أقلام وأراء

شاكر زلوم يكتب – الإخوان المسلمون , ما بين الطبع والتطبع والتطبيع .. الجزء الأول

بقلم شاكر زلوم – 25/12/2020

لم أتفاجأ من مواقف جماعة الإخوان المسلمين في المغرب ولا من مواقف ذات الجماعة في تونس من التطبيع مع العدو الصهيوني, لفهم مواقف الجماعة لا بد من  العودة لنشأتها, كيف تم تأسيسها في العام 1928في مدينة الاسماعيلية إحدى مدن قناة السويس الثلاث, في الإسماعيلية  يقع مقر قيادة شركة قناة السويس وقيادتها بذلك الحين كانت بريطانية وتدار من قبل المخابرات البريطانية نظراً لأهمية قناة السويس, التي تربط البحر الأبيضالمتوسط بالبحر الأحمر, ولما تمثله كشريان اقتصادي للغرب حيث ينقل النفط المنهوب من بلادنا لبلاد الإستعمار, وكما دورها الهام للتجارة ما بين القارات,

ملابسات نشأة جماعة الاخوان المسلمين.

في عام 1919 حصلت  ثورة وطنية مصرية ضد الإحتلال البريطاني الداعم لملك مصر المستبد فاروق الثاني, كانت ثورة وطنية مصرية, سميت فيما بعد  بثورة 1919 شارك بها المسلم مع المسيحي تحت شعار,

“ثورة “عناق الهلال مع الصليب” ضد الاحتلال الانجليزي في مصر, كما شاركت بها المرأة لأول مرة في التاريخ المصري الحديث.

استطاعت هذه الثورة أن تحقق بعض اهدافها بالحد من صلاحيات الملك من خلال نصوص أول دستور وطني مصري, دستور كتب بدماء الشهداء المصريين, كان وقود هذه الثورة طلبة الجامعات والمدارس الثانوية.

لم يرق الحال لبريطانيا في حينه فوحدة المجتمعات تخيفها وهي صاحبة سياسة فرق تسد, بريطانيا خبيرة بصناعة الأديان والمذاهب,

ففي القرن الثامن عشر صنعت الدين الوهابي في شبه جزيرة العرب ومكنته من الحكم من خلال التحالف بين الوهابية مع بني سعود وفق ميثاق الدرعية والذي كان شعاره الدم الدم .. الهدم الهدم

بنو سعود هم يهود أقحاح , كتب عن أصولهم اليهودية, الشهيد ناصر السعيد, ولأن موضوع مقالي هو جماعة الاخوان المسلمين فلن استفيض في الحديث عن الوهابية, كوني تطرقت لها بمقالات سابقة لكن استئناسي بتأسيس الوهابية يأتي من قبيل الاشارة لتاسيس بريطانيا للجماعات الدينية ومنهم جماعة الاخوان المسلمين.

في عشرينات القرن المنصرم تنامى المد الوطنيّ في مصر فكان الدهاء البريطاني, إذ قررت بريطانيا تاسيس جماعة متاسلمة باسم جماعة الإخوان المسلمين لكسر شعار وحدة الهلال والصليب وبهدف تفتيت المحتمع المصري بداية والمجتمعات العربية والاسلامية لاحقاً ولمواجهة الثورة البلشفية التي ابتدأت تتمدد وتنتشر في العقد الثالث من القرن المنصرم .

حددت المخابرات البريطانية المهام الوظيفية لهذه الجماعة  ومولتها بمبلغ كبير في حينه, كانت أولى مهمات هذه الجماعة الإجهاز على ما تحقق من انجاز تمثل في دستور 1923

في عام 1928 قامت المخابرات البريطانية من خلال شركة قناة السويس التابعة لبريطانيا بدفع مبلغ 500 جنيه لحسن البنا, مؤسس جماعة الإخوان المسلمين وهذه معلومة موثقة ومؤكدة ولم تنفها جماعة الإخوان, لم تمارس جماعة الاخوان المسلمين أي نشاط سياسي لمدة عامين حيث انصب نشاطها على بناء تنظيم جديد مبني على قاعدة السمع والطاعة, دون إعمال للعقل, تاجرت الجماعة بالدين وتمكنت من خلاله بخبث الوصول للآلاف في المدن والريف المصري, فكان أمر عملياتها التنفيذي الأول في عام 1930.

الإنطلاقة السياسية الأولى لجماعة الاخوان المسلمين..

في منتصف عام 1930 عين الملك العميل البريطاني, اسماعيل صدقي باشا لرئاسة الوزراء في مصر , كانت الغاية والمهمة الأولى للتعيين هي الغاء دستور 1923 وبالتالي الإجهاز على اهم منجز وطني مصريً, ثار الطلبة في الجامعات ضد هذا التعيين لإدراكهم مقاصد تعيينه, في  ثورة  1919 لم تكن جماعة الاخوان السلمين موجودة فنجحت, بينما في محاولة ثورة 1930 كان للجماعة تنظيم طلابي يمارس دوره في قمع الطلبة المصريين فبينما ثار الطلبة على عميل بريطانيا اسماعيل صدقي باشا ,بدأت جماعة الإخوان تؤيده وتهاجم الطلبة المعترضين عليه, فبعد ان اقتحم طلبة الإخوان المسلمين جامعة الملك فؤاد ونكلوا بالطلبة الأحرار خطب خطيب جماعة الاخوان بالجامعة , مصطفى مؤمن، مثنيا على وعود إسماعيل صدقي في المفاوضة، مستشهدا بالآية الكريمة: {واذكر في الكتاب إسماعيل إنه كان صادق الوعد وكان رسولا نبيا} .

في السياق ساقتبس ما كتبه  صبري أبو المجد للدلالة على دورهم وهو من عاصرهم وصادقهم, كتب:

(وما من مظاهرة خرجت – بعد أن منع إسماعيل صدقي المظاهرات – التي كان يدعو لقيامها يوم أن ألف الوزارة – ما من مظاهرة عارضت وزارة إسماعيل صدقي، إلا وتصدى شباب الإخوان المسلمين لها بالسكاكين والعصي، وانني لأ ذكر يوما دخل فيه طلاب الإخوان المسلمين بقضهم وقضيضهم إلى قاعة الاحتفالات الكبري بجامعة فؤاد – جامعة القاهرة الآن ويضيف :

بعد أن كسروا الأبواب وتم عقد مؤتمر كبير لتأييد إسماعيل صدقي، افتتحه الأخ والصديق المهندس الكبير مصطفى مؤمن بقوله تعالى وهو أصدق القائلين: {واذكر في الكتاب إسماعيل إنه كان صادق الوعد، وكان رسولا نبيا}) [8].

ويضيف “فانظر كيف بلغ تملق الإخوان للحكام أن خلعوا عليهم صفات الأنبياء، رغم اعترافهم بتاريخ صدقي الأسود، أليس هذا استخفافا بالقرآن بالاستدلال به في غير ما أنزل؟.”

في مقال سابق لي كان بعنوان, ” جماعة الإخوان المسلمين والوصايا العشرة لكبير كهنة معبدهم,

يمكن لمن يرغب بالنقر هنا  لقراءته, أوردت فيه هذه المعلومات عن عضو قيادة التنظيم العالمي لجماعة الإخوان المسلمين راشد الغنوشي:

راشد الغنوشي، رئيس حركة النهضة، فرع جماعة الإخوان المسلمين في تونس، يقول فيه:

لا عداء ل”إسرائيل” في الدستور التونسي الجديد. وقد تناقلت عدة مواقع تونسية على الإنترنت ذلك الخبر، مما أثار التكهنات والتساؤلات عن معناه وتوقيته. وانقسم الجمع بين مشككٍ ومدافع. فقال المشككون أن مثل هذا التصريح، الذي أتى خلال زيارة للعاصمة الأمريكية واشنطن، هو بمثابة رسالة طمأنة للولايات المتحدة والكيان الصهيوني. وقال المدافعون أن الدساتير، التي تمثل إطاراً قانونياً للدول، ليست المكان الصالح لتكريس العداء للصهيونية، وان الدساتير العربية عامة تخلو من مثل تلك الإشارة

وفي سياق متصل صرح الغنوشي في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى في 30/11/2011 والمعهد المذكور هو من اهم المراكز البحثية الصهيونية المؤثرة في الولايات المتحدة، من موقع المعهد على الإنترنت وردت أقوال الغنوشي:

– أولاً: موقف الولايات المتحدة من [الحاكم التونسي السابق] بن علي كان أفضل من موقف حلفائها الأوروبيين، فوزارة الخارجية الأمريكية أصدرت عدة تقارير حول انتهاكات حقوق الإنسان والتعذيب في تونس، لكن السياسة الأمريكية لم تذهب أبعد من الإدانة اللفظية باتجاه الضغط السياسي والاقتصادي.

– ثانياً: لقد كانت هناك عدة ثورات عربية ناجحة في العالم العربي، وأخرى في طريقها إلى النجاح.  لعل الوقت قد حان لنهاية الجمهوريات العربية القديمة، والعام القادم سيكون عام نهاية الملكيات.  فقد أجبرتهم الثورات على مواجهة خيارات صعبة.  إما أن يعترفوا بأن وقت التغيير قد حان، أو ان التغيير لن يتوقف عند حدودهم لمجرد أنهم ملوك. فالشبيبة في السعودية لا يرون أنفسهم أقل استحقاقاً للتغيير من نظرائهم في تونس أو سوريا.

– ثالثاً: اعتبر موقف الولايات المتحدة من الثورات (الربيع العربي) إيجابياً، وهذا أحد العوامل الذي يمكن أن يسهل العلاقة بين الإسلام والغرب بعد كل التشويه لصورة الإسلام الذي أحدثه الإرهابيون.

– رابعاً: بالنسبة للحرب على الإرهاب، لقد كنت ممنوعاً من دخول الولايات المتحدة مع أني وحركتي لم نصنف أبداً كمنظمة إرهابية، وبسبب هذه الثورات، أنا أجلس بينكم الآن، وأتمتع بسعة صدركم للحوار، ولهذا أنا ممنونٌ لشهداء تلك الثورات وللمواقف الإيجابية منها.

– خامساً: بالنسبة للنزاع الفلسطيني- الإسرائيلي، فإن تلك مسألة معقدة لم تحل مع أن معظم الفلسطينيين قبلوا فكرة حل الدولتين، واليوم هذه المسالة تعني الفلسطينيين والإسرائيليين أكثر من أي طرف أخر، وأنا معني بتونس، الجميع معنيون بمصلحتهم الخاصة، وأنا مصلحتي تونس, كأن مصلحة تونس لا تكون الآ بالتطبيع مع الصهاينة!..

– سادساً: لا أنكر أن موقفي قد تطور، وأنا فخور بأن موقفي قد تطور لأنني إنسان في النهاية، ولدي وثائق تثبت بأني رفضت أن أصنف الولايات المتحدة “الشيطان الأكبر”

سابعًا: رداً على سؤال: السفير الأمريكي في تونس قال مؤخراً بأن تونس في ظل النهضة ستكون أقل شبهاً بغزة في ظل حماس وأقرب لتركيا حليف الناتو.  هل تستطيع أمريكا أن تتوقع أن تونس في ظل النهضة ستكون مثل حليف للناتو؟

– ثامناً: تونس الآن لديها لجان تنسيق مع الناتو على عدة مستويات، وليست لدينا نية لإلغائها، وتونس لديها اتفاقيات تجارة حرة مع الاتحاد الأوروبي، الذي يشكل الجزء الأعظم من الناتو.

تاسعاً: رداً على سؤال حول ما إذا كان الدستور التونسي سيتضمن بنداً يحظر العلاقات مع إسرائيل أو الصهاينة؟

–  ليس هناك ذكر لقطع إمكانية نشوء علاقات مع إسرائيل في برنامجنا.  وما أشرت إليه هو وثيقة وقعتها أحزاب المعارضة ومنها النهضة.  لكن الدستور يجب أن يتعامل فقط مع السياسات طويلة المدى التي تؤثر على تونس، والنزاع العربي-الإسرائيلي ليس واحداً منها.

عاشراً: رداً على سؤال: يوجد في السجل تصريح لك أن حكومة حماس في غزة نموذج للديموقراطية، ألا زلت تعتقد هذا؟

– لا أذكر إطلاق مثل هذه التعليقات حول حماس.  لكن ما لا يمكن إنكاره هو أن حماس منتخبة بشكل ديموقراطي، وبالتالي فإنها حكومة شرعية.

هذه هي الوصايا العشرة التي تقدسها جماعة الإخوان المسلمين فالغنوشي هو عضو التنظيم الدولي لجماعة الاخوان المسلمين, للعلم لم يرد أي استنكار لأقواله وأفعاله من أي جماعة من جماعات الإخوان المسلمين بمن فيهم الجماعة في فلسطين,, أما عن ممارسات هذه الجماعة في باقي البلدان العربية فسأتناوله في مقال لاحق.

ما حصل في المغرب من تطبيع وبمباركة جماعة الإخوان لا يخرج عن الدور الوظيفي الذي تقوم به هذه الحركة الصهيونية التي تتسربل بالاسلام دون خجل ولا خوف من غضب الله ولعنة الوطن.

أعلم أن كثرا من اعضاء هذه الجماعة, طيبوون وبسطاء, يظنون انهم بانتمائهم لها يحسنون عملاً لكن هذا لا يعفيهم من المسؤولية أمام الله والوطن من التحقق من طبيعة الجماعة التي ينتمون اليها, فخيانة الأوطان كبيرة لا تمحيها صلاة ولا قيام ولا حج ولاصيام.

أكتب ما اكتب لإدراكي ان كثر من عناصر هذه الجماعة يجهلون حقيقتها ولا يدركون الدور الخطير الذي قامت به سابقاً وتقوم به الآن وستقوم به هذه الجماعةلتقدير خطرها على أمتنا وأوطاننا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى