموية منها بالذات – ولا مع المشاريع التنموية لأي من دوله.

ولا تتعارض مع التوجهات العامة – التنموية وغير التنموية – للنظام العربي ولا مع أي من مكوناته الأساسية، بل إنها تصب في صالح مسيرته الإجمالية والعامة.

وإذا دخلنا ببعض التفاصيل والتخصيص، فإن دولة مصر تستفيد من التحالف الثلاثي ومن الاتفاقات التي دخلتها في توسيع وتسريع وتقوية حركة التنمية الواسعة والطموحة التي تنفذها على اتساع مناطقها وأراضيها.

وتستفيد منها بالمعنى السياسي والوطني في المعارك التي تخوضها سواء في مواجهة حركة الإخوان المسلمين وفي محاربتها للإرهاب، او في معركتها الأساسية/ المصيرية في مواجهة مشروع «سد النهضة» الذي تنفذه أثيوبيا على النيل الأزرق وبما يشكله من مخاطر حقيقية على الدولة المصرية ودورها في المنطقة، وعلى حياة أهل مصر.

ويستفيد منها العراق بالاستقواء بها وبإمكانياتها، والاستفادة من خبرات دولها في نضاله الداخلي لفرض الاستقرار والأمن على جميع الأرض والمناطق العراقية، وفي مواجهة الوجود والتدخلات الخارجية من أكثر من جهة ولأكثر من سبب ومطمع.

وكذلك يستفيد منها في عودته وعودة دوره المركزي الفاعل في النظام العربي العام، وفي الوقوف بوجه رغبات التدخل في شؤونه الداخلية من بعض الدول المجاورة.

كما يستقوي بها في المعارك التي تؤشر لها أطماع تلك الدول ومحاولات استغلالها لوجود منابع ومصادر الأنهار في أراضيها واستغلالها في والتأثير والتحكم في حصة العراق وفي مسارها الذي يمر طويلا في أراضي العراق قبل ان تصب في خليجه.

وتعبر تلك الأطماع عن نفسها بتدخلها في شؤون العراق الداخلية وفي دعمها لقوى محلية للتعاون معها في تنفيذ تلك الأطماع والتدخلات.

أما الأردن، فيستفيد من الاتفاقات في سد وتوفير وتأمين احتياجات ضرورية للدولة ولشعبها، وفي برامجها ومشاريعها لتطوير البلد وتلبية احتياجات أهله. إضافة الى دعم صمود الأردن وقدراته على القيام بمسؤولياته في رعاية الأماكن المقدسة في الأراضي الفلسطينية المحتلة وفي المواجهة والتصدي لأطماع دولة الاحتلال فيها.

وبشكل مبدئي وربما كبداية للتعاون والتوجه لتطويره فإن المجالات الغالبة حتى الآن، تتركز في مجالات النفط والكهرباء والمسالك البحرية بين البلدان الثلاثة، ولكنها تبدو واعدة للتطور والذهاب باتجاهات ضرورية أخرى.

أما إذا انتقلنا من الاستفادة الخاصة لكل بلد من البلدان الثلاثة كما تقدم، الى النظرة الأوسع والى ما تعد به إذا ما استقرت وتطورت العلاقات بين هذه الدول من تأثير على الحال العربي العام، وصولا الى التأثير على الحال غير المرضي في كثير من الأقطار العربية.

فإننا نجد أنفسنا أمام آمال ووعود واسعة، ضرورية، وواقعية.

أول هذه الآمال والوعود تذهب باتجاه استعادة دور العراق كنظام رئيسي مؤثر وفاعل في عموم النظام العربي، وفي تطوير وتفعيل هذا النظام العام كما هو ممثل في جامعة الدول العربية وتطوير دورها وفعلها في الواقع العربي ودوله بشكل عام.

لماذا لا نأمل مثلا بأن يكون أول الأدوار التي يقوم بها هذا التحالف هو باتجاه سورية وأهلها ودولتها ويفتح أبواب التفاهم ثم التعاون معها وهي في حاجة ماسة لها، في أكثر من مجال وأكثر من مستوى.

ولماذا لا تكون الخطوة الأولى في هذا الاتجاه تبني التحالف المذكور لفكرة ومشروع عودة الدولة السورية الى موقعها الطبيعي في جامعة الدول العربية.

لا يمكن تجاهل وجود معيقات وموانع في طريق هذا التحالف، لكن المؤشرات الواقعية ما زالت تدعو الى الأمل والتفاؤل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى