أقلام وأراء

سميح صعب: هل في إمكان ليوبارد 2 تقصير أمد الحرب؟

سميح صعب 20-1-2023م: هل في إمكان “ليوبارد 2” تقصير أمد الحرب؟

في نهاية المطاف سيجد المستشار الألماني أولاف شولتس نفسه مضطراً إلى الموافقة على إرسال دبابات ثقيلة من طراز “ليوبارد 2” إلى أوكرانيا. الضغط الذي تمارسه أميركا وبريطانيا لهذه الناحية هائل. واستبدال بوريس بستوريوس بوزيرة الدفاع كريستين لامبرخت يحمل علامات التراجع الألماني أمام الضغوط الغربية.

وحملة الضغوط نفسها تصور الآن أن النصر الأوكراني على روسيا متوقف على “ليوبارد 2″، التي من دونها لن يكون في إمكان الجنود الأوكرانيين حماية أنفسهم ولا الاستمرار في الهجمات المعاكسة المتوقعة في الربيع لطرد القوات الروسية من كامل الأراضي الأوكرانية بما فيها جزيرة القرم.

لماذا التركيز على دبابات “ليوبارد 2” من دون غيرها؟ أولاً لأن هذه الدبابات هي الأكثر استخداماً من دول حلف شمال الأطلسي. هناك 13 دولة أطلسية تستخدم هذا الطراز الألماني من الدبابات. وقد أبدت بولندا وفنلندا استعدادهما لإرسال ما يملكان بحوزتهما من “ليوبارد 2” إلى أوكرانيا، لكن ذلك يحتاج إلى موافقة ألمانية.

ثانياً، لأن بريطانيا الأكثر حماسة لتزويد كييف بالدبابات لا تملك في ترسانتها إلا القليل من دبابات “تشالينجر 2” فقررت إرسال معظمها وعددها 14 دبابة إلى أوكرانيا، كي تشجع الدول الغربية الأخرى، لا سيما ألمانيا، على حذو حذوها.

ثالثاً، تبين أن الدبابات الأميركية من طراز “أبرامز” التي تعمل على التوربينات لا تصلح كثيراً للأراضي الأوكرانية. ومع ذلك فإن أميركا في الطريق لإرسال دفعة من دباباتها بعدما كانت المُبَادِرة إلى إرسال عربات مدرعة من طراز “برادلي” للمساعدة في الهجوم الأوكراني المنتظر في الربيع. وفرنسا أيضاً أرسلت عربات خفيفة من طراز “أي آر إم إكس-10″، يمكن أن تساعد في حماية الجنود الأوكرانيين وتسهل حركتهم عندما يحين موعد الهجوم.

هذه النقلة في المساعدات العسكرية الغربية ترتبط كلها بالحديث عن أسرع طريقة لإنهاء الحرب هي في تسريع الانتصار الأوكراني على روسيا. ولا يمكن أوكرانيا أن تحقق هذا النصر من دون السلاح الغربي الذي أثبت فاعليته في الهجمات المعاكسة التي شنتها كييف في خاركيف وخيرسون وزابوريجيا ولوغانسك ودونيتسك في الصيف.

وفي التقديرات الغربية أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يبني كل حساباته على تطويل أمد الحرب. ذلك، أن أوكرانيا لن تستطيع تحمل حرب استنزاف طويلة لا بشرياً ولا مادياً. كما أن الغرب بدوره الذي يشعر بالإنهاك الاقتصادي نتيجة الحرب يخشى من أن تؤدي إطالتها إلى تورط غربي مباشر فيها. وهذا ما لا يرغب فيه حتى أكثر المؤيدين لأوكرانيا.

وخلافاً للحسابات الروسية، يأخذ الغرب في الاعتبار أن الضغط العسكري على روسيا، وليس بالضرورة إلحاق هزيمة استراتيجية بها، هو السبيل الوحيد لإقناع بوتين بأن مغامرته في أوكرانيا قد فشلت، ويترتب عليه تالياً أن يقدم تنازلات مؤلمة من أجل إنهاء النزاع.

تزويد أوكرانيا بالسلاح لحسم الميدان مترافقاً مع العقوبات الاقتصادية القاسية التي بدأت تؤثر في الاقتصاد الروسي ولو بأشكال محدودة، هما الرهانان الغربيان الأساسيان لإنهاء الحرب في الأشهر المقبلة وعدم فسح المجال أمام بوتين كي يتنفس الصعداء ويزج بأفواج جديدة من الجنود في الحرب، وربما اللجوء إلى استخدام أنواع متقدمة من السلاح، أو حتى توريط حلف شمال الأطلسي مباشرة في النزاع.

وهكذا، لكل من الغرب وروسيا رهانات متضادة، يبقى اختبارها الحقيقي في الميدان. وقد تكون ضراوة المعارك الدائرة الآن في سوليدار وباخموت لا شيء أمام ما ينتظر الجبهات في الربيع.

في خضم هذا الاحتدام الروسي – الغربي، كيف يمكن لأولاف شولتس، أن يستمر في مقاومة الضغوط والتزام التردد حيال تزويد أوكرانيا بالدبابات؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى