أقلام وأراء

سياسة الإهمال الطبي المتعمد بحق الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين

علي ابو حبلة

علي ابو حبلة 13-1-2022

إن سياسة الإهمال الطبي هي واحدة ضمن العديد من الانتهاكات التي تمارسها سلطات الاحتلال بحق الأسيرات والأسرى الفلسطينيين،

ويبلغ عدد الأسرى الفلسطينيين المرضى في سجون إسرائيل نحو 600 أسير، بينهم 4 مصابون بالسّرطان و14 أسيرا مصابون بأورام بدرجات متفاوتة. وحتى نهاية ديسمبر/ كانون الأول 2021، بلغ عدد الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين في سجون الاحتلال، قرابة 4600، بينهم نحو 500 أسير إداري و34 أسيرة و160 قاصرا، وفق مؤسسات معنية بشؤون الأسرى.
وقد طرأ تدهور خطير على الوضع الصحي للأسير الفلسطيني بسجون إسرائيل ناصر أبو حميد (49 عاما)، المصاب بالسرطان. وإن «تراجعا جديدا طرأ على الوضع الصحي للأسير أبو حميد في مستشفى برزلاي الإسرائيلي». وأشار نادي الاسير إلى أن «إدارة سجون الاحتلال تبلغ الأسرى أن هناك خطر شديد على حياته». والأسير «أبو حميد» من مخيم الأمعري، معتقل منذ عام 2002 ومحكوم بالسجن 7 مؤبدات (مدى الحياة) و50 عاما، بتهمة مقاومة الاحتلال والمشاركة في تأسيس «كتائب شهداء الأقصى» التابعة لحركة «فتح». وهو أحد 5 أشقاء يقضون عقوبة السجن مدى الحياة في سجون إسرائيل، وهدمت قوات الاحتلال منزلهم مرات عديدة، وحُرمت والدتهم من زيارتهم لسنوات.
إن أثر سياسة الإهمال الطبي يمتد ليطال الأسرى المحررين بعد الخروج من السجن، حيث سقط العديد من الشهداء بعد تحررهم من الأسر نتيجة للإهمال الطبي الذي تعرضوا له أثناء فترة الاعتقال، لتفاقم الأمراض التي أصابتهم أثناء الاعتقال وعدم تلقيهم العلاج اللازم في حينها.
تُمعن سلطات الاحتلال بانتهاك حقوق الأسرى المكفولة بموجب الاتفاقيات والمواثيق الدولية فيما يتعلق بحق المعتقلين بتلقي العلاج اللازم والرعاية الطبية، حيث كفلت اتفاقية جنيف الرابعة في المواد (76) و(85) و(91) و(92) حق الأسرى بتلقي الرعاية الطبية الدورية، وتقديم العلاج اللازم لهم من الأمراض التي يعانون منها، وتنص على وجوب توفير عيادات صحية وأطباء متخصصون لمعاينة الأسرى، حيث تتنصل سلطات الاحتلال من التزاماتها بموجب المواثيق الدولية مما يؤدي إلى تفاقم الأوضاع الصحية للأسيرات والأسرى.
إن الظروف القاسية التي يواجهها الأسيرات والأسرى الفلسطينيين داخل السجون تزيد من معاناة الأسرى المرضى وتفاقم حالتهم الصحية، كما وتؤدي بالضرورة إلى وجود حالات مرضية جديدة نتيجة لعدم توفر بيئة صحية ومناسبة للعيش الآدمي، حيث تؤثر بيئة السجن على ازدياد الحالات المرضية، فمعظم السجون هي سجون قديمة ولا تتفق مع المعايير الدولية من حيث مساحتها وبنائها العمراني، وتنتشر فيها الحشرات والقوارض، بالإضافة إلى تنصل إدارات السجون من التزاماتها إزاء الاحتياجات الشخصية والعامة.
كما ويعاني الأسرى من الإصابات التي تعرضوا لها وقت الاعتقال أو أثناء التحقيق أو نتيجة لتعرضهم لقمع الوحدات الخاصة، مما يزيد من أعداد الأسرى المصابين والمرضى الذين لا يتلقون علاج لازم وفوري يضمن عدم تفاقم حالتهم، ويخضعون لسياسة مصلحة السجون في المماطلة بتقديم العلاج والرعاية الطبية المتخصصة مما يؤدي وأدى إلى ارتقاء شهداء منهم .
لا تكتفِ سلطات الاحتلال بممارسة سياسة الإهمال الطبي بحق الأسرى بل وتبقي على جثامين الأسرى الشهداء محتجزة لديها، إن سلطات الاحتلال مع استمرارها بممارسة سياسة الإهمال الطبي بحق الأسيرات والأسرى الفلسطينيين وفي ظل ارتقاء شهداء من الحركة الأسيرة نتيجة لهذه السياسة فإنها تنتهك كافة الأعراف والمواثيق الدولية التي تكفل حق الأسرى بتلقي العلاج اللازم وعدم التعرض للتعذيب والتنكيل، وتتنصل من التزاماتها بموجب المواثيق الدولية كقوة احتلال ملزمة بضمان سلامة المعتقلين وتقديم الرعاية الطبية لهم. مما يتطلب تدخل المؤسسات الدولية وفي مقدمتها مجلس حقوق الإنسان لمسائلة قادة الكيان عن ارتكابهم جرائم حرب بحق الأسرى والمعتقلين وخاصة المرضى منهم.

 

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى